هاشتاغ _ يوسف الصايغ (بيروت)
بالرغم من الانهيار الشامل، لم يكن أكثر المتشائمين في لبنان يتوقع أن يشهد مجلس النواب اللبناني بنسخة عام 2022، ظاهرة التحرش بالنائبات النساء.
فجرت “الفضيحة” النائبتان بولا يعقوبيان وسينتيا زرازير، حيث رد رئيس مجلس النواب نبيه بري على سؤال وجهته النائب بولا يعقوبيان بطريقة اعتبرت “تحرشا لفظيا”.
برّي رد على سؤال يعقوبيان بعقد جلسة تشريعية للبحث والتصويت على قانون “معجّل” تقدمت به من أجل تعديل “المرسوم 6433” المتعلق بحدود لبنان البحرية بالقول: “وين كانت بولا يوم كنت من 12 سنة عم خابط في موضوع الثروة النفطية؟
وأضاف: “كانت بعدها ما تزوجت. ما بدنا نحكي، مش كرمالها كرمال زوجها، زوجها صاحبنا”.
فيما كشفت النائبة سينتيا زرازير عن تعرضها للتحرش الكلامي واللفظي داخل المجلس، إضافة إلى إعلانها عن وجود أدوات ولوازم “جنسية” داخل مكتبها” بينها مجلات جنسية وواقيات ذكرية.
هذه الأحداث فجّرت أزمة لم تخمد حتى اليوم، ما يدفع للسؤال عن خلفية هذا السلوك وكيف يمكن تفسيرها سياسياً واجتماعياً!.
يعقوبيان: النائبات المعارضات يتعرضن للتحرش والتنمر
في هذا السياق تشير النائب بولا يعقوبيان في تصريح لهاشتاغ إلى أن “ظاهرة التحرش غير محصورة بلبنان وهي ليست امرا جديدا.
وتوضح أنه “منذ أن أصبح هناك نساء معارضات في الحياة السياسية اللبنانية، أصبحن يتعرضن للتحرش ولشتى أنواع التنمر والاعتداءات اللفظية والإسفاف”.
وتلفت يعقوبيان إلى أن هذه الظاهرة “زادت عن حدها منذ العام 2018″، رافضةً اعتبار الأمر شخصيا، ومشيرةً إلى أن “الأهم هو الوضع العام وما نعيشه من إخفاقات تشريعية”.
وتعتقد النائبة في مجلس النواب اللبناني أن ما تتعرض له منذ عام 2018 “هو طريقة للرد على مواقفها السياسية من خلال التنمر والحديث عن حياتها الخاصة”.
وأشارت النائبة يعقوبيان إلى أنها تتعرض كباقي زميلاتها المعارضات في المجلس النيابي لهذا السلوك من قبل أطراف السلطة، ”
وهذا ما بات معروفا للجميع، حتى أن هناك إشارات صادرة من قبل منظمات دولية حول التحرش الذي يستهدف النساء اللبنانيات في مركز القرار، واعتبار أن هذا الأمر غير مسموح به” على حد قولها.
الموسوي: ثقافة ذكورية
من جهته، يرى الرئيس السابق للجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع د.علي الموسوي في تصريح لهاشتاغ أن “التحرش كظاهرة اجتماعية هو كغيره من الظواهر التي تلعب الثقافة فيها دورا مفسرا”.
فالتحرش، وفقا للموسوي، يرتبط بالسلوك وبالمكان الذي يحصل فيه، “ولأن السؤال هو حول التحرش اليوم جرى بحق إحدى ممثلات الشعب في المجلس النيابي، فهو يزيد الاستغراب استغراباً”.
ويشير د. الموسوي إلى أن “التوجه العالمي يهدف إلى المساواة بين الجنسين، لا التمييز بينهما”.
ويضيف “في المجلس النيابي يفترض أن نخبة المجتمع هي من تمثل الشعب، لكن يبدو أن الثقافة الذكورية لدى بعض النواب لا تزال تلعب دورها التمييزي، وقد اضطرتهم إلى التنمر على زميلات لهم”.
ويختم الموسوي بالقول: “يُستنتَج من كل ذلك أن النخبة ليست كلها نخبة، وأن الثقافة الذكورية التمييزية تفعل فعلها لدى هؤلاء، ويضاف إلى ذلك الشعور بالاستقواء على النواب النساء”.
الأعور: السقوط الأخير لبعض أعضاء المجلس
الباحث في الشؤون السياسية والقانونية د. هشام الأعور، يرى في حديثه لهاشتاغ أن “الكلام عن التحرش الجنسي الذي سمعنا عنه مؤخرا والذي قيل إنه حصل في أروقة المجلس النيابي، عبر تعرّض إحدى النائبات لمضايقات جنسية من زملائها النواب، يأتي في سياق مجموعة المصائب التي تعبّر عن مجموعة من الأخلاقيات والأزمات الحادة لمجتمعنا”.
ويتابع الأعور “إن هذه التصرفات تشير إلى نقص واضح في مناهج التربية والتعليم في هذا المجال”.
ويصف الأعور قيام بعض النواب بالتحرش بزميلة لهم عوضا عن التحرش بالحكومة من أجل حثها على العمل، ومتابعة شؤون الناس في هذه الظروف الصعبة بأنه بمثابة السقوط الأخير لبعض أعضاء المجلس الذين يعيشون بطالة مقنَعة.
واعتبر أن هذا الأمر “يستوجب تحويلهم إلى المحاكمة بتهمة التحرش وهي جرم نص عليه القانون الذي أقره مجلس النواب اللبناني نفسه عام 2020″.
ويلفت إلى أن “النقاش في موضوع الجنس وأخلاقياته والقضاء والقانون والتربية والتعليم، هي من القضايا التي يجب ألا تبقى من المحرمات، وهي ضرورية في النموذج السياسي الجديد لدولة متحضرة”.
ووفقا للأعور “يشكّل إقرار قانون تجريم التحرش الجنسي في لبنان، خطوة نحو الأمام في تحقيق المساواة في المجتمع”.
لكنه يعترف أن مثل هذا المشروع يحمل في طيّاته بذورا تعطيلية من خلال اعتماد معايير أخلاقية في “تكوين الجريمة”، وما يستتبعه هذا الأمر من دور تلعبه البنى الثقافية والعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية”.
http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام