تستعر الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، مع تزايد عدد الدول المنضمّة لمبادرة بكين الخاصة باستخدام العملة المحلية في التبادل التجاري الثنائي بدلاً من الدولار، وأحدثها البرازيل.
هل تقترب نهاية هيمنة الدولار على اقتصاد العالم، وما الحد الأقصى لطموح الصين وراء مبادراتها الاقتصادية الأخيرة؟.
مؤخراً، أعلنت الحكومة البرازيلية خلال منتدى أعمال صيني-برازيلي رفيع المستوى في بكين، أنها توصلت لاتفاق مع الصين للتخلي عن الدولار واستخدام عملتيهما المحليتين، اليوان والريال البرازيلي، في تعاملاتهما التجارية الثنائية.
وقالت الوكالة البرازيلية للترويج للتجارة والاستثمار “أبيكسبرازيل” في بيان: “هناك توقعات بأن هذا سيخفض التكاليف.. ويعزّز التجارة الثنائية أكثر ويسهل الاستثمار”.
حجم التبادل التجاري بين الصين، المنافس الأول للاقتصاد الأميركي، والبرازيل، التي تعد أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، بلغ 150 مليار دولار العام الماضي.
سلسلة اتفاقيات تتسع
مع اشتداد التوتر في علاقات الصين والولايات المتحدة، وفي إطار هدف بكين لتكون قوة اقتصادية تناطح، أو تتجاوز، الولايات المتحدة، أبرمت الصين السنوات الأخيرة اتفاقيات مع عدة دول لتقليص تعاملاتها بالدولار الأميركي وإضعافه.
ومن الدول التي تماشت مع سياسة الصين في هذا الاتجاه وأبرمت معها الاتفاقيات، روسيا وباكستان وإندونيسيا وبنغلادش وكازاخستان ولاوس، والآن البرازيل.
أسهمت هذه السياسة في وصول اليوان الصيني لخامس أكثر العملات نشاطاً في المدفوعات العالمية.
طموح التمدد
يُرجع الخبير الاقتصادي أحمد أبو الوفا، سياسة الصين في تقليص التعامل بالدولار، إلى خطتها الخاصة بالتمدد والانتشار في العالم من بوابة الاقتصاد.
في هذا الاتجاه كما يوضح أبو الوفا لـ”سكاي نيوز عربية” اتخذت الصين هذه الخطوات:
– وضعت خطة طموحة لدعم اليوان وتقويته أمام الدولار، مدفوعة بكونها قوة اقتصادية ضخمة تبلغ صادراتها في العام أكثر من 22 تريليون دولار.
– أطلقت مبادرة الحزام والطريق، لتعزيز انتشارها في قارات إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.. وربط عروق اقتصاد العالم باقتصادها.
– أطلقت اليوان الرقمي لتقوية عملتها أمام الدولار.
كل هذه الخطوات سترتد على الولايات المتحدة بأزمات اقتصادية، مثل ارتفاع التضخم مع تحجيم التعامل الدولي بالدولار.
ويرجّح أبو الوفا أن تلحق الكثير من الدول بركب التعامل بالعملة المحلية مع الصين.. خاصة مع قدرة اقتصاد الصين وتبادلاتها التجارية على الوصول لكل دول العالم.. بما فيها الولايات المتحدة، المنافس الأول لها.
الدولار ما زال المتربع
المحلل الاقتصادي أيمن عبد العزيز، يتفق في أن ما تفعله الصين يؤشر لأن هناك قوى أخرى. “بدأت تناطح الدولار وتحاول زعزعة مكانته”.
إلا أنه في ذات الوقت، يلفت إلى أن الدولار “سيظل مهيمناً في العالم لوقت طويل.. ويبقى الكثير حتى نستطيع القول بأن اليوان أصبح بقوة الدولار”.
ويوضّح أن قوة الدولار مستمدة من بيع النفط بالدولار وفق الاتفاق الذي أُبرم مع السعودية في سبعينيات القرن الماضي.
ويشير إلى أن إقرار الدولار كعملة احتياطية للعالم بعد الحرب العالمية الثانية أسهم أيضاً في قوته واعتماد الدول عليه.