هاشتاغ – حسن عيسى
تعاني سوريا منذ سنوات أزمات اقتصادية خانقة نتيجة الحرب المستمرة والعقوبات الدولية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للسوريين وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ووسط هذه الظروف الصعبة، أصبح التكيف مع الواقع الجديد ضرورة ملحة للسوريين الذين لجؤوا إلى اتباع أساليب تقشفية لمواجهة الارتفاع الجنوني في الأسعار وتدني قيمة الليرة السورية.
التحايل في الاستهلاك
يشير الباحث الاقتصادي الدكتور علاء الأصفري إلى أن السوريين اتجهوا إلى استهلاك السلع والمنتجات الأكثر أهمية، والتي تتعلق بالغذاء والسكن والدواء.
ويضيف الأصفري أن مستويات الشراء لا تزال في حدها الأدنى، إذ يتحايل السوريون في الأساليب المتبعة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مبيناً أن هذه الاستراتيجيات أدت إلى تخفيف الهدر في الموارد وتقليل الإنفاق على الكماليات.
الغذاء: الأولوية للبقاء
باتت الأطعمة الأساسية مثل الخبز والأرز والسكر والزيت تحتل المرتبة الأولى في قائمة أولويات الأسرة السورية.
وفي ظل الأسعار المرتفعة، اضطرت أسر عدة لتقليص استهلاك اللحوم والفواكه والحلويات، بل وأحياناً الاستغناء عنها تماماً.
وقد بات يعتمد عدد من السوريين الآن اعتماداً أكبر المواد الغذائية المدعومة من الدولة، مثل الخبز والمواد الأساسية التي كانت توزع بالبطاقات الذكية وأصبحت تباع في الأسواق السوداء.
وعلى صعيد آخر، بدأت بعض الأسر بزراعة الخضروات في المساحات المتاحة في منازلها لتأمين بعض الاحتياجات الغذائية وتقليل اعتماد الأسواق.
السكن: البحث عن البدائل
يعاني قطاع العقارات في سوريا أزمة حادة، إذ ارتفعت الإيجارات ارتفاعاً كبيراً، مما دفع الكثير من الأسر للبحث عن حلول سكنية أقل تكلفة.
بعض العائلات انتقلت للعيش مع أقاربها لتقاسم تكاليف الإيجار والمصاريف اليومية، وفي بعض الحالات اضطرت الأسر لترك المدن الكبيرة والانتقال إلى الريف بحثاً عن سكن أرخص وحياة أقل تكلفة.
الدواء: تحديات مستمرة
الوصول إلى الأدوية والعلاجات الطبية يمثل تحدياً كبيراً للسوريين، فقد أجبر ارتفاع أسعار الأدوية ونقصها في الأسواق عدداً من المرضى على تقليل جرعات الدواء أو البحث عن بدائل محلية الصنع، حتى وإن كانت أقل فعالية.
كما أن بعض العائلات اضطرت إلى الاستغناء عن الرعاية الصحية الخاصة واعتماد المستشفيات العامة، على الرغم من محدودية خدماتها.
الترشيد في المنازل
يرى الدكتور الأصفري أن السوريين تعلموا أساليب الترشيد المثالية في بيوتهم نتيجة الفقر والتضخم وتدني المستوى الاقتصادي.
ويشير الأصفري إلى أن سلعاً ومنتجات أساسية عدة باتت تباع بالقطعة أو بالجزء، ولم يعد هنالك تخزين لتلك السلع، إذ أصبح من المعتاد شراء احتياجاتهم يومياً أو أسبوعياً فقط، تجنباً لإهدار المال والمواد الغذائية.
كما لجأت الأسر إلى استخدام الأجهزة الكهربائية بحذر شديد، إذ يتم إطفاء الأضواء والأجهزة غير الضرورية لتوفير الكهرباء.
وفيما يتعلق بالمياه، تحاول الأسر جمع مياه الأمطار أو إعادة استخدام المياه لأغراض مختلفة كالغسيل والتنظيف.
التكافل الاجتماعي
في ظل هذه الظروف الصعبة، برزت قيمة التكافل الاجتماعي بين السوريين، إذ اعتمدت الكثير من الأسر التعاون والمساعدة المتبادلة بين الأصدقاء والجيران والأقارب للتغلب على المصاعب المالية.
وتقدم الأسر القادرة الدعم المادي أو العيني للأسر الأشد فقراً، سواء بتقديم المواد الغذائية أم بتقديم المستلزمات الأساسية، وهذا ساعد في توفير نوع من الاستقرار للمجتمع في مواجهة التحديات المتزايدة.