هاشتاغ _ يسرى ديب
تهجرت أم علي من بيتها بعد الزلزال كما عشرات الأسر السورية، وفي الكشف الذي قامت به اللجان المختصة تبين أن منزلها غير قابل للسكن، وتم هدمه.
اشترت هذه السيدة بيتها بالتعويض الذي حصلت عليه من استشهاد زوجها كما تقول ل”هاشتاغ”، ولكن جاء الزلزال ليضيف إلى مصائبها مصيبة جديدة.
لدى أم علي ولدان تؤكد أنها لا تستطيع أن تصرف عليهما.
إقرأ أيضا: الأمم المتحدة تشيد بالمساعدات الإماراتية لسوريا: ستعزز جهود إغاثة متضرري الزلزال
وتضيف أنها حالياً تسكن بالإيجار في بيت تكفلت دولة الإمارات بدفع ثمن أجاره لمدة عام لها ولنحو 25 عائلة أخرى كانت تسكن أحد المدارس التي تم إخلاؤها في مدينة جبلة لاستكمال العام الدراسي.
وتقول إنها لا تعرف مصيرها بعد هذا العام، أوإلى أن تذهب؟
مساعدة
تقول أم علي إنه باستثناء آجار البيت، فإن كل ما حصلوا عليه هو فقط سلات غذائية من جانب الحكومة السورية.
وتتابع، أن المساعدات التي قُدمت كانت عشوائية، وهنالك من حصل على أموال، ولكنها هي من بين الأسر التي لم تحصل على شيء رغم حاجتها الماسة.
وتضيف أنه رغم كل وضعها المأساوي طالبها صاحب البيت والمكتب العقاري بدفع مبلغ 350 ألف ليرة، وأخبروها أن المبلغ المدفوع لا يغطي كامل العام.
إقرأ أيضا: نائب محافظ ريف دمشق يعلن إخلاء عدد من الأبنية المتصدعة في حرستا
تسأل أم علي بكل إحراج فيما إذا كان هنالك من يساعدها، إذ أن ولديها في مرحلة الدراسة، وليس هنالك من مصدر دخل لديهم سوى راتب لا يثمن من جوع.
تنتظر مصيرها
رغم كل الاجتماعات الحكومية التي ناقشت قضية الزلزال وآثاره، ما زالت غالبية الأسر المهجرة والمتضررة تنتظر مصيرها، أو تطبيق تنفيذ القرارات والمراسيم التي أقرت على أرض الواقع.
بالتشارك
عضو لجنة الكود السوري وأستاذ البيتون المسلح عصام ملحم يقول ل”هاشتاغ” إنه يجب أن يتشارك في تعويض المتضررين كل من الحكومة والمقاول الذي تسبب، من حيث يدري أو لا يدري، بتصدع المبنى وانهياره.
وفي تعقيبه على طريقة التعامل مع الأبنية المتضررة من الزلزال، أكد ملحم أن أي زلزال يحدث (مع الأسف لحدوثه)، يخلف انهياراً في بعض المباني، وتصدعاً في مباني أخرى.
لجان هندسية
ولكن قبل البدء والتفكير بترحيل الأنقاض، يقول الخبير، يجب أن تكون هناك لجان هندسية تمتلك الخبرة الكافية للقيام بتحديد أسباب انهيار هذه المباني.
بالإضافة إلى أنها تقوم بأخذ عينة من مواد البناء للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات والقيم التصميمية. حسب تعبيره.
وهذه التقارير الفنية تفيدنا بنقطتين أساسيتين حسب قول الخبير ملحم:
الأولى؛ تحديد أسباب انهيار المباني من خلال إجراء دراسة إحصائية، وبعدها يتم الخروج بتوصيات تؤخذ بعين الاعتبار في تنفيذ المباني لاحقا.
الثانية؛ تحديد المتسبب بانهيار المباني واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه حسب القانون السوري.
الأبنية المتصدعة
أما بالنسبة للأبنية المتصدعة نتيجة الزلزال، فيشرح الخبير أن هنالك نوعان من الأبنية:
الأولى؛ أبنية بحاجة للهدم والترحيل لأنه لا جدوى من تدعيمها (لا توجد جدوى فنية، ولا اقتصادية).
والثانية؛ أبنية لا تحتاج للهدم، ويمكن تدعيمها ووضعها بالاستثمار.
وهنا يجب التنويه إلى أن هذه اللجان يجب أن تمتلك المعرفة العلمية لاتخاذ القرار المناسب بالهدم أو التدعيم.
تشريد العشرات
أضاف ملحم أن النقطة الأساسية هي أن تمتلك هذه اللجان المعرفة العلمية الدقيقة لتقدير حالة المبنى لأن إخلاء مبنى بحجة عدم سلامته (والذي قد يكون سليما) يؤدي إلى تشرد عشرات العائلات، والكارثة الأكبر أن تتخذ قراراً بسلامة المبنى، بينما هو غير سليم، وبالتالي يؤدي ذلك إلى انهيار المبنى عند أي هزة ارتدادية، وسقوط ضحايا لا قدر الله.
خطة وطنية
ولفت إلى أنه رغم أهمية عمل اللجان الهندسية وترحيل الأنقاض والقيام بتدعيم المباني، ولكن هناك نقطة مهمة أخرى، هي وضع خطة وطنية للارتقاء بالعمل الهندسي في سوريا، كي تكون منشآتنا ومبانينا أكثر أماناً وديمومة، لأن انهيار أي مبنى هو كارثة اجتماعية واقتصادية سواء من خلال الضحايا الذين يسقطون، وهي خسارة لا تعوض، أو الأسر التي تُشرد، بالإضافة إلى الخسارة المالية الكبيرة.
العمر الزمني
وتجب الإشارة هنا إلى أن كثيراً من الأبنية في المنطقة الساحلية، تحتوي على تشققات وتصدعات حسب قول ملحم، ولكن ليس بسبب الزلزال بل بسبب عمرها الزمني الطويل، وعدم جودة مواد البناء وتأثر المبنى بالعوامل الجوية من رطوبة مشبعة بالكلوريدات، وكل ما هنالك أن الزلزال يأتي ليكشف هذه العيوب، ويزيد من عرض التشققات.
مراسيم خاصة بالزلزال
صدر مرسوم بإحداث صندوق وطني لدعم المتضررين من الزلزال في مطلع الشهر الجاري.
ومهمة المرسوم تقديم الدعم المالي ومساعدة المتضررين على تجاوز الضرر الجسدي أو المادي أو المعنوي وفقاً لمعايير معتمدة.
إقرأ أيضا: بمرسوم رئاسي.. الأسد يمنح متضرري الزلزال إعفاءات ضريبية وقروضاً دون فوائد
وفي الشهر الثالث من العام الجاري، صدر المرسوم رقم 3 أيضاً، والذي نص على منح إعفاءات خاصة للمتضررين من الزلزال، تشمل الضرائب والرسوم المالية وبدلات الخدمات والتكاليف المحلية.
كما تم الإعفاء من رسوم الترخيص على أعمال إعادة التأهيل الكلي أو الجزئي لمنشآتهم ومحالهم ومنازلهم وأبنيتهم.
وبانتظار التطبيق هنالك الكثير من المتضررين الذي يتوقون للخروج من الخيم، أو معرفة مصيرهم في القادم من الأيام.