هاشتاغ – خاص
في الوقت الذي تنتقل فيه اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الموعود من محافظة إلى أخرى، علت أصوات في المحافظات التي جرى فيها الحوار اعتراضاً على الأشخاص المشاركين أو حتى على التسرع في عقد جلساته بدون تحضير كاف، ودون إعطاء مساحات مناسبة لتقديم الأفكار، فيما عبرت بعض الأصوات المشاركة عن رضاها نسبياً عن الحوار الذي يشكل بنظرها خطوة على “طريق الألف ميل” الذي بدأه السوريون اليوم.
“هاشتاغ” تواصل مع بعض الشخصيات التي شاركت والتي لم تشارك للوقوف على حقيقة ما جرى، وموقف تلك الشخصيات من جلسة الحوار الوطني في محافظة السويداء.
وفي هذا المجال يقول ياسر شقير، وهو ناشط سياسي شارك في جلسة الحوار في السويداء، إن الدعوات للمشاركة كانت “شخصيه وليست دعوة لمكونات، ولكن الحضور شمل كل المكونات ولو بشكل شخصي” وأن حضور المرأة “كان مميزاً وأغنى الجلسة بالكثير من القضايا.”
لم يكن حواراً
لكن شقير أوضح أن الجلسة في السويداء لم تكن جلسة حوارية بل “كانت عبارة عن مداخلات ولم تكن على شكل حوار” وأن المشاركين ساهموا في “وضع أسس لحوار وطني شامل، وإن كان الحوار مختصراً، ولكنه أخذ مفهوماً عاماً عن وجهة نظر السويداء في حدودها العامة.”
واعتبر الناشط السياسي أن التحضير للجلسة الحوارية لم يكن كافياً وكذلك الزمن الذي منح للمتحدثين لإبداء أرائهم، موضحاً أنه “كان يجب إعطاء فرصة أكبر من أجل التحضير وجمع الأفكار، وأن جلسه واحدة لا تكفي.”
وفي رده عن طبيعة مشاركته في الجلسة الحوارية أوضح شقير أنه قدم مداخلة طرح فيها رؤيته للدولة السورية الجديدة التي تقوم على “مفهوم المواطنة” والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن الجنس والدين والمذهب والإثنية في مجتمع مدني ضامن للجميع.
دولة مدنية ديمقراطية
وأكد الناشط شقير على ضرورة مراعاة عدة مبادئ في سوريا الجديدة، وهي “سوريا لكل السوريين دولة مدنية ديمقراطية بنظام حكم برلماني، تحترم كافة المكونات وتصون حريات المواطنين وحقوقهم في التعبير والتظاهر، مع فصل السلطات، وتقييد صلاحيات رئيس الجمهورية، وفصل الدين عن السياسة، مع كفالة حرية الاعتقاد وممارسة الطقوس الدينية للجميع، وإعادة هيكلة السلطة القضائية وتفعيل الضابطة العدلية والبدء بعملية العدالة الانتقالية.”
مبادئ فوق دستورية
وأوضح أن سوريا ينبغي أن تقوم على “مبادئ فوق دستورية ثابتة” لا يمكن للأغلبية النيابية أو لأي سلطة تغييرها أو تجاوزها لأنها تشكل هوية سوريا من جهة، وضامن لتماسك ووحدة المجتمع السوري من جهة ثانية.
ومن هذه المبادئ فوق دستورية: “تجريم الطائفية والإكراه والتعذيب والتمييز على أساس الأصل العرقي أو الديني أو غيره”، وفصل السلطات، واعتماد اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة مع حق المنتمين لأعراق غير عربية طباعة الكتب وتداولها بلغتهم التي يرتضونها.”
ويضيف أن من تلك المبادئ أيضاً “الجنسية مقدسة لا يمكن لأي جهة نزعها طالما كانت بطريقة شرعية، والشعب هو مصدر السلطات، وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية، وتكون ولايته لسنوات محددة ولا يحق له الترشيح لولاية ثانية إلا بعد انقضاء دورتين رئاسيتين، وأن تكون القرارات السيادية كالحرب والسلم والعلاقة مع الدول يحددها مجلس النواب.”
ودعا شقير إلى “حظر ترشح أو تصويت عناصر الجيش والقوات المسلحة في الشؤون البرلمانية أو المدنية وكذلك الدخول في أحزاب أو تيارات سياسية”.
