هاشتاغ – نور قاسم
أفرزت الحرب وتداعياتها الكارثية عودة العديد من الأمراض إلى سوريا بعد أن كانت البلاد قد تخلصت منها قبل سنوات طويلة، وآخر هذه الأمراض، الجرب، الذي يعود إلى الانتشار تزامنا مع الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون.
رئيس قسم الأمراض الجلدية في مشفى الأمراض الجلدية والزهرية بدمشق، الدكتور نضال حمادي، قال في تصريح خاص لـ”هاشتاغ” إن حالات الجرب تأتي بكثرة إلى المشفى.
وكشف حمادي إلى أن عدد المراجعين المصابين بالمرَض يتراوح ما بين خمسة إلى عشرة أشخاص يومياً .
حالات غير نموذجية
وبيّن حمادي وجود حالات غير نموذجية للجَرَب تُراجع المستشفى بنسبة لا بأس بها أيضاً.
وشرح ما يقصده بالحالات “غير النموذجية” بالقول إنها ليست مثل الحالات المعتادة وإنما بأشكال أُخرى مختلفة، كَأن تكون فترة الحضانة للمرض طويلة، أو لا يكون هناك مصاب آخر في المنزل، أو فترة الإصابة منذ أشهر والمرض معنّد ويحتاج إلى عدة محاولات علاجية للشفاء.
ولفت حمادي إلى أن التجمعات سواء في وسائط النقل الداخلي أو غيرها لا تُعَد سبباً رئيسياً لانتقال عدوى الجَرَب لأنه لا يوجد احتكاك الجلد للجلد، فالتلامس في الازدحامات خارجي في حين أن انتقال الحشرة المؤدية للجَرَب من جسد إلى جسد آخر تتم بالتلامس الداخلي، حسب قوله.
وبناء عليه، يقول حمادي، من الضروري عدم ارتداء الثياب العائدة لشخص آخر أو استعمال أغراض المصاب بالمرض .
قلة الاستحمام سبب رئيسي
من جهته، قال المدير العام لمشفى الأمراض الجلدية والزهرية الدكتور علي عمار في تصريحات لـ”هاشتاغ” إن أهم سبب لانتشار الجَرَب بين الناس يعود إلى الوضع الحالي للبلد.
وأوضح عمار أن “كثرة السوريين المهجرين من منازلهم، واضطرار ست إلى عشرة عائلات للعيش في غرفة واحدة، بسبب عدم قدرتهم على استئجار منزل لكل عائلة، وما يرافق ذلك من سوء في وضع الكهرباء والمياه، يؤدي لقلة الاستحمام، وبالتالي كل هذه العوامل مؤهبة لانتقال الجَرَب من شخص إلى آخر .
التشخيص الخاطئ
طبيبة الجلدية سلمى الحايك التي تعمل في عيادتها بريف دمشق قالت لـ”هاشتاغ”: “لاحظت مؤخراً مراجعة العديد من حالات الجَرَب إلى عيادَتي، ولكن الطامة الكُبرى أنهم توجهوا قبل مراجعتهم إلي إلى أطباء جلدية آخرين فشخصوا حالتهم على أنها حساسية أو أي مرض جلدي آخر.”
وأشارت إلى أن المصابين لم يشفوا من الجرب لأن التشخيص كان خاطئا.
ولفتت الحايك إلى أن المَرض معدٍ وسريع الانتشار وأعراضه لا تظهر إلا بعد ست أسابيع إلى عدة أشهر من الإصابة، موضحةً أن الجَرب هو طفح جلدي يسبب حكة تنتج عن سوس ناقب صغير يسمى القارمة الجَرَبية، يعيش تحت الجلد ويتكاثَر حتى يصل إلى مرحلة تجعل الإنسان يشعر بالحكة بعد احتضانه تحت الجلد لمدة طويلة يمكن أن تصل إلى أربعة أشهر، وطيلة فترة الحضانة يكون ناقلاً للعدوى، ثم تحدث حكة شديدة في المنطقة التي ينقب فيها السوس، وغالباً تكون الرغبة في الحك قوية خلال ساعات الليل.
العدوى باللمس المباشر
وبينت الطبيبة الحايك إلى أن الانتقال من شخص لآخر يمكن أن يتم من خلال اللمس المباشر أو عند استعمال فرشة المصاب، أو في النوادي، أو الصالونات والمدارس والشاليهات وغيرها من الأماكن.
ونوهت الحايك إلى أن الإصابة لا تقترن بالضرورة بقلة النظافة فقط، فهذا المرض ينتقل بالعدوى من شخص لآخر.
وأشارت إلى أن الجرب يظهر في ثنيات الجلد، ويمكن أن يصيب البالغين والأطفال الأكبر سنًّا في المناطق التالية: بين أصابع اليدين والقدمين، في الإبطين، حول الخصر، باطن الرسغين، الوجهة الداخلية للمِرفَقين، باطن القدمين، على الصدر، حول الحلمات، حول السرة، حول الأعضاء التناسلية، في منطقة الفخذ.
وأما الأماكن الشائعة التي يظهر فيها الجرب لدى الرضع والأطفال الصغار فهي الأصابع والوجه وفروة الرأس والرقبة، وأيضا راحتا اليدو باطن القدمين.
استشارة الطبيب
وأكدت الحايك على ضرورة مراجعة الطبيب في حال وجود أي شكوك بالإصابة، ويمكن لكثير من الأمراض مثل التهاب الجلد أو الإكزيما، أيضًا أن تسبب الحكة وكدمات صغيرة على الجلد.
وقالت إنه يمكن للطبيب الكشف عن السبب الدقيق للأعراض لتلقي المريض العلاج المناسب، مشيرةً إلى أن مضادات الهيستامين أو الدَّهونات التي تصرف بدون وصفة طبية يمكن أن تخفف من الحكة، لكنها لن تقضي على مسببات الجرب وبيضها.
وأما عن علاجه بينت الحايك أنه سهل جداً وممكن في حال التشخيص الصحيح له ومدة العلاج من ثلاثة أيام إلى أسبوعين .