الأحد, أكتوبر 27, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالحكومة السورية تعالج ارتفاع الأسعار بطريقة "خض الماء": الأجور المتآكلة أساس المشكلة

الحكومة السورية تعالج ارتفاع الأسعار بطريقة “خض الماء”: الأجور المتآكلة أساس المشكلة

هاشتاغ-يسرى ديب

ما زالت الحكومة السورية تعمل على علاج مشكلة الأسعار بنفس الآلية التي تشبه” خض الماء” لذلك بقي الحال ذاته.

أسعار مرتفعة.. جودة متدينة.. قلة في العرض.. وغيرها من المشكلات، وفقا لما يقوله خبراء اقتصاديون.

تعتمد الطريقة المتبعة على الضغط ثم مزيداً من الضغط على أصحاب قطاع الأعمال من أجل تخفيض الأسعار حتى لو فرضت تسعيرة أقل من التكلفة أو تقترب منها لتراعي الأجور الميتة مع أن العلاج هو في إصلاح الأجور بالدرجة الأولى.

وزير التجارة الداخلية عمرو سالم أكد في أكثر من مرة خلال اجتماعاته العامة أن التسعير عموماً أقل من التكلفة، وهذا ما يقول عنه اقتصاديون وأصحاب فعاليات اقتصادية “إن هذه الطريقة تؤدي إلى إنهاك الاقتصاد والمنتجين، والدليل إقدام أصحاب عشرات المشاريع إلى تصفية أعمالهم في سوريا”.

“العدل” تتدخل

لم يتوقف الأمر على تهديدات وزارة التجارة الداخلية بالحبس والغرامات للمخالفين، بل دخلت وزارة العدل السورية على الخط في موضوع معالجة ارتفاع الأسعار، وعمم وزير العدل في كتاب على قضاة المحاكم بضرورة التشدد في فرض العقوبات( الحبس والغرامة) بحق المخالفين مثل ( البيع بسعر زائد، وعدم الإعلان عن الأسعار، والغش بالمنتجات والسلع وفق المرسوم 8 لعام 2021 الخاص بحماية المستهلك).

جرائم شائنة

هذه الحملة أثارت الكثير من ردود الأفعال، حيث بيّن تجار استطلع “هاشتاغ” آرائهم أن الجرائم التموينية تحولت إلى جرائم شائنة وذكروا بعض مما يترتب عليها:

عقوبة سبع سنوات سجن، وحرمان من تطاله التهمة من الحصول على لا حكم عليه أو الترشح للانتخابات، وحجب العمل في الكثير من المجالات عن الشخص المعاقب. وذهب بعضهم إلى الدعوة للقيام بحراك جماعي كالتوقف عن الاستيراد لحين مناقشة آلية العمل.

وأشار بعض التجار إلى ضرورة تغيير النظرة للتاجر، “لأن الغرامات والسجن أمر غير لائق، وتكاليف التاجر ومصاريفه والصعوبات التي يواجهها لا تخفى على أحد، في إشارة واضحة إلى ما بات يسمى بالتكاليف غير المنظورة في سوريا ( رشى وأتاوات ودفع على الحواجز..الخ) .

خرجت من العمل

عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق وصف الوضع لهاشتاغ بالصعب، وقال إننا بحاجة إلى الانتباه أكثر إلى المؤشرات الحالية من حيث ضعف حجم الاستيراد و حجم الصناعة نتيجة عدة أمور.

وأكد أنه بالرغم من إنشاء شركات جديدة، إلا أن مؤشر تصفية أعمال شركات قديمة هو مؤشر أحمر، حيث أن الشركات القديمة لها سمعتها بالأسواق الداخلية و الخارجية، و يجب العمل على دراسة أسباب تصفيتها و معالجتها.

معتبرا أن أحد الأسباب الرئيسية خلال الفترة السابقة هو التكاليف المالية التي لا تقبل بالخسارة، أو التوقف عن العمل المؤقت، و هو ما اضطر إلى إغلاق هذه الشركات.

غير مبرر

يوضح الحلاق أن هنالك شح في المواد، وارتفاع أسعار غير مبرر بالتوازي مع دول الجوار، حيث أن الكثير من المواد تباع بأعلى من أسعار دول الجوار، و دعا إلى إعادة النظر بالرسوم الجمركية والإضافات عليها، و تحديد نسب ربحية محددة لدى الدوائر المالية في ظل هذه المتغيرات العالمية التي نعيشها، لحين استقرار الأمور.

ووصف الحلاق حال قطاع الأعمال بالمحبَط نتيجة عدم استقرار التشريعات و نتيجة القرارات الجديدة الخاصة بتجريم التاجر و اعتبار المخالفات التموينية جرم شائن، حيث أن أهم محفز للعمل هو استقرار التشريعات و مرونتها و ليس فرض عقوبات على المخالفات البسيطة.

مخالفات ظالمة

يقول الحرفي محمد الإمام المختص بصناعة الحلويات لهاشتاغ إن التعامل مع التاجر كأنه حرامي أمر غير منطقي، وتحدث عن تسجيل مخالفة بصاحب محل حلويات ( الكيالي) في المرجة، علماً أن دوريات التموين وجدت التسعيرة فقط ولم تجد الحلويات.

التموين كانت حددت التسعيرة بمبلغ 18 ألف ليرة، بينما التسعيرة التي وجدوها في المحل 20 ألف ليرة ، فخالفت صاحب المحل رغم أن التسعيرة الجديدة للتموين لنفس المادة أصبحت 25 ألف ليرة بعد دراسة تكالفها.

أضاف الإمام أن هذا الرجل الستيني ما زال بين المحاكم وسينتهي به الحال في السجن إضافة لإغلاق المحل والتكاليف الكبيرة، لمخالفة وصفها بالظالمة.

وأشار الإمام إلى ضرورة قمع المخالفات، وقال إن التجار ليسوا ملائكة فمنهم الجيد ومنهم السيء،، ولكن لا يجوز التعامل مع القضايا كلها مثل بعضها، فمن غير المنطقي مخالفة محل على بيعه عبوة ماء بسعر أعلى بمبلغ 200 ليرة، أو تنظيم ضبط بصاحب محل وجدوا عنده كيلو فول يابس منتهي الصلاحية، وهذا سينتهي بأصحابها إلى السجن والغرامات الكبيرة.

عند الكبار

وقال الإمام أن أساس المشكلة في المخالفات السعرية عند المستورد الكبير الذي لا يرونه، لأن علاقتهم تنتهي عند تاجر الجملة وهذا أرباحه أقل.

وذكر أن سعر صندوق الزبدة الحيواني مثلاً ارتفع إلى أكثر من مليون ليرة، حيث أصبح سعر الكيلو منه 46 ألف ليرة، بينما سعره في الفاتورة التي يحصل عليها لا يتجاوز 8 ألاف ليرة، ولا يمكنه المطالبة بالسعر الحقيقي لأنه لن يتمكن بعدها من الحصول على حاجاته، أو لن يجد استجابة.

ودعا الإمام الحكومة إلى الاستيراد عن طريق مؤسساتها، خاصة لمواد كالسكر والسمنة والزبدة، ولكن التشدد دون بدائل قد ينتهي بالتوقف عن الاستيراد.

غير منطقي

موضوع التسعير والأسعار هو الشغل الشاغل لجميع الأطراف ف سوريا، وذلك بسبب الفرق الهائل بن الأجور والأسعار.

عضو غرفة تجارة دمشق ياسر كريم قال لهاشتاغ إنه منذ زمن طويل والعلاج يطال جزءا من المشكلة، ولا تعالج المشكلة كاملة، وبتطبيق نفس السياسة تستمر الأسعار بالزيادة .

وبين أن القول بضرورة تخفيض الأسعار فقط من أرباح التجار “غير منطقي، لأن أقوى وسيلة لتخفيض الأسعار هو توفر المواد وسرعة انسيابها”.

مضيفا: “عندما يطلب من الصناعي أو التاجر أن يبيع بسعر أقل من الكلفة، يمكنه أن يلتزم بذلك لفترة قصيرة، ولكن الحساب الاقتصادي يعيده للمربع الأول الذي يقول إن من يعمل يجب أن يربح وإلا سيتوقف عن العمل”.

أضاف كريم أن التسعير منظومة متشابكة ومتشاركة من المؤثرات تبدأ من توفر المواد وانسيابيها.

فعند توفر الليمون بكثرة في الأسواق لا يمكن لتاجر أن يرفع سعره مثلا لضعفين، أما عند افتقاده فيمكن رفع السعر لأضعاف .

وأشار كريم إلى أن الأسعار تتأثر بتكاليف الإنتاج والتسويق والنقل، “فارتفاع أسعار الطاقة يغير في الكلفة من ٥ إلى ٢٠% وربما أكثر. كذلك الضرائب والمصارف الجانبية وغيرها”.

وانتقد اقتصاديون طريقة عمل وزارة التجارة الداخلية، حيث نشر الاقتصادي جورج خزام على صفحته منشوراً يشير فيه إلى أن طريقة عمل الوزارة تقوم على مبدأ: ” خلي الشعب يطعمي بعضه” وهذه الطريقة تتسبب بتدمير الصناعة والتجار والزراعة بسبب وضع أسعار أقل أو تقارب التكاليف، وفقا لقوله.

وأشار خزام إلى أن الوزارة تقوم بتسعير المستوردات والمنتجات الوطنية بوضع أسعار أقل أو قريبة من تكاليف الإنتاج، وحتى لو كان تاريخ تكلفة إنتاجها منذ سنوات هو 10ألاف ليرة مثلاً، فيجب بيعها اليوم بسعر 11,500 ليرة.

أضاف خزام أن الغاية نظرياً هي حماية المستهلك من المنتج، ولكن عملياً تم القضاء على المستهلك و المنتج معاً.

ورأى أن هذه الأسعار الرخيصة، والهادفة لتعويض المواطنين عن تراجع القوة الشرائية للرواتب الضعيفة، جعلت الكثير من المنتجين يتوقفون عن الإنتاج ويخرجون من السوق السورية إلى أسواق أخرى مثل تركيا و مصر حيث يطبقون مبدأ “دعه يعمل دعه يمر” . و هذا تسبب بتراجع الإنتاج لصالح الاستيراد واستنزاف الخزينة العامة.

وقال خزام إن وزارة التجارة تعمل على مبدأ هدَّام لما تبقى من الاقتصاد الوطني و هو إلزام التاجر بالقوة و التهديد ببيع البضاعة القديمة على السعر القديم و التعويض بكميات أقل عند الشراء على السعر الجديد.

أضاف خزام أن الرواتب الضعيفة و الهزيلة للموظفين ليست مقياساً لأي سعر بضاعة بالسوق لأنها بالأساس غير منطقية.

المشكلة في الدخل

في حين وجه الصناعي السوري عصام تيزيني رسالة إلى وزير الاقتصاد السوري سامر خليل عبر صفحته يقول فيها إن التهديد والضرب بالحديد لم و لن يحل المشكلة.!!

وقال “أنتم عاجزون عن تحسين قدرة الناس على الشراء وبنفس الوقت لا تسمحون لهم أن يحسنوها بطريقتهم التي غالبا ما تكون بتصريف ما يدخرونه أو ما يأتيهم من بضعة دولارات من أبنائهم في الخارج،.. أنتم تجبرونهم على الذهاب للسوق الحر وتجعلونهم مدانين ومتهمين تحت الطلب” .

بحضورهم وعلمهم

المعنيون في وزارة التجارة الداخلية يؤكدون في كل تصريحاتهم أن التسعير يتم دائماً بحضور كل الأطراف المعنية.

وفي تصريح لوزير التجارة الداخلية عمرو سالم حول آلية التسعير المعتمدة بين سالم أنهم درسوا الكلف الحقيقية بكل تفصيل من سعر المادة في بلدها، وأنه لديهم اتصال مع البورصات العالمية، وأجور الشحن، وأنهم أخدوا بالاعتبار سعر الدولار في المركزي والسعر الجمركي أيضاً، وكذلك النفقات الأخرى التي يتحملها كل مستورد، وأضافوا لها الربح القانوني من كبار المستوردين أو المنتجين.

وعقب على قول البعض بأن التسعير غير مهم، وليس السياسة الصحيحة لتخفيض الأسعار قائلا “إن التسعير موجود في القانون ومجبرون على التسعير”.

واختلف مع بعض النظريات التي تقول إن الوفرة والمنافسة هي الكفيلة بتخفيض الأسعار، وقال يجب أن نكون واقعيين وننظر لوضع البلد فنحن لدينا موارد محدودة.

وأكد أنه يتم العمل على زيادة الكميات المستوردة، وأنه يتم استجرار الحد الأقصى من الإنتاج الزراعي. ولكن بعضه لم يكن بالكميات الكافية مثل البقوليات والبطاطا.

وأشار إلى العمل على تحقيق الوفرة للوصول إلى أكبر كمية ممكنة لتحصل منافسة.

فواتير حقيقية

الوزير سالم قال إن الوزارة ألزمت المستوردين الرئيسيين وتجار الجملة وأصحاب معامل التعبئة بأن يقدموا أسماء تجار الجملة والموزعين الذين يعملون معهم، وأن يصدروا فواتير حقيقة، لأنه تبين لهم أن المستورد يقدم فواتير وهمية من أجل أن يبيع بسعر أعلى.

وأشار سالم أنه بعد وضع تسعيرة “عادلة جداً” أصبح التجار ملزمون بتزويدهم بأسماء تجار الجملة والموزعين، وبالتالي، ستتم مراقبة الفواتير الصادرة من المستورد أو المعمل أو المصنع إلى تاجر المفرق.

وقال سالم إن المشكلة من التاجر الكبير، فهو يغطي نفسه بفواتير غير حقيقية، ويخاف التاجر البسيط من التصريح عنه، لكي لا ينتقم منه ويقطعه من البضاعة.

وذكر أنهم عندما يعرفون تاجر الجملة الذي يحصل على البضاعة من التاجر الكبير سيراقبون كل حلقة من الأعلى إلى الأدنى.

وتوعد كل من يرفع أسعاره عن النشرة الصادرة كل 15 يوماً بمصادرة بضائعه وطرحها بسعر التكلفة في صالات “السورية للتجارة”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة