الأربعاء, نوفمبر 6, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمردمشق والجامعة العربية.. حسابات العودة

دمشق والجامعة العربية.. حسابات العودة

هاشتاغ_مازن بلال
هناك تقدير أولي بأن الجامعة العربية كتعبير عن “النظام العربي” عاجزة عن مساعدة دمشق، وهذا ما يفسر البرود في مسألة حضور سورية القمة العربية القادمة، فتصريحات الأمين العام للجامعة العربية حول ضرورة التوافق على عودة سورية يعكس جزء من المشكلة فقط، لأن عمق ما يحدث يرتبط بالقدرة على مساعدة سورية في العديد من أزماتها، ابتداء من الإرهاب وانتهاء بالصعوبات الاقتصادية.
عمليا فإن دمشق تملك نموذجين على الأقل من تدخل النظام العربي بشكل رسمي في الدول الأعضاء للجامعة، الأول في العراق والثاني في لبنان، وإذا كانت حالة العراق حادة جدا نتيجة الاحتلال الأمريكي، فإن لبنان أكثر وضوحا خصوصا أن اتفاقين أساسيين رسما ملامح لبنان: الأول اتفاق الطائف والثاني تفاهم الدوحة الذي فك الاشتباك بين القوى اللبنانية وحزب الله، وفي النموذجين هناك انحياز سياسي لا يسمح للقوى الداخلية باتخاذ مواقف للتوافق الداخلي كما كان يحدث في النصف الأول من القرن العشرين.
حسابات العودة للجامعة العربية تختلف بين دمشق ونظام الجامعة عموما، وهذا الأمر ليس جديدا فهو يعود لمراحل لسابقة لتعليق عضوية دمشق، وحتى في مرحلة التسعينيات كان الضابط الأساسي لا يستند إلى الجامعة بل لتفاهمات دمشق والقاهرة والرياض، فإيقاع العمل الاستراتيجي في شرقي المتوسط كان يمر عبر العلاقة بين العواصم الثلاث، رغم أنها غير متوافقة على العديد من المواقف وعلى الأخص مسألة “السلام مع إسرائيل”.
كانت العواصم الثلاث متفاهمة على الحد الأدنى من مسألة “الأمن القومي”، وهو ما جعل سياساتها تضبط إمكانية الاضطراب رغم كل الأحداث العاصفة التي مرت بها المنطقة، ويختلف المشهد اليوم بمسألتين أساسيتين:
– الأولى أن النظام العربي وما تمثله الجامعة العربية من هذا النظام ليس لديها مشهد واضح حول الأمن الإقليمي، وغير قادرة أيضاً على فهم خطورة الاضطرابات وتأثيراتها على أمن شرقي المتوسط.
تثبت التجربتين السورية واليمنية (والليبية أيضاً) أن مسألة الاضطراب ترفع من سوية التوتر على الأقل في باقي دول المنطقة، فالحدث السوري على سبيل المثال غير من التحالفات على مستوى المنطقة، وأدخل في النهاية “إسرائيل” ضمن المنظومة الإقليمية، وإذا كانت بعض المواقف لا ترى في دخول “إسرائيل” ضمن المنظومة الإقليمية خطراً، فإن الخطر الحقيقي هو أن هذا الدخول يحفز قوى إقليمية أخرى مثل إيران على اتخاذ تدابير استثنائية، لأن ما يظهر هو حالة من التحالف تزيد من التوتر سواء في اليمن أو لبنان أو حتى سورية.

– المسألة الثانية هي أن العلاقات التقنية بين الدول، وهي العلاقات الأهم بالنسبة لدول مثل الأردن وسورية ولبنان، تصبح مرهونة بصرامة التحالفات الإقليمية الجديدة، والعلاقات التقنية المرتبطة بحياة الناس مثل الاتفاقات التجارية وغيرها تغدو مشروط بحالة سياسية خاصة.

عودة سورية إلى الجامعة العربية تعني منح الشرعية من جديد لحكومة دمشق، وهو أمر غير متاح وفق الصياغات الإقليمية الحالية، ولكن الأهم أن الجامعة العربية خسرت الكثير من أوراقها نتيجة الاضطرابات التي عصفت بالعالم العربي منذ عام 2011، وهو ما يجعل المنطقة بأكملها خارج أي غطاء استراتيجي؛ الأمر الذي يتطلب إعادة صياغة هذا النظام بمعزل عن حالة الاستقطاب الحادة التي تفرضها بعض القوى الإقليمية مثل تركيا أو إيران أو حتى القوى الدولية التي أصبحت جزءاً من الأمن الإقليمي للمنطقة.
مقالات ذات صلة