Site icon هاشتاغ

الحرائق.. استكمال مشاهد الحرب

الحرائق.. استكمال مشاهد الحرب

الحرائق.. استكمال مشاهد الحرب

هاشتاغ – نضال الخضري

عندما تندلع الحرائق لتُكمل المشهد الدامي في غزة ولبنان ترتسم صورة جديدة، فغضب الطبيعة ليس جديداً، واستهلاك المساحات الخضراء بات ثقافة نحملها معنا، لكن صورة النيران توحي بأن ما بقي من جمال يمكن أن يذهب من حياتنا لأسباب نجهلها، وانتهاء الغابات يحدث لأن النشاط البشري بات أكثر من أن تحتمله الأرض، فما يحدث مترابط على الأقل في رمزية خاصة تضعنا ما بين سخط الطبيعة ومع ما تحمله “إسرائيل” من عشق للموت.

حرائق الغابات باتت مألوفة ليس في سوريا فقط؛ فهي تتمة طبيعية لما يحمله الإنسان عموماً من أنانية خاصة؛ تستهلك ما حوله ولا تترك للأجيال أي مساحة استرخاء من تعب الحياة، وفي صورة أكثر خصوصية فإن شريط الغابات في سوريا لا يحتمل حرائق إضافية، ولا حتى ضغطاً للأسمنت الذي أصبح حالة خانقة، فعندما نريد الحفاظ على مساحة خضراء فعلينا التفكير بطريقة استهلاكنا لكل شيء، وبحجم النفايات التي نضعها كل يوم في وجه الطبيعة، وهي نفايات ليست فيزيائية بالضرورة، بل أيضاً كم الأفكار التي تحملها التحليلات عن الحرب على سبيل المثال، أو حتى القدرة على الثرثرة وسط حالة الموت التي تحيط بالجميع.

حتى نحمي أنفسنا والأجيال القادمة ربما علينا أن نبحث عن مساحة جديدة لا تستبعد الحرب، لكنها على الأقل تكون “لطيفة” تجاه ما نأخذه من الحياة، ونتعلم أن صراعنا ليس آنياً بل حالة ممتدة لا يمكنها البقاء من دون أن تستند إلى طبيعة جميلة، ومساحة خضراء تعطينا الحافز كي ندافع عن بقائنا، فالصور المترابطة ما بين نشاطنا البشري وتحديات الاستمرار في هذه الجغرافية هي التي احتلت ذاكرتنا فأورثتنا نوعاً من الهروب عند أي بادرة خطر.

حرائق الساحل السوري ليست غريبة عن المسار الذي يحملنا إلى التناقض مع وجودنا، وهي أيضاً جزء من المشهد الأكبر لصراعاتنا كلها، ومهما ظهر هذا الأمر غريباً في البداية فإنه بعد اكتمال التفكير بثقافتنا تترابط كل الخيوط، فما يجعل الغابات تحترق ليست صواعق مفاجئة من السماء أو براكين من داخل الأرض، بل نشاط بشري ينقل ثقافتنا وأساليب حياتنا المضطربة، وهو التفكير نفسه الذي نستخدمه في مواجهة الآخر الذي يهدد وجودنا، فعندما نحسن التعامل مع بيئتنا نستطيع رسم لوحة حياة مختلفة تملك كل التفاصيل التي تساعدنا في الحفاظ على ما نملكه اليوم وسنورثه للأجيال القادمة.

كل شجرة تسقط اليوم لا تختلف عن سقوط طفل نتيجة الحرب، لأنها تعبر عن فشل في حماية “نظام الحياة” الذي نعيش في ظله، وكل صداع أمام التنظيرات التي تحاول القفز نحو مستقبل المنطقة هو أيضا كسر لإيقاع الطبيعة أيضاً فالحياة مترابطة أكثر مما نعتقد، وعند اندلاع الحرائق فإن النار تعبر عن إخفاق في أساليب حياتنا وتفكيرنا في المستقبل، وحتى في آلية مواجهتنا الأخطار سواء كانت حرائق أم قنابل تهبط فوق رؤوسنا.

Exit mobile version