هاشتاغ _ محمد محمود هرشو
بما أننا نعيش في بلادٍ تحكمها “الهبّات” والمزاجيات لابد لنا أن نتأمل جدوى “التسويات” وتأثيرها المباشر وغير المباشر على المساواة.
المقصود هنا “بالتسويات” هي التسويات المالية التي رُوج لها وأصبحت سُنّةً للعقوبات والتجاوزات، بعد أن سكنت عقلية إدارة البلاد فكرة أن التسوية بمثابة عدول عن الخطأ ودفع “ثمن” هذا الخطأ، وهو ما يُحبّذ على حجز الحرية وعدم الجدوى “المالية”، بل إنها قد تكون عبئاً على الدولة، وهو للأمانة تفكير ساد في الدول المتقدمة التي نهجت نهجاً يقوم على الابتعاد عن التشريعات التي تؤدّي بمواطنيها إلى حجز الحرية واستبدلتها بالغرامات المالية.
في الحالة السورية؛ الأمر مختلف، فقد حققت “التسويات” مساواة بين الذين يعملون وأولئك الذين لا يعملون، ووضعت الجاني والمجني عليه في خانة “التسويات”، فالأمر بدا واجباً حين الطلب، على التاجر أو رجل الأعمال الذي عمل بِكد ونزاهة في مهنة ورثها عن عائلته أو من الممكن أن يكون شيخ كارها حتى.
وكذلك تنطبق “التسوية” على المخطىء في أمور عدة تتدرج من التلاعب والتحايل لزيادة الربح بالنسبة للتجار وصولاً إلى سارقي المال العام من كبار الموظفين أو حتى مُدمري قطاعات عامة؛ سواء مؤسساتياً أو فساداً، فبات الأمران سواء، وهو وجوب “التسوية”، وهنا تكمن المعضلة.
بما أن الغاية من العقوبة هو الردع فإننا نستطيع أن نقول بالفم الملآن إنه ما من ردع للفئة الثانية من مشمولي “التسويات”، حيث باتوا من مخضرمي التعامل بهذا الأمر، وقبل وجوب الحساب للأخطاء هم على أتم الاستعداد “للتسوية” وبرحابة صدر، أملاً في الإفلات من العقاب والاستمرار “باستثمار” فسادهم .
على النقيض؛ وفي العودة إلى الفئة الأولى ممن تقع عليهم التسويات، يتساءل هؤلاء دائماً: ما هو ذنبنا الذي اقترفناه لتقع علينا تلك العقوبة؟
هل هو ثمن تشبثنا ببلدنا أو مهنتنا أو عملنا الذي نحبه؟
هل وصلنا إلى المساواة المرجوة في بلادنا، بالمساواة بين أصحاب الأعمال ومختلسي المال العام؟!
بين الفئة الأولى والثانية، وحتى بين العامة؛ يبقى الذهول والاستنكار تجاه العقلية “التصالحية” أو “المساواة” المنتهجة هو السائد، كونها لا ترتقي لأبسط قواعد العدالة، أو حتى الغاية من العقوبة إن وجدت؛ وهي الردع، بل تحولت لردع من يثق بغدٍ أفضل لبلاده من تلك الأفكار “المسمومة”، وفتحت باب الفساد من مبدأ : اللي بتعرف حق دمه اقتله !