زادت قوة العلاقات الإماراتية العراقية في السنوات الأخيرة، لا سيما مع زيارات لكبار الشخصيات في حكومة بغداد، ختمها مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي بزيارة لأبوظبي، من المتوقع أن تفتح أبواباً واسعة للتعاون في مجالات مختلفة، سيكون للعراق نصيب وافر منها.
الزيارة التي بدأها الكاظمي الأحد 4 نيسان/ أبريل 2021، انتهت إلى الاتفاق على ضخ الإمارات 3 مليارات دولار في العراق، بواقع استثمارات، وعرض حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد تقديم خدمات لموانئ العراق عبر موانئ دبي، فضلاً عن اتفاقيات اقتصادية أخرى، أكدت أيضاً “ضرورة التعاون الأمني والعسكري، وتبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب”.
الإمارات التي بدت منفتحة إلى حدٍّ بعيد مع حكومة الكاظمي، كانت رحبت بتوليه رئاسة الحكومة العراقية في مايو عام 2020، وأعربت حينها عن أملها في أن يلبي ذلك تطلعات الشعب العراقي في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.
وزيارة الكاظمي للإمارات سبقتها زيارتان عراقيتان رفيعتا المستوى خلال العام الجاري، الأولى للرئيس العراقي، برهم صالح، في شباط/فبراير الماضي، وأجرى مباحثات مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، استهدفت تطوير العلاقات بين بلديهما، حيث أكد بن زايد حرص بلاده على “استقرار العراق وأمنه وصون سيادته ووحدته ومكتسباته، ومواصلة دعم كل ما فيه الخير لشعبه”.
كما شدد على العمق العربي الاستراتيجي للعراق، مشدداً على أن بغداد ركيزة أساسية من أسس العمل العربي المشترك.
أما الزيارة الأخرى فكانت في كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث استقبل منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، الفريق الركن جمعة سعدون، وزير الدفاع العراقي، بحثا خلالها سبل تعزيز علاقات التعاون بين بلديهما في المجالات كافة، “بما يضمن الاستقرار الإقليمي، ويعود بالخير والتقدّم والأمان للدولتين والشعبين الشقيقين”، وفق بيان مجلس الوزراء الإماراتي.
عدم ممانعة إيرانية
لا يمكن الحديث عن علاقات عراقية رسمية مع المحيط العربي دون النظر إلى إيران وردود فعلها؛ حيث لم يعد خافياً الدور الذي تلعبه طهران في العراق، وقوة وجودها.
من جانب آخر تقف الإمارات إلى جانب السعودية بالجهة المناوئة لإيران، وهو ما يعني أن أي تحرك عراقي رسمي يتعلق بتعزيز التعاون مع هاتين الدولتين سيلاقي رفضاً إيرانياً.
لكن هذا لم يحصل في زيارة الكاظمي الأخيرة، التي يصفها مراقبون بأنها جاءت بموافقة إيرانية تحمل غاية لطهران، قد نشهدها في المستقبل القريب.
فتح حوار خليجي -إيراني
يرى الجنابي أن العراق مقبل على أن يكون وسيطاً بين دول الخليج وإيران.
واستشهد على ما ذهب إليه بأن هذه الزيارة تزامنت مع دعوة لزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم إلى فتح حوار بين إيران ودول الخليج العربي، خصوصاً السعودية والإمارات.
ووفق هذا يرى الجنابي أن زيارة الكاظمي “لها علاقة بهذا الجانب”، ولا يستبعد أن تكون هناك مباحثات أو توصل لتفاهمات وحلحلة الأمور بالتزامن مع عودة الولايات المتحدة وأوروبا للاتفاق النووي الإيراني.
كل هذا يدعو إلى الاعتقاد بوجود رغبة إيرانية خليجية بفتح خطوط حوارات وقد يلعب العراق دور الوساطة في هذا الجانب، بحسب الجنابي، الذي لا يستبعد أن يكون الكاظمي “قد أُعطي الضوء الأخضر بالذهاب إلى السعودية والإمارات دون أي اعتراضا.
الدعم الإماراتي.. متواصل
ظهرت أبوظبي بشكل بارز في تقديم الدعم للعراق بعد إعلان بغداد الحاجة إلى 88.2 مليار دولار لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار داخل البلد؛ نتيجة الخراب الكبير الذي لحق بمدنه التي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش”.
وقدمت 500 مليون دولار للمساهمة في الجهد الدولي لإعادة إعمار العراق، وذلك في “مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق” عام 2018.
وبعد شهر واحد، تقدمت الإمارات بمبادرة لتتكفل بإعادة بناء وترميم مسجد النوري ومنارة الحدباء الشهيرة في الموصل، اللذين فجرهما تنظيم “داعش” في تموز/يونيو 2017.
وضمن حدود التعاون والتقارب بين البلدين خاصة في المجال الاقتصادي، وقعت بغداد وأبوظبي اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي بما يخص الضريبة على الدخل ورأس المال.
وتعكس أرقام التبادل التجاري بين البلدين المنحى الإيجابي الذي سلكته علاقة بغداد وأبوظبي؛ إذ يبلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين حوالي 12 مليار دولار في مؤشر يعبر عن حرص البلدين على بناء شراكة تجارية وثيقة ومستدامة.
وستفتتح الخطوط الجوية العراقية بدءاً من الأول مايو المقبل خطاً جوياً مباشراً بين بغداد وأبوظبي وبالعكس.
دور اقتصادي.. مهم
الدور الاقتصادي كان واضحاً من الزيارتين اللتين أجراهما الكاظمي لكل من الإمارات والسعودية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث جرى توقيع اتفاقيات وعقد لقاءات بهذا الخصوص.
حول هذا يقول عمر الجنابي، إن الحديث أصبح معلناً حول دخول الشركات السعودية والإماراتية إلى العراق،
وهذا كله مرتبط بما بعد زيارة البابا والحديث عن السلام في المنطقة، والحديث عن القمة الثلاثية التي أطلقوا عليها تسمية “المشرق الجديد”، وتضم الأردن ومصر والعراق، يوم الخميس المقبل.
يقول الجنابي إن الزيارات واللقاءات متعلقة بـ”حزمة كاملة؛ هي حزمة ما بعد زيارة البابا والمشرق الجديد والسلام في المنطقة”.
وعلى الرغم من أن الاتفاق على مشاريع اقتصادية ستنجز في العراق، فإن الجنابي يعرب عن اعتقاده بأن “الأمر له أبعاد دبلوماسية وأبعاد سياسية أكثر من الأبعاد الاقتصادية، على الرغم من أن الجانب الاقتصادي له الثقل الأكبر”، مشيراً إلى أن “مخرجات مؤتمر إعمار العراق الذي أقيم في الكويت متوقف على اتفاقيات وحوارات سياسية”.