الجمعة, سبتمبر 6, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالبعث بين رسم السياسات والتدخل في تفاصيل الإدارة

البعث بين رسم السياسات والتدخل في تفاصيل الإدارة

هاشتاغ- عبد الرحيم أحمد

في الاجتماع الموسع الأخير للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي طلب الرئيس بشار الأسد الأمين العام للحزب من اللجنة المركزية الجديدة مراجعة علاقة الحزب بالسلطة بوصفه حزباً حاكماً والتركيز على رسم السياسيات ما فوق الحكومية والابتعاد عن الانغماس بالتفاصيل اليومية للعمل التنفيذي الذي تختص به الحكومة في إطار تطوير آليات عمل الحزب وعلاقته بالسلطة.
الهدف من ذلك بحسب ما أوضحه الأمين العام، تصويب علاقة الحزب بالسلطة وحمايته من “إشكالات العمل الإجرائي اليومي الذي تقوم به الحكومة، وبالتالي تحميل الحزب مسؤوليات لا يحملها، بنفس الوقت لا يجوز أن يقوم الحزب بتحميل مسؤولياته إلى الحكومة”.
لكن حتى اليوم بعد مرور ما يزيد على شهرين من انتخاب اللجنة المركزية وتولي القيادة المركزية الجديدة مهامها ما زالت القيادة الجديدة تسير على نهج القيادة السابقة في الانخراط والتدخل بالعمل التنفيذي من تعيينات وإعفاءات يفترض بحسب القانون والدستور أنها من اختصاص جهات أخرى، ولم يتم اتخاذ خطوات باتجاه الاكتفاء برسم السياسات ومراقبة أداء السلطة التنفيذية لهذه السياسات.
على سبيل المثال، قد يكون مضمون قرار القيادة المركزية للحزب قبل أيام إقالة رئيس نقابة المهندسين الزراعيين صحيحاً وصائباً مئة في المئة، وقد تكون موجباته ضرورية جداً، لكن ذلك لا يعني أن يتم ذلك بشكل مخالف للقانون أو الدستور، بل ينبغي أن يتم ذلك وفق قانون النقابات ونظامها الداخلي الذي ينظم آلية انتخاب رؤساء النقابات وسحب الثقة منها.
فالنقابات كما ورد في الدستور في مادته العاشرة: “المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، هيئات تضم المواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها، وتضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية ومشاركتها في مختلف القطاعات والمجالس المحددة في القوانين، وذلك في المجالات التي تحقق أهدافها، ووفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون”.
وينظم عمل النقابات قانونها ونظامها الداخلي الذي يمنح المؤتمر العام صلاحية انتخاب المجالس التنفيذية للنقابات والتي بدورها تنتخب المكاتب التنفيذية وتسحب الثقة منها، والمؤتمر العام والمجالس والمكاتب التنفيذية هي صاحبة القرار في سحب الثقة من النقيب وتكليف نائبه لحين انتخاب بديل عنه.
وعن هذا الموضوع قال خالد فهد حيدر وهو بعثي ورئيس سابق للمركز الثقافي في بانياس لسنوات عدة في رد على أسئلة “هاشتاغ” إن “القيادة المركزية تمتلك صلاحيات واسعة، لكن صلاحيات تغيير وتعيين رؤساء النقابات وحتى أعضاء مجالسها هي حق حصري للمؤتمرات والمجالس من الناحية القانونية، ولكن مؤكد أن القرار لها (القيادة) في توجيه الأعضاء الحزبيين في هذه المؤتمرات لعقد مؤتمرات استثنائية وتغيير رئيس النقابة وعلى مسؤوليتها”.
بينما قال طارق الأحمد العميد في الحزب السوري القومي الاجتماعي وهو أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع البعث إنه “يجب العودة إلى قانون النقابة نفسه.. هل قانون النقابة انتخاب أم تعيين، وبالتالي الآليات القانونية تظهر بالعودة إلى قانون النقابة نفسها”.
لقد شخّص الرئيس الأسد في كلمته أمام اجتماع اللجنة المركزية المشكلات التي يعانيها حزب البعث ودعا إلى معالجة الأخطاء والتراكمات لتطوير الحزب ليس نزولاً عند ضغوط خارجية بل انطلاقاً من الإيمان المطلق بضرورتها كـ “حاجة حزبية، حاجة وطنية، حاجة طبيعية”، مركّزاً على أن “علاقة الحزب بالسلطة هي عنوان يجب أن يكون من العناوين الأولى”، التي ينبغي أن تناقشها اللجنة المركزية للحزب وتحديد دور الحزب ودور السلطة التنفيذية.
وعن هذا الموضوع أكد الأحمد في رد على أسئلة “هاشتاغ” أن “تغيير مقاربة حزب البعث فيما يتعلق بتعيين القيادات أو النقابات والإدارات هو في صلب توجيهات الأمين العام وصلب سعيه لتغيير هذا النمط من العلاقة، بالتالي من الضروري على قيادة حزب البعث الجديدة أن تأخذ بتوجيهات الأمين العام وتنخرط في ورشة عمل تعيد من خلالها النظر في آليات عملها وتترجم توجيهاته وتنظر في نوعية القرارات التي يحق لها أن تأخذها والقرارات الأخرى التي يجب أن تبتعد عنها إذا كانت مخالفة للدستور أو لتوجيهات الأمين العام”.
حيدر أكد أنه “يحق لحزب البعث بوصفه حزباً حاكماً الدفع بكوادره إلى مختلف مفاصل الإدارة التنفيذية الحكومية ومختلف مستويات الإدارة المحلية بطريقة ينبغي أن تكون متوائمة مع أحكام الدستور والقانون ومتوافقة مع اللوائح التنظيمية للإدارة”.
وأضاف أن من “المهام العاجلة البدء بورشات عمل داخل الحزب حول العلاقة بين الحزب والسلطة، وعلى حد علمي لم تبدأ القيادة المركزية بحوار كهذه مع قناعتي بأن ذلك لن يتأخر وخاصة أن الأمين العام للحزب قد وجه بذلك”، مشيراً إلى أن على القيادة “البدء بحملة من المراجعات تمهيداً لقواعد صارمة تحدد الصلاحيات والمهام بدقة، وذلك لمصلحة الحزب ومصلحة الوطن”.
الأمر نفسه دعا إليه الأحمد، مقترحاً إقامة “ورشات عمل حوارية عامة يشترك فيها أصحاب الرأي والمبادرات، الناشطون الأفذاذ، وليس أن تكون ورشات عمل تقليدية”، والعمل بشفافية ووضوح في الحديث والمراجعة وخصوصاً أن هذا الأمر “لا يرتبط بحزب البعث فقط بل بأحزاب الجبهة وعامة الشعب”.
حيدر نبّه إلى أهمية فصل المسؤوليات، “فليس وارداً أصلاً أن يمارس أمين الفرع (الحزب) مهام وصلاحيات المحافظ، فالمحافظ هو ممثل رئيس الجمهورية من جهة ورئيس المكتب التنفيذي من جهة أخرى وهو عضو قيادة فرع حتماً، وبالتالي يمكن من خلال ذلك متابعة عمل أجهزة المحافظة والتدخل عبر المحافظ للتصويب والتعديل المراجعة”.
مراجعة علاقة حزب البعث بالسلطة وفق ما وجه به الأمين العام للحزب رئيس الدولة، يشكل أولوية في المرحلة الراهنة وخصوصاً أن الدولة تعيد النظر في مجمل القوانين التي مضى على إصدارها عقود كي تتواءم مع دستور البلاد الذي تم تبنيه عام 2012.
مقالات ذات صلة