هاشتاغ – أيهم أسد
يحتاج التحليل الاقتصادي الحقيقي لملف الدعم في الاقتصاد السوري إلى توافر بيانات حقيقية عن المبالغ المقدمة للدعم خلال السنوات الماضية، أي أنه يحتاج إلى بيانات الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة لمعرفة الإنفاق الحقيقي على مكونات الدعم الواردة في الموازنة العامة ولمطابقة تلك الأرقام مع الأرقام المقدرة في مشروعات الموازنة.
ونتيجة لتلك الأرقام الفعلية يستطيع أي مختص في الاقتصاد وإدارة المال العام أن يقيم الآثار المالية والاجتماعية الناتجة عن إدارة ملف الدعم بالإضافة إلى تقييم العبء الحقيقي للدعم على الموازنة العامة للدولة.
لكن نتيجة لانعدام الشفافية المالية فيما يتعلق بالحساب الختامي والذي لا تنشره لا وزارة المالية ولا ينشره مجلس الشعب (والذي يفترض أن لا يوافق على عدم نشره كونه حق من حقوق الشعب المالية) ولا ينشره الجهاز المركزي للرقابة المالية ولا حتى رئاسة مجلس الوزراء، نتيجة لذلك الإخفاء المقصود وغير المبرر للبيانات المالية الحقيقية يبقى التخمين والافتراض والتقدير هو سيد الموقف.
أقرأ المزيد: اجتماعات اللانتائج.. الحرب التي فكرنا في احتوائها!
تصنف الموازنة العامة للدولة مكونات الدعم في الاقتصاد السوري على أنها الدعم المقدم لكل من:
أولاً: الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية
ثانياً: صندوق دعم الإنتاج الزراعي
ثالثاً: صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية (ظهر ضمن مكونات الدعم في البيان المالي للحكومة ضمن عام 2022 لأول مرة)
رابعاً: صندوق التحول إلى الري الحديث (ظهر ضمن مكونات الدعم في البيان المالي للحكومة ضمن عام 2022 لأول مرة)
خامساً: المشتقات النفطية
سادساً: الدقيق التمويني
سابعاً: السكر والأرز
ثامناً: الطاقة الكهربائية (الذي لا يظهر ضمن بنود الدعم بحيث تتم معالجته وفق قانون التشابكات المالية).
أقرأ المزيد: موازنة تسيير أعمال لا موازنة تنمية
والمتتبع لأرقام ملف مكونات ملف الدعم الواردة في الموازنة العامة للدولة خلال سنوات (2021- 2024) يجد أن هناك توجها ثابتاً لدى الحكومة السورية لإبقاء مبالغ الدعم الظاهرية على حالها تقريباً في مشروعات الموازنة العامة للدولة خلال تلك السنوات.
فعلى سبيل المثال:
بقيت قيمة الدعم المخصص للصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية خلال سنوات (2021- 2024) ثابتة عند 50 مليار ليرة دون زيادة أو نقصان.
بقيت قيمة الدعم المخصص لصندوق دعم الإنتاج الزراعي عند 50 مليار ليرة خلال سنوات (2021 -2023) زادت إلى 75 مليار في مشروع موازنة 2024.
بقيت قيمة الدعم المخصص لصندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية خلال سنوات (2022- 2024) ثابتة عند 7 مليار ليرة دون زيادة أو نقصان.
بقيت قيمة الدعم المخصص للمشتقات النفطية خلال عامي (2021 – 2022) عند 2700 مليار ليرة ارتفعت إلى 3000 مليار فقط عام 2023 ثم انخفضت إلى 2000 مليار ليرة عام 2024.
في ظل ثبات مبالغ الدعم لتلك القطاعات المستهدفة في الموازنة العامة للدولة وفي ظل تراجع قيمة الليرة السورية الكبير خلال السنوات التي تحدثنا عنها يمكن أن نتساءل:
هل تقوم الحكومة بحشر ملف الدعم ضمن الأرقام المالية المتاحة لديها وتقوم بتصميم وتنفيذ السياسات الخاصة بذلك الملف انطلاقاً من النظرة المالية البحتة؟ أم أنها تقوم بزيادة مبالغ الدعم الفعلي تبعاً للمحتاجين له على أرض الواقع؟
فإن كانت الحالة الأولى هي التي تتبناها الحكومة فنحن أمام مشكلة حقيقية في ملف الدعم وهي مشكلة مدى شمولية الدعم للمستحقين له فعلاً ومدى انسحاب الحكومة من هذا الملف تدريجياً، أي باختصار هب تقوم الحكومة بتكييف أعداد المستفيدين من الدعم ضمن ما تقرره أن كافٍ مالياً؟
وإن كانت الحالة الثانية هي الحالة الواقعة فعلاً فنحن بحاجة للأرقام الحقيقية للدعم كي نستطيع المقارنة والحكم على طريقة إدارة ملف الدعم وهذا مالا توفره الحكومة رسمياً.
وبالنتيجة النهائية فإن الأرقام الثابتة مالياً فيظل الظروف الاقتصادية الراهنة هي أرقام متراجعاً تنموياً بالمعنى العريض للكلمة.