- إعلان -
هاشتاغ-رأي مازن بلال
بالرغم من بشاعة المجازر التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة فإن جبهتها العسكرية مع حماس باتت مغلقة، فالسيطرة النارية على القطاع لم تعد تحمل أي جوانب مرتبطة بالعملية التي أطلقتها بعد طوفان الأقصى، ومسألة “تحرير الأسرى” أصبحت ضمن دائرة مغلقة في وقت تبدو الترتيبات السياسية لمرحلة ما بعد الحرب غامضة، وهذا الوضع الميداني يدفع “إسرائيل” لخلق جبهات عسكرية لكسر نمطية المعارك القائمة حالياً.
عمليا فإن جبهة لبنان تشهد تطورات عسكرية متسارعة، لكنها بنظر “إسرائيل” ساحة لا تحمل أي متغير خاص، ومغامرة توسيع المعركة فيها تتطلب وضعا إقليميا جديدا يدفع القوى الدولية لتدخل بشكل أقوى، فـ”إسرائيل” تتعامل مع وضع معقد لا يرتبط بجغرافيا واضحة، وعلى الرغم من أن ضربات أنصار الله وبعض الهجمات من العراق لا تملك فاعلية عسكرية؛ فإنها مربكة وتحتاج إلى صياغة قواعد للحرب مختلفة عما بدأت به المعارك قبل عام تقريبا.
السؤال الرئيسي هنا: هل تصبح سوريا جبهة جديدة؟ ما فعلته “إسرائيل” خلال العام الماضي لا يختلف كثيرا عن اعتداءاتها طوال مرحلة الحرب في سوريا، فباستثناء الاغتيالات فإنها تعمدت بشكل دائم إلى إعاقة أي تطور للبنية التحتية العسكرية يمكن أن تمتلكها دمشق، في المقابل فإن الوضع السياسي السوري إقليميا لا يجعل من جبهة الجولان جبهة عسكرية مفيدة، وعلى الرغم من أن حزب الله يقصف قصفاً متكرراً قواعد عسكرية في الجولان المحتل، فإن هذا الوضع لم يحرك نقاط التماس السورية – الإسرائيلية.
الاحتمالات العسكرية “الإسرائيلية” في تبديل جبهة غزة تتجه نحو اعتبار سوريا بأكملها جبهة، وهو ما يشير إليه الاعتداء الذي جرى في مصياف، فعلى الرغم من أن المنطقة تعرضت مرات عدة للاعتداءات، لكن القوة النارية التي تم استخدامها لا تطرح فقط مسألة تدمير البنى التحتية “الافتراضية” للجيش السوري، بل تحاول أيضا إيجاد نموذج عسكري للمواجهة، يستند بالدرجة الأولى لمسألة التحريض العسكري.
في الاعتداء على مصياف كانت هناك رواية سربها “الإعلام الإسرائيلي” عن اختطاف عناصر إيرانية، وعن قوة تدخل تسللت بغطاء القصف “الإسرائيلي”، وسواء كانت هذه الرواية صحيحة أم لا، فإن المهم فيها هي رؤية “الإسرائيلي” لسورية كجبهة مفتوحة، وتبع هذا الأمر الحديث عن وجود أنصار الله في سوريا وذلك بعد قصف حيفا، وفي الروايتين تحضير واضح على المستوى السياسي لمسألة “الجبهة الجديدة الإسرائيلية”.
لم تغير الحرب في غزة حتى اللحظة من التشكيل الإقليمي، ولم تستطع الوحشية المستخدمة من فتح مساحات لـ”إسرائيل”، وذلك على الرغم من كل الثقل السياسي الأمريكي خلال الحرب، وسبب هذه المراوحة هو طبيعة تفكير “النخب الحاكمة” في “إسرائيل”، فهي تريد تبديل المسار السياسي القديم القائم على حل الدولتين، في المقابل فإن أوروبا والولايات المتحدة التي حضرت عسكريا لحماية “إسرائيل” تنتظر تحولات سياسية كي تعيد بناء خطوط تسوية مختلفة، وربما يصبح التصعيد على جبهات جديدة مخرجا لإعادة النظر بالصراع القائم الآن.