الإثنين, مارس 10, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمر"الحقوق المنتزعة" عبر الفيسبوك مسكّنات اجتماعية لكن ...

“الحقوق المنتزعة” عبر الفيسبوك مسكّنات اجتماعية لكن …

هاشتاغ سوريا- رشا سيروب

على الرغم من أن لكل مواطن الحق في تقديم شكوى على خدمة عامة أو المشاركة في كشف حالات فساد، إلا أنه نادراً ما سمعنا بلجوء المواطن إلى الآليات الرسمية لتقديم الشكوى، وعلى المقلب الآخر نادراً ما سمعنا بأنه تم حل مشكلة مواطن تقدم بشكوى عبر الطرق الرسمية “وفق الأصول”.

كم شكوى تم تقديمها للمؤسسات الحكومية وضاعت في الأدراج؟ وكم اقتراح لحلول مشاكل لقيت الإهمال؟

وكم جريمة قُيدت ضد مجهول وكم دعوى بقيت قابعة في أقبية القصر العدلي لسنوات؟

اليوم وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتربّع الفيسبوك على قائمته في سورية، لم تعد قضية “مواطن مع مدام فاتن” ومعاقبة الموظف القصة الأولى ولن تكون الأخيرة، ألم نسمع قبلها عن “رجل الطابع” في حلب، وعن “تنور أم علي” في جبلة وهي أم لستة عساكر، وعن جريمة بيت سحم في ريف مشق وغيرها العديد من المظالم لمواطنين “بسطاء” جميعهم ما كانوا لينالوا “حقوقهم” إلا عبر الفيسبوك.

ومع ذك لا يجوز النظر إلى هذه “الحقوق المنتزعة” بأنها “استجابة حكومية سريعة” وإقرار للعدالة والحق. “الحقوق المنتزعة” عبر الفيسبوك ليست إلا دليلاً واضحاً على أن المسؤولين لا يمارسون “واجباتهم” إلا عبر الفيسبوك، وأن الإجراءات الإدارية “وفق الأصول” في تقديم الشكاوي ليست إلا هدراً لوقت المواطن “البسيط” بإشراف حكومي مع “طابع مالي”.

مسكنّات اجتماعية انتقائية
وأكثر صفة يمكن إطلاقها على ظاهرة “الحقوق المنتزعة عبر الفيسبوك” بأنها عبارة عن “مسكنّات اجتماعية” لأزمة خانقة يعيشها المواطن في تعاملاته مع الدوائر الحكومية وفي تحركاته اليومية لاهثاً وراء لقمة عيش مغمّسة بالقهر.

لكن حتى هذه المسكّنات هي “مسكّنات انتقائية”، فهي تلحظ وترصد القضايا الصغيرة وتسلط الضوء عليها، وتهمل القضايا الكبيرة، كم قضية فساد ذُكرت بها الأسماء والوقائع وتم إنكارها أو إهمالها، وكم ملف تطرّق إلى الإهمال الوظيفي وهدر الأموال العامة وكانت النتيجة “التطنيش” أو “الترفيع” وتكريم أصحابها من منطلق ليست الشاشة الزرقاء ومن يقبع خلفها من “مواطنين”، نحن من يقرر من يحاسَب وكيف يحاسَب. وكم من موضوع حسّاس أُثير على وسائل التواصل الاجتماعي ليس آخرها انتخابات مجالس إدارة الغرف التجارية وقبلها انتخابات مجلس الشعب ولقي التجاهل وعدم التوضيح، وكم من انتقادات “بنّاءة” طُرحت على وسائل التواصل الاجتماعي وكان مصير أصحابها جريمة الكترونية أو وهن عزيمة الدولة؟!

ما يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي من عرض للشكاوي وطلب مساعدات واستجداء السلطات العليا لأبسط الأمور، يكشف خللاً مؤسسياً هيكلياً بات علاجه ملزماً اليوم قبل الغد، وبات التعامل معه ضرورة ملحة شأنه شأن تحسين مستوى الدخل وعلاج الفقر المدقع.

لكن مادام المواطنون لن ينالوا “حقوقهم” إلا عبر الفيسبوك، والمسؤولون لن يمارسوا “واجباتهم” إلا عبر الفيسبوك سيبقى تقديم الشكاوي “وفق الأصول” هدراً لوقت المواطن “البسيط” بإشراف حكومي مع طابع مالي.

مقالات ذات صلة