الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالتذكير بالوجود الإيراني..

التذكير بالوجود الإيراني..

هاشتاغ_مازن بلال

بالمعنى العام فإن الاعتداء الإسرائيلي الأخير يبدو نمطياً لولا استهدافه لمناطق سكنية في العاصمة دمشق، ومهما حاولنا إيجاد علاقة قوية بينه وبين حادثة حقل “العمر” النفطي حيث تتواجد القوات الأمريكية، فإننا سنقف أمام اعتداء انتقامي دون معاني سياسية، وهو أمر لا يستوجب قصف مناطق مدنية وسط ظرف سوري حساس، كما أن “إسرائيل” في عملياتها العسكرية نادرا ما تقوم بمهام نيابة عن الولايات المتحدة وبهذا الشكل المفضوح، فالتفكير “الإسرائيلي” غالبا ما يتجه نحو العلاقة بالمحيط، وقدرة أداة الحرب على تعديل المسارات السياسية.

تفاصيل الاعتداء باتت معروفة كونها أصابت منشآت مدنية، وفي منطقة كفرسوسة حيث تتواجد “المدرسة الإيرانية”، وهي تسمية متعارف عليها من قبل بعض الوسائل الإعلامية العربية، وهي في مكان قريب من المنطقة التي تم فيها اغتيال “عماد مغنية” قبل الأزمة السورية، ولكن مهما كان “وضع” هذه المدرسة فإن الاعتداء على محيطها هو مجازفة في رفع عدد الضحايا، ورغم التجاهل الإعلامي عموما للخسائر بين المدنيين، لكن هذا الأمر هو أحد العوامل التي يضعها العسكريون عند رسم “خطة” ما، فـ”القيادة العسكرية الإسرائيلية” نفذت اعتدائها وهي على معرفة بأن الخسائر بين المدنيين ستكون مرتفعة، وهذا الواقع يضعنا أمام أمرين أساسيين:

الأول أن “إسرائيل” تملك هدفا سياسياً أساسياُ من اعتدائها الأخير مختلف كليا عن فكرة الانتقام لـ”حقل العمر“، فهناك “تذكير إسرائيلي” للتواجد الإيراني في سورية، وهو يصل إلى حد التنبيه عبر ضرب مواقع قريبة من “المدرسة الإيرانية”، فحتى ولو حوت تلك المدرسة على هدف ما لكنه يبقى غير واضح عسكريا على الأقل.

نعرف أن هناك مسارات سياسية مرافقة للزلزال الأخير الذي ضرب سورية وتركية، والأمر في مثل هذه الكوارث يبدل من الوقائع والعلاقات، على الأخص في منطقة مأزومة مثل سورية أو الشرق الأوسط عموما، وبالتأكيد فإن ظهور خطط عربية لمساعدة سورية لا تعني انتهاء أزمة علاقة سورية عربيا أو مع الغرب عموما، لكنها تفتح تفكيرا مختلفا في الأزمة السورية نتيجة المواجهة مع الكارثة، والمهمة “الإسرائيلية” هي التأكيد على أن دمشق هي “العقدة” في الطريق ما بين طهران وشرقي المتوسط عموماً.

الأمر الثاني هو حالة لاحقة للتذكير بالتواجد الإيراني، فالاعتداء كان اختباراً ناجحاً لردود الفعل حول حدث طال المدنيين، ومن متابعة الإعلام الذي يتعامل مع سورية فإن الاتجاه الأساسي لم ينصب حول سقوط مدنيين بقدر اهتمامه بأن الهدف كان “إيرانياً”.

تضع إسرائيل في اعتدائها الأخير قاعدتها الخاصة بتحديد العدو، وبرسم خطوط الاشتباك حتى ولو تبدلت المعطيات بالنسبة للعلاقة مع دمشق، فهناك ظروف سياسية جديدة فرضتها كارثة الزلزال على سورية، لكنها لن تغير من خارطة “العداء” الذي كان عربياً – “إسرائيلياً”، وأصبح عداء ضد الخيارات السيادية للدول.

مشكلتنا مع “إسرائيل” كما يوضحها العدوان الأخير ليست في علاقة دمشق مع طهران، لأن هذه العلاقة متبدلة ويمكن أن تبرد أو تتصاعد وفق ظروف البلدين، بينما يبقى “الخيار السياسي” هو الأساس الذي تريده “إسرائيل” وفق سياقها فقط، وتذكيرها بالتواجد الإيراني مرتبط باحتمالات التغير في التوجهات الدولية والعربية مع دمشق، حتى لو بدت هذه الاحتمالات ضعيفة أو بعيدة، فهناك إعلان مسبق بأن الخيارات السياسية ممنوعة إذا لم تكن ضمن إطار “القوة المطلقة” لـ”إسرائيل”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة