الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرالحرب العالميّة الثالثة.. بدأت

الحرب العالميّة الثالثة.. بدأت

هاشتاغ_ رأي أيمن علوش

الحرب الروسيّة على أوكرانيا هي حرب عالميّة ثالثة على كافّة الأصعدة، باستثناء الجانب العسكري، فقد استنفر الغرب لها كافّة إمكانياته وإمكانيات حلفائه وإمكانيّات الدول التي تسير في فلكه أو ترتبط بخيوط أصابعه، وروسيا ستصعّد أيضاً في أدواتها بما لا يجعلها تخرج من ميزان التوازن الدولي.

الحرب الإعلاميّة على أشدّها، وقد سقطت كلّ المعايير فيها، ويبدو لنا أن رجل الدين الذي كان يفتي للجهاد والقتل في افغانستان وسورية والعراق وليبيا واليمن هو نفسه الذي يفتي اليوم للفيسبوك وتويتر وانستغرام وكبرى الصحف والمحطات والمجلات العالمية، فغاب التوازن وأصبح سيف الإعلام يستهدف ليس روسيا وحربها بل عقل كلّ انسان حرّ يريد أن يرى الحقيقة.

والحرب الاقتصادية لم تكن أقل وطأة من الحرب الإعلاميّة، حيث طالت كلّ سكان هذا الكوكب، وعقوبات أمريكا وحلفها على روسيا كان لها تأثير معاكس على دول الحلف ذاته، وقد يشتد هذا التأثير مع ارتفاع منسوب الألم الروسي منها، وتظهر هنا أيضاً فتاوى رجل الدين التكفيري الذي يجيز قطع الرؤوس وأكلها نيئة.

لا اعتقد أن روسيا كانت تظنّ أن دخولها إلى أوكرانيا مهمّة سهلة، فهي تدرك جيداً أن هدفها في تحييد أوكرانيا سيلقى استنفاراً كبيراً من دول محور أمريكا التي تريد روسيا مجرد دولة كباقي دول العالم الذي يخضع للحصار والعقوبات والتهميش، وإذا كان لا بدّ من توازن استراتيجي فإن الولايات المتحدة والغرب أرادوه أن يكون بين روسيا وأوكرانيا بأن تصبح أوكرانيا دولة نووية وبيولوجيه وكيماوية، دون أن يتورط الناتو بجعلها إحدى أعضائه لكي ينأى بنفسه عن نتائج وتبعيات أيّ حرب بينهما.

أعتقد أن روسيا استشعرت ما يخطط له المعسكر الآخر، وربما لم يكن الوقت في صالحها كما تريد تماما فذهبت إلى الحرب دون استكمال المزيد من عناصر القوّة والأمان لها، وأعتقد أنه بالرغم من أن المخطط الروسي مدروس إلى حدّ كبير إلّا أن مفاجآت الحرب لم ولن تكون كما تهيأت له القيادة الروسيّة، وهذا من شأنه أن يزيد من حدّة المعارك وعدد القتلى المدنيين ويدمر البنية التحتيّة، فروسيا لن ترضى، حسب تقديري، أن تخرج من هذه المعركة خاسرة، فهي ستصعّد من شدة دمار أسلحتها كلما ارتفعت فعالية السلاح الذي يصل للأوكرانيين، وستطور من استراتيجيتها في إغراق أوروبا باللاجئين كلما زادت الصغوط الدولية عليها، وستطور من طموحها في أوكرانيا بما يتناسب مع خسائرها، وما يمكن أن ترضى به اليوم لا يمكن أن ترضى به غداً، وأعتقد أن الموقف سيبقى مفتوحاً على كافة الاحتمالات ما لم يترك الغرب مخرجاً لروسيا لا ينتقص من قدرتها التدميريّة.

لقد امتلكت روسيا لنفسها نقاط قوّة كثيرة خلال السنوات الماضية مستفيدة من الوضع السوري، وقد نسمع طبول عرس أوكرانيا في الشمال السوري أو العراق أو في تصعيد يمني أو في المضائق المائية أو حتى في أسلحة روسيّة محمولة تقضّ مضاجع الأمريكيين في كثير من مناطق تواجدهم، وحرب ألغام بحرية وطائرات مسيّرة وصواريخ محمولة تعطّل حركة الملاحة بهدف إعادة كامل أوروبا إلى رحمة الغاز الروس.

كلّ القيم الجميلة التي نتغنّى بها تصبح شريرة عندما يريد رئيس العصابة ذلك، وتبدو عبارة الرئيس الأمريكي جورج بوش “من ليس معنا فهو ضدنا” التكفيريّة أساساً لكثير مما شهده العالم، سواءً مع حرب العراق أو ما سبقها وما تلاها، بما فيه ما مارسته “داعش” من قتل وذبح وسبي وتهجير، وهو نفس المبدأ الذي تستخدمه اليوم الولايات المتّحدة وحليفتها الأقرب بريطانيا لترهيب العالم بكافّة أجهزته ومؤسساته بأن يستسلم لخطواتها وقراراتها في كافة جوانب هذه الحرب العالميّة الثالثة.

إنها الحرب العالمية الثالثة التي تقتل كلّ القيم والمبادىء والإرادة والأمل، وهو قتلٌ أشدّ فتكاً وإيلاماً من قتل الجسد.

*دكتوراه في السياسة الدوليّة_جامعة اكستر

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة