وصفت صحيفة “التايمز” البريطانية التقارب التركي السوري بأنه “ضربة للمعارضة السورية، وذلك بعد أن “مد أردوغان يد الصداقة للأسد” حسب وصفها.
وأشار تقرير للصحيفة البريطانية إلى أن تركيا، وهي آخر حليف قوي للمعارضة السورية، تعمل على تغيير مسارها، وتتجه نحو المصالحة مع دمشق.
والتقى وزيرا الدفاع التركي والسوري في موسكو الأسبوع الماضي، وهو أول اجتماع على المستوى الوزاري منذ 2011. ومن المتوقع أن يجتمع وزيرا الخارجية هذا الشهر، وألمح الرئيس أردوغان إلى استعداده للقاء الأسد.
ونقل التقرير عن رامي الجراح، وهو من أوائل المعارضين السوريين الذين غردوا عن الاحتجاجات في دمشق قبل 12 عاماً، ويعيش الآن في المنفى في ألمانيا، قوله إن هذا التحول “ليس مفاجأة، لكنه لا يزال صفعة كبيرة في وجه أولئك الذين يتطلعون إلى سوريا الحرة” حسب وصفه.
ومع ذلك، يعتقد أن الشتات السوري في تركيا قد ارتكب أخطاءً أيضاً. وقال: “تعامل السياسيون والناشطون والصحفيون السوريون مع تركيا كدولة الحزب الواحد واستبعدوا إقامة علاقات مع أحزاب المعارضة التركية. أدى ذلك إلى استياء تجاه السوريين من الأتراك الذين يعارضون أردوغان، وترك مصيرهم في نهاية المطاف في يد سياسي براغماتي واحد”.
ولفتت التايمز إلى أن الرئيس الروسي بوتين يدفع باتجاه المصالحة، ولكن رغم ذلك فإنه لدى أردوغان دوافعه الداخلية الخاصة.
وأضافت أن هناك غضبا متزايدا في تركيا بشأن استضافة 3.6 مليون لاجئ سوري، وتُظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الأتراك يريدون رحيلهم، وهو الأمر الذي طالبت به أحزاب المعارضة العلمانية التركية، الأكثر تعاطفاً مع الأسد، منذ فترة طويلة.
وأشارت التايمز إلى أن أردوغان كان يرحب في البداية بالسوريين ومنفيي الربيع العربي الآخرين، وهم بدورهم أيدوه إلى حد كبير، “حتى عندما انزلق نحو نوع من الاستبداد”.
ويعتقد الأتراك، بحسب الصحيفة، أنه إذا بقي السوريون وحصلوا على الجنسية التركية، كما حصل بالفعل مع مئات الآلاف، فسيصبحون كتلة انتخابية مهمة ستزيد الأصوات في المستقبل لمصلحة أردوغان.
وتضيف أنه ومع تصاعد مشاكل تركيا الاقتصادية وانقلاب المد السياسي في المنطقة ضده، سعى أردوغان إلى إعادة بناء الجسور مع جيرانه وتقديم نفسه على أنه القائد الذي سيعيد السوريين إلى بلادهم.
وذكرت التايمز بلقاء أردوغان في الأشهر الأخيرة بقادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقيامه بمبادرات تجاه مصر.
وأضافت أنه أعاد العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل”، بعد سنوات من الخلافات حول علاقات تركيا مع حماس ومعاملة “إسرائيل” للفلسطينيين. لكن سوريا ، كما يرى تقرير التايمز، تبقى الجائزة الحقيقية.
وقال عمر أونهون، آخر سفير لتركيا في سوريا (2012)، للصحيفة: “المصالحة مع مصر تجعل الدبلوماسيين سعداء.. لكن بالنسبة للناس العاديين، فهي ليست مهمة. سوريا فريدة من نوعها لأن مشاكلها تؤثر على الناس في الشارع في تركيا بشكل مباشر وخاصة قضية اللاجئين. قد يؤثر ذلك حتى على كيفية تصويت الناس”.
واعتبرت التايمز أن عمق وتعقيد الصدع، الذي يشمل دعم تركيا للميليشيات الإسلامية وتعاون الأسد مع المقاتلين الأكراد، يعني أن المصالحة الكاملة ستكون عملية طويلة وصعبة. ومن غير المرجح أن يغادر اللاجئون تركيا بسرعة، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق.
وأضاف أونهون: “ليس لتركيا تحديد متى وكيف ينبغي أن يعودوا. سوريا هي مصدر المشكلة وستكون أيضاً مصدر الحل. لكن النظام وعقليته لا تزال كما كانت في عام 2011”.
ويعتمد السياسيون الأتراك من جميع الأطياف على القضية نفسها. وأسس أوميت أوزداغ، القومي المخضرم، بحسب التايمز، مؤخراً “حزب النصر” على قضية طرد اللاجئين فقط.
وسيحضر كمال كيليغدار أوغلو، زعيم حزب المعارضة الرئيسي والمنافس المحتمل لأردوغان على الرئاسة. “مراسم الإعادة إلى الوطن” في إسطنبول في نهاية هذا الأسبوع.. حيث يستقل السوريون حافلة للعودة إلى وطنهم، أمام كاميرات التلفزيون.
وتشير الصحيفة إلى أنه إذا تمكن أردوغان من مقابلة الأسد قبل الانتخابات في يونيو/حزيران، فسيكون قد انتهز فرصته الذهبية.
ويوافق مصطفى قربوز، الأستاذ في الجامعة الأمريكية والباحث في المركز العربي بواشنطن. في حديثه للتايمز على أن أردوغان يبيع “فكرة وليس حقيقة”.
وقال: “المعارضة التركية كانت تصوره على أنه إسلامي متشدد لا يستطيع تجاوز حدوده الأيديولوجية. للفوز في هذه الانتخابات الصعبة. يهدف أردوغان إلى إثبات أنه شعبوي براغماتي يمكنه تقديم أي شيء، بما في ذلك وعود زعماء المعارضة بمعالجة أزمة اللاجئين”.