الأحد, ديسمبر 22, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرالحرب من مساحة الذات

الحرب من مساحة الذات

هاشتاغ_ رأي نضال الخضري

تبقى الحرب من نافذة الأنثى خطاً متقطعاً لا يحمل منطق السياسة، ويجعل التحليلات حالة سرمدية لا تنتهي.

هي عمل لا يمكن تجزئته سواء كان في سورية أو اليمن أو حتى في أوكرانيا، فهذا الفعل المخيف يُطلق قلق المستقبل ثم يجعل الذاكرة صورا يصعب جمعها ضمن “موقف سياسي”.

العنف ربما يُبرر نفسه لكنه في الزمن الأنثوي يعيد تشكيل الوجوه المتقاتلة، ويغير من سمة الوجود الذي يغدو مكانا خطرا لأبعد الحدود.

المرعب فيما يحدث هي حملة العلاقات العامة للحرب، فالخبرة السورية علمتنا على امتداد إحدى عشر عاماً أن العلاقات العامة (PR) هي بذاتها حرب، فسواء ظهرت ملكة جمال أوكرانيا بزي عسكري، أو امتلأت عقولنا بـ”المارشات” العسكرية، فإننا سنقف أمام إغراءات العنف التي تصبح أشبه بأرض تزينها الوجوه الغريبة، فنحاول الانتقال إلى أبعد زاوية هربا من “الإعلانات” التي تجعل من “الولاء” للوطن صورة لأنثى مدججة بالسلاح، أو نشيد يستدعي الدموع ليكون عاطفة توازي قلقنا من مساحة العنف التي تحاصرنا.

في حملات العلاقات العامة يكسر الجميع قواعد الحياة المعاصرة التي ابتكرناها، فتصبح الموضوعية ملتصقة بحرفية الصورة، وتنتهي العدالة عند حدود حشر “الرأي العام” في زاوية خانقة، فتموجات الحياة تغدو لونا واحدا يبهر البصر بمشاهد الظلم التي يمارسها طرف ضد آخر، وتغدو مقاطع الدعاية ابتزاز لعواطف يصعب إخراجها وسط العنف المرسوم بشكل متقن.

السؤال الذي يطاردنا في بداية كل حرب يلخص كل الويلات المختزنة داخلنا، فهل نستطيع اعتياد التطرف؟ وهل يصبح العالم أكثر أمنا مع “القنابل الذكية” أو “الأفلام الدعائية”؟

ربما تجعلنا الحروب أمام رؤية أكثر عمقا لحالة الفصام التي يولدها العنف حيثما وجد، لأنه يريد احتكار الإرادة والمصلحة بحروب لا تستخدم الأسلحة التي اعتدناها، فهو يملك كل قواعد البيانات التي تخصنا، فيشكّل تصوراتنا كما شكّل سابقا سلوكنا الاستهلاكي وقناعاتنا بالقيم والمبادئ التي غدت لوحة جميلة على خلفية الحروب القائمة.

صورة الحرب القائمة اليوم لا تختلف عن النمط الذي واجهناه من قبل، فـ”الشيطنة” تلازم أي كلام يظهر أمامنا، وأي مشهد يخطفنا غصبا ويدفعنا بالعنف لنكون رأيا عاما، بينما في ساحة المعركة واقع لا يصلنا إلا من بوابة “العلاقات العامة” التي تُشعل حربا مختلفة تصمت فيها البنادق وتشتعل المشاهد المرسومة باستخدام كل قواعد “الذكاء الصُنعي”، فننتقل بين جمال النساء اللواتي يصبحن “طليعة الحرب” وصور الأطفال النازحة من دائرة العنف.

لا يوجد منطق في الحروب، لكننا نحاول وسمها بشكل سياسي براق، ونكتب عبرها ملاحم لأجيال المستقبل التي تحتاج لرموز وسط عالم يتهاوى.

حكاية الإنسانية مع الحروب هي قصص المجد، لكنها اليوم سردية مختلفة عن عالم “الأنوار” الذي يقاوم الشر القادم برا من الشرق، وهو عالم لقيم يمكن تشكيلها في كل لحظة لتصبح كل المصطلحات تسلية فارغة ابتداءً من بناء السلام وانتهاءً بـ”العدالة”، ففي وجه حرب العلاقات العامة لا توجد خطوط حمر بل مساحة مفتوحة لدفن القيم.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة