هاشتاغ- إيفين دوبا
أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في قرار جديد، تسليم الدقيق التمويني في المحافظات لأصحاب المخابز التموينية الخاصة “على ضهر السيارة” العائدة لهم في مطاحن ومستودعات “السورية للحبوب” على أن تتحمل المؤسسة أجور التحميل.
يبلغ عدد الأفران الخاصة في دمشق وحدها حسب آخر إحصائية صادرة نهاية 2022 حوالي 44 مخبزاً تتراوح مخصصاتها بين الطن ونصف الطن وتصل إلى 4 أطنان حسب واقع المكان والكثافة والطلب على الفرن، علماً أن كل طن طحين ينتج 1055 ربطة خبز.
القرار الجديد يدعم عمل المخابز الخاصة التي لا توفر الحكومة جهداً في دعمها من “طحين وخميرة ومازوت” واليوم الدور على نقل وحمولة الدقيق من المستودعات والمطاحن إليها.
مدير عام “السورية للحبوب” استغرب صدور القرار وقال إنه لا يعرف به، رغم أن وثيقة اطلع عليها “هاشتاغ” تُظهر أن القرار الجديد جاء بناءً على توصية من “السورية للحبوب”!.
في حين، يقول مدير المخابز مؤيد الرفاعي ل”هاشتاغ” إن القرار كان معمولاً به في بعض المحافظات، واليوم جاء التعميم ليشمل بقية المحافظات.
قرار غير مدروس
يرى خبراء إن القرار الجديد الذي يدعم عمل الأفران الخاصة غير مدروس وبحاجة إلى عناية أكبر؛ إذ إن كل من “السورية للحبوب” و”السورية للمخابز” ليس لديهما رؤية حقيقية وعلمية للمعايير ضمن المخابز والمقصود هنا “دقيق ومازوت وخميرة” فمن غير المعقول أن يتم اتباع معيار واحد لجميع المخابز في حين أن كل مخبز له آلية عمل مختلفة عن الآخر.
ويطرح الخبراء مثالاً :”مخبز يستهلك 45 ليتراً مازوت للطن ومخبز يستهلك 60 ليتراً ويتم محاسبة المخبزين على أساس 60 ليتراً !..
كما أن مخابز المنطقة الشرقية تختلف عن الساحلية وهكذا..فهل يعقل أن يتبع الجميع نفس المعيار؟!”.
أقرأ المزيد: تسعيرة الخبز السياحي والصمون تثير استياء السوريين: مبالغ بها والأولى إعادة خطوط إنتاج المدعوم منها
كذلك يقترح الخبراء وضع معيار لكل مخبز ووضع ضوابط تتم محاسبتهم عليها وعندما يتم وضع هذه الضوابط ربما يتم التخفيف من تواجد المازوت والخميرة والدقيق بالسوق السوداء بعد تشكيل لجنة فنية مختصة للتدقيق بآلية عمل المخابز ووضع معايير وضوابط على مليارات تهدر تحت مسمى الدعم يجب ضبطها.
الدقيق الخاص.. حكاية أخرى
في الوقت نفسه، يسأل مراقبون ماهو وضع الدقيق الخاص المخالف الذي يوزع على الأفران وبخاصة في حلب وحماه، حيث وصلت شكاوى إلى “هاشتاغ” تتحدث عن سوء نوعية الدقيق الذي يؤثر بشكل مباشر على جودة الخبز المنتج، فكيف يتم استلامه وتوزيعه؟
وحسب مصادر “هاشتاغ” فإن مستودع السريان في فرع حبوب حلب مليء بالدقيق الخاص المخالف بالرغم من تشديد إدارة فرع حلب الجديدة وضبط حالات، إلا أن الدقيق الخاص المخالف مازال يُمرر.
والسؤال الذي لا بد من طرحه:” لماذا بقيت طاقات مطاحن الدولة ضعيفة حتى الآن رغم صرف المليارات بحجة إصلاحها؟
واذا علمنا أن حاجة سوريا من الدقيق 5 آلاف طن يوميا، وبالتالي فإن مطاحن دمشق قادرة على تغطية نصف الحاجة فيما لو كانت تعمل بكامل طاقتها (2500طن).
أما لو أن باقي المطاحن العامة في المحافظات تعمل بكامل طاقتها فكان من السهل الاستغناء عن عقود الطحن التي أنهكت المال العام والمواطن وبالتالي ضبط الدعم”.
“أرقامكم وليست أرقامنا”..
بالحديث عن ضبط الدعم، يقول خبير اقتصادي رفض ذكر اسمه ل”هاشتاغ” إن حجم الهدر المتشكل من دعم الخبز يدفع من جيب المواطن، ويرى أن “عجز الموازنة والتضخم سببه الهدر”.
ويقول مدير المخابز ل”هاشتاغ” إن الحديث عن وجود أخطاء متعمدة لتعطيل عمل أفران الدولة ومطاحنها غير دقيق.
كما يؤكد “الرفاعي” إنتاج مليونين و700 الف ربطة خبز يومياً حوالي 53 في المئة منها من إنتاج الأفران الحكومية والباقي من إنتاج الخاص.
يوضح الخبير الاقتصادي: “يدّعون أن تكلفة ربطة الخبز ٥٠٠٠ ليرة سورية.. هذه أرقامكم وليست أرقامنا، وتقول مؤسسة المخابز إن سعر ربطة الخبز 200 ليره وهي تشكل 4 % من تكلفة إنتاجها الحقيقي، وحجم الدعم الحقيقي للخبز 8 ترليون ليرة.
أقرأ المزيد: “السورية للحبوب” تعلن عن عقود لتأمين مادة القمح الطري الخبزي في البلاد
ويقول رئيس الحكومة حسين عرنوس، إن كتلة تقليل العجز التي تحققت من جرّاء تحريك أسعار بعض المواد المدعومة، بلغت ما يقارب 5400 مليار ل.س”.
كذلك يشير الخبير الاقتصادي إلى أنه “تقليلُ عجزٍ ولا أقول “وفراً” عبر “تحريك اسعار المواد المدعومه قراراته صدرت من شهر تماما وتم تقليل العجز 5400 مليار وبحسب تصريح الحكومة رغم تضارب أرقامها فإن اجمالي مبلغ العجز 44 ترليون.. هذه أرقامكم”.
وللتوضيح، يشرح الخبير:”5400 مليار خلال شهر تقليل عجز تشكل سنوياً 64800 مليار إجمالي العجز 44 ترليون يتحقق وفر 20800 مليار، أي أن الهدر الحاصل في الموازنه يدفع من جيوب المواطنين وليس من خزينة الدولة وهذا ما تشير له ارقامكم..
والمنطق الاقتصادي يقول إن كتلة الهدر بالموازنة يجب أن تدفع من وفورات مشاريع إنتاجية تقوم بها الحكومة على اعتبار أن رئيس الحكومة قال إن العجز يتشكل من ديون على الحكومة.. إذاً بفضل الفكر الحكومي الفذ تتم معالجة الأزمات المركبه من خلال الاعتماد على الدين بدلاً من استثمار نقاط القوة التي تملكها سوريا” وفقاً للخبير.
وبالعودة، إلى قرار دعم عمل المخابز الخاصة الأخير، تقول مؤسسة المخابز إن “الحكومة تتحمل 4800 ليرة من تكاليف إنتاج ربطة الخبز.
أقرأ المزيد: مستلزمات الرغيف متوفرة والقرض الروسي لاستيراد القمح من اختصاص التجارة الخارجية
هذا يعني أن المواطن بالحد الأدنى يحصل على دخل شهري مقداره مليون ليره نتيجة دعم الخبز” حسب قول الخبير.
كما يرى أن رقم دعم الخبز مشكوك فيه وهو غير صحيح، ونستطيع أن نحسب تكلفة الربطة من أرقام طرحتها وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة الداخلية.
تكلفة الربطة لا يتجاوز 2700 ليرة سورية تقريباً. وهناك هدر بقيمة 2100ليره سورية عن كل ربطة، أي أن كتلة الهدر اليومي من الخبز تبلغ 11.550 مليار ليرة سورية و”دعم الخبز يدفع من جيب المواطن وليس من خزينة الدولة”، كما يقول الخبير.