الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةتقارير وملفاتالتداوي في سوريا لم يعد بالمجان.. مرضى المستشفيات الحكومية يدفعون ثمن العلاج...

التداوي في سوريا لم يعد بالمجان.. مرضى المستشفيات الحكومية يدفعون ثمن العلاج ويباتون فيها “ببلاش”

هاشتاغ – إيفين دوبا

بالرغم من أن النظام الصحي المجاني ساري في سوريا منذ عقود، إلا أن العديد من المرضى لم يعد يحظون به في المستشفيات الحكومية، ويقول مسؤولون إن هذا الواقع جاء بسبب الحصار ونقص الأدوية.

يفيد تقاطع شهادات مرضى وذويهم في العاصمة دمشق بأن المجانية تشمل المنامة فقط.

أما التداوي وتصوير الأشعة والتحاليل فيقوم المريض بدفع ثمنها بحجة عدم توافرها.

لكن اللافت أن المستلزمات نفسها متوفرة بكثرة في مستشفيات القطاع الخاص.

وتسبب إلغاء مجانية التدواي في المشافي الحكومية في تفاقم الوضع الاقتصادي للعائلات ذوي الدخل المتدني والمحدود بالتزامن مع ما منيت به العملة المحلية من انهيار تسبب في ارتفاع الأسعار بصورة جنونية.

مرضى يتكبدون الملايين

لم تترك ولاء وهي أم يعاني ابنها البالغ من العمر (12 عاماً) من “تشوه معقد في القلب”، باب مستشفى حكومياً وطرقته لعلاجه بسبب وضعها المادي المتردي.

لكنها تكبّدت أكثر من عشرين مليون ليرة سورية (نحو خمسة آلاف دولار أمريكي) خلال سبعة عشر يوماً.

وردّت الأم سبب هذه التكاليف إلى غياب العديد من العلاجات في المستشفيات الحكومية من تحاليل وصور أشعة وطبقي محوري.

وتقول: “حتى الأدوية البسيطة المطلوب توافرها ضمن أي مستشفى مثل خافضات الحرارة كانت مقطوعة في تلك المستشفيات”.

وأوضحت في حديث لـ”هاشتاغ”: “بعد أن تعثّر الحصول على صورة متعددة الشرائح للأوعية الدموية لابني في كل من مستشفيات المجتهد والأطفال والمواساة وحتى القلب التخصصي، اضطررت لإجراءها في مستشفى أمية الخاص بتكلفة 430 ألف ليرة”.

وأوردت ولاء في مثال بسيط خلال رحلة التداوي في المستشفيات الحكومية، عدم توافر الأدوية البسيطة في مستشفى الأطفال مثل “بلاستر وأدوية الاختلاجات والسيرومات لكنها متوافرة في صيدلية لا تبعد أكثر من مئة متر عن المستشفى”.

أيضاً، وبسبب عدم توفر الورق الخاص بطباعة صورة الإيكو لقلب ابنها في مستشفى القلب التخصصي، اضطرت ولاء لأخذ الصورة بحفظها من جهاز التصوير الموجود في المستشفى عبر هاتفها النقال.

في وقت لاحق، وعندما استطاعت تأمين سيارة لإسعاف ابنها المريض من مستشفى المواساة بدمشق إلى مستشفى القلب الجراحي على أطراف العاصمة “وصلت السيارة بلا سرير متنقل وبلا مسعفين”.

إقرار بالخلل

في هذا الإطار أقر نقيب الأطباء السوريين غسان فندي بوجود نقص في الأدوية في المستشفيات العامة إلى جانب انقطاع بعض الزمر الدوائية وقلة في زمر أخرى موجودة.

من جهته أكد الرئيس الفخري للطب الشرعي في سوريا والأستاذ في كلية الطب في جامعة دمشق حسين نوفل أن هناك نقصاً كبيراً في المستشفيات العامة وهذا يؤدي إلى تدهور الخدمات الطبية فيها.

بينما أعاد “فندي” النقص في بعض الأدوية والمستلزمات في المستشفيات إلى الحصار الاقتصادي على سوريا.

ولفت إلى أن العمل جار على تأمين الزمر المقطوعة بعدما تم تأمين بعض هذه الزمر.

واعتبر أن الجهة المعنية في هذا الموضوع هي وزارة الصحة وأن دور النقابة هو المطالبة في حال وجدت أن هناك نقصاً في الأدوية.

من جهته اعتبر “نوفل” أن آليات استجرار الأدوية غير صحيحة وذلك بأن يكون هناك لجنة مركزية هي التي تتولى عملية الاستجرار.

وطالب بإلغاء اللجنة المركزية وإذا كان لا بد من وجودها فإنها تتحول إلى لجنة مراقبة على المستشفيات في موضوع استجرار الأدوية.

في حين يتم استجرار الأدوية من لجان تابعة لهيئات المستشفيات بحكم أنها على دراية بكميات الأدوية التي تحتاجها كل هيئة.

واعتبر أن نقص الأدوية في المستشفيات الحكومية يؤدي إلى تدهور الخدمات الطبية وبالتالي لا بد من إيجاد حلول جذرية لهذا الموضوع بأن يكون لكل هيئة لجنة لاستجرار الأدوية.

وبين أن نقص الأدوية في المستشفيات العامة ينشط السوق السوداء بشكل كبير وذلك عندما يلجأ المرضى إلى تأمين أدويتهم من بعض الصيدليات ومراكز لبيع المستلزمات الطبية وهو يجهل مواصفات هذه الأدوية أو المستلزمات التي اشتراها.

ومن الممكن أن تكون نوعيتها جيدة أو أن تكون غير ذلك وبالتالي هذا يشجع على الترويج للمستلزمات الطبية والأدوية السيئة على اعتبار أن المرضى يشترونها من دون النظر إلى جودتها المهم هو تأمين هذه الأدوية بحسب “نوفل”.

مسؤولون حكوميون يدافعون

خلال سنوات الأزمة السورية، لحقت أضرار بجزء كبير من البنية التحتية، وطال الدمار بشكل خاص النظام الصحي الذي اعتاد أن يعمل بشكل جيد نسبياً.

وتعرّضت المئات من المرافق الطبية للقصف، وقُتل عدد كبير من العاملين في المجال الطبي بينما فرّ الكثيرون خارج البلاد.

وما زالت مناطق واسعة من البلاد تشهد نقصاً حاداً في الإمدادات الطبية.

واليوم، بلغت احتياجات السوريين الطبية حداً هائلاً، يقول مسؤولون إن “الدولة” تجهد في توفيرها.

ويقول مدير مستشفى المواساة الحكومي بدمشق، عصام الأمين في تصريح لـ”هاشتاغ”، إنه بسبب العقوبات الخارجية والبيروقراطية الداخلية، يحصل تأخير في توريد بعض أصناف الأدوية.

لكن الحكومة السورية تسعى لتوفيره أو البديل عنه خاصةً في المستشفيات الحكومية على حد تعبيره.

ويقول عضو الفريق الاستشاري السوري المعني بمواجهة فيروس كورونا، الدكتور نبوغ العوا لـ”هاشتاغ”، إنّه يجب البحث عن آلية جديدة بعيدة عن “الروتين”.

وهذه الآلية يجب أن توفّر فيها الحكومة الدواء للمرضى “بعيداً عن الفساد والمفسدين” بما لا يؤثر على “ميزة” تملكها وزارة الصحة السورية، والمتمثّلة بمجانية الاستشفاء والطبابة، بعدما تخلّت عنها العديد من الدول.

لكن، مدير مستشفى الأطفال في دمشق، رستم مكية، لم يخفِ في تصريحات لـ”هاشتاغ”، أنّ انقطاع بعض الخدمات الطبية “يرهق إدارة المستشفى والعاملين فيه”، لعدم استطاعتهم في كثير من الأحيان تلبية المريض بالسرعة والوقت المطلوبين.

وبالتالي يتعرّض عمل المستشفى إلى كثير من الانتقادات وترتفع المخاوف لدى المرضى من إمكانية تخلي الحكومة عن مجانية التداوي.
بدوره، قال مدير مستشفى دمشق، أحمد عباس، إنّ مشكلة نقص الأدوية أو تعطّل بعض الأجهزة فيها ليست خاصة بالمستشفيات الحكومية فقط، وإنّما هي مشكلة متعلقة ببلد كامل يتعرّض لعقوبات وضغوطات خارجية.

وأوضح عباس لـ”هاشتاغ”، أنّ الخدمات التي قامت بها المستشفيات الحكومية خلال الازمة السورية تؤكّد عدم تخلّي الحكومة عن دعم القطاع الصحي.

المستشفيات الخاصة تعاني أيضاً

ومثلها مثل المستشفيات العامة وجدت المستشفيات الخاصة نفسها عاجزة عن توفير ما تحتاجه من تجهيزات وقطع تبديلية وترميم ما دمرته الحرب.

وبحسب أصحاب مستشفيات خاصة في دمشق، فقد عانت مشافيهم جراء ارتفاع ثمن التجهيزات نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع تكاليف الشحن وغيرها بنسبة تصل إلى أكثر من 50 في المئة، هذا في حال تم السماح بتوريد تلك التجهيزات إلى سوريا.

لذا يضطرون لبدائل في حال عدم القدرة على الاستيراد من أوروبا يتجهون نحو دول أخرى في آسيا، أو الالتفاف على العقوبات لشراء الأجهزة وقطعها التبديلية عبر حلقات وسيطة وبتكلفة تكون غالباً مضاعفة وفق ما يؤكد مدير مشفى خاص.

وفي كلا الحالتين فقد عجزت المؤسسات الصحية خلال الفترة الماضية عن تحديث كامل تجهيزاتها وبنيتها التحتية في ظل تأثيرات العقوبات المباشرة وغير المباشرة.

يجري ذلك في ظل الحاجة إلى مبالغ كبيرة جداً، وهو ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية في وقت سابق حيث ناشدت بتوفير نحو 71 مليون دولار لمساعدة سوريا لمواجهة فيروس كورونا.

وبحسب بيانات المنظمة الأممية فقد حصلت على مبلغ 1.25 مليون دولار، وفق تقريرها حول سوريا الذي صدر بالتعاون مع أوتشا في 25 آذار/ مارس 2021.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة