هاشتاغ _ مازن بلال
من الصعب رؤية مساحة تسويات في سوريا عموما وسط تعقيدات في التحالفات لكل من روسيا والولايات المتحدة.
فرغم أن رغبة تركيا في إنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كلم داخل سوريا، إلا أن هذا القرار لا يمكنه التوقف في مساحة جغرافية واضحة، فالعملية العسكرية تفتح احتمالات عداء جديد.
ومهما كانت أغراض العملية العسكرية التركية “تكتيكية” حسب بعض التصريحات، فإنها في نفس الوقت تغير من العلاقات ليس في الشمال الشرقي لسوريا فقط بل أيضا باتجاه الغرب السوري.
عمليا فإن رهانات أنقرة تتجه نحو ملء الفراغ الجغرافي بعمق 30 كلم باللاجئين، وهذا الأمر يتطلب أكثر من مسألة ترحيل مجموعة بشرية نحو أرض جديد.
هذا الأمر يحتاج لتنظيم تلك المناطق سياسيا وأمنيا لمواجهة “المجموعات الإرهابية” حسب التعبير التركي.
المؤشرات لمثل هذا العمل تضعنا أمام تحول عميق؛ سيخلف على الأقل خط مواجهة لا يحاصر الأكراد بل سوريا بشكل عام، فالمواجهة عموما تتعامل مع عاملين:
الأول فرض واقع بشكل تدريجي أمام موسكو في أي تسوية يمكن أن تشمل الأكراد، فهناك سعي تركي لإسقاط بعض الأوراق داخل الأزمة السورية والأكراد جزء منها.
ورغم أن هذا الأمر يبدو في ظاهره معاكسا للتواجد الأمريكي في الجزيرة السورية، لكن واشنطن لم تتعامل حتى اللحظة مع الشمال الشرقي سورية وفق حالة سياسية.
تتجنب واشنطن وضع الأكراد ضمن حساب سياسي متكامل داخل الأزمة السورية، فهي تنظر إليهم وفق واقع أمني مرتبط بتواجدها في العراق بالدرجة الأولى، وبكسر أي احتمال لتصبح الحدود العراقية – السورية مسرحا لأنشطة إيرانية حسب ادعائها.
وهذه الحسابات للإدارة الأمريكية مختلفة كليا عن التوجهات الروسية سواء قبل أو بعد الحرب الأوكرانية.
فموسكو ماتزال تبحث عن أوراق تفاوضية بين دمشق و “مناطق الإدارة الذاتية”، وهو ما تعتبره أنقرة شكلا خطيرا يمنح الأكراد شرعية مختلفة.
الثاني هو احتمال الوصول لمرحلة التفاوض بين دمشق وأنقرة، وهذا الاحتمال الذي يبدو بعيدا لكنه الممر الإجباري في حال التوصل لاتفاق سياسي لإنهاء الأزمة السورية، فتركيا تدرك أن العلاقة مع دمشق يجب ألا تكون “دون أرجحية” كما كانت عليه قبل 2011.
لا تستطيع أنقرة احتمال حالة ندية في علاقتها مع دمشق بعد أكثر من عشر سنوات من حرب لـ”إسقاط النظام”.
التصور التركي الذي لا يستطيع اليوم النظر لسوريا كـ”حديقة خلفية” نظرا لما آل إليه الصراع؛ تسعى لخلق “أرجحية” لدورها ضمن السياسة السورية عموما، والمنطقة الآمنة ستوفر لها هذا الأمر لأنها ترتيب ديموغرافي خاضع لها مهما اختلفت الظروف في الشمال السوري.
محاربة التواجد التركي هو أحد هوامش أي عملية عسكرية تركية، فعمقها الحقيقي الاستحواذ على عوامل داخل الجغرافية – السياسية السورية، وهذا الأمر لن يتغير حتى لو تبدل الحزب الحاكم في أنقرة، فالمسألة السورية هي نفسها ضمن سياسة أنقرة بوجود حزب العدالة التنمية أو رحيله.