تهميش للتكنوقراط والمثقفين وبروظة الجاهات
بالمقابل هناك من أعلن قبل انعقاد الجلسة الحوارية في السويداء رفضه المشاركة فيها لعدم قناعته ببعض المشاهدات والأمور التي تثير قلقه على مستقبل بلده ووطنه.
ومثال ذلك الدكتور أكرم أبو عمر، الباحث والناشط في مجال حقوق الإنسان، الذي أوضح لهاشتاغ سبب عدم مشاركته في الحوار بقوله: “لقد أعلنت سابقاً عن عدم مشاركتي في أية فعالية سياسية نظراً لضيق وقتي وربما لعدم قناعتي ببعض الأمور والمشاهدات التي لا أرضى بها كإنسان يخاف على بلده ووطنه.”
وأضاف الطبيب أبو عمر وهو رائد في مجال التدريب المهني والتنمية البشرية في السويداء “لم أتلق دعوة، ولو تلقيتها لا شك لن أشارك، فأنا عندما أكون في مؤتمر حوار وأطالب بحق الشعب يجب أن أكون صادقاً مع نفسي أولاً، فلا يجوز أن أتحدث في الديمقراطية وأرى عملية انتقاء الحضور عبارة عن مزج ما بين الأحرار وفلول النظام مع وجود أشخاص لهم باع طويل في الإساءة وكتابة التقارير الكيدية في حقبة النظام البائد.”
وقد شهدت الجلسة الحوارية في السويداء سجالاً قبل بدء الجلسة بين مشاركين وأشخاص اعتبروا من “فلول النظام” وقد تم “طردهم” من الجلسة بحسب المشاركين.
وأوضح الدكتور أبو عمر أنه “لا يمكن أن أطالب بحق المواطنة وأرى الجاهات والزعامات التقليدية في المقعد الأول وتهميش فئة التكنوقراط والمثقفين وجعلهم في الصفوف الأخيرة… أردناها ثورة عدل وكرامة وحق ومساواة لكن السلوك والنهج المتبع لا يشي بذلك.”
لابديل عن المؤتمر الوطني
وفي رده على سؤال هل يمكن لمؤتمر الحوار الوطني أن يكون بديلاً عن المؤتمر الوطني، أكد الدكتور أبو عمر أن “الحوار هو مناقشة القضايا الملحّة على الساحة السورية واستبيان واستجماع للآراء فقط، ومخرجات أي حوار غير ملزمة وتكون كنوع من الاستئناس و(الشورى)، إمّا المؤتمر الوطني لديه مخرجات ملزمة وبناء عليها يتم وضع الدستور وشكل الدولة وسياساتها الداخلية والخارجية فلا بديل عن المؤتمر الوطني.”
وأضاف أن “تبديل المؤتمر الوطني إلى حوار وطني يفيد أو يفهم منه بأن كل شيء مرتّب ومدروس وموضوع مسبقاً، ويبقى الحوار كنوع من احترام الديمقراطية أمام العالم وكنوع من الاستحياء الخجول أمام تضحيات الشعب السوري المطالب بالحرية.”
شاركه الرأي الناشط شقير وقال: “المؤتمر الوطني ضروري لأنه ملزم بالمخرجات أما الجلسات الحوارية فهي نقل أفكار فقط.”
ويرى الدكتور أبو عمر الباحث والناشط في مجال حقوق الإنسان أن “الخارطة الصحيحة والتي تنقذ البلاد من شر الانقسام والويلات هي دولة مدنية تعددية ديمقراطية تضم كافة فئات الشعب من التكنوقراط وبغض النظر عن الدين واللون والعرق.”
أتوسم خيراً بالسلطات الجديدة
ورغم انتقاده لأسلوب إدارة الحوار الوطني من قبل السلطات الجديدة، إلاّ أن الدكتور أبو عمر عبّر عن تفاؤله الحذر بالسلطات الجديدة وقال: “أتوسم خيراً وبحذر شديد لأن سوريا متعددة الألوان والأطياف وجمع هذه الألوان على طبق وتدويره سوف يعطينا اللون الأبيض لون النقاء والسلام والمحبة.”
وأضاف “ارغب أن أوجه رسالة للرئيس أحمد الشرع بأن أمامك خياران: إما أن تذهب بالبلاد إلى الرخاء والتطور والازدهار وتعيد أمجاد سوريا عبر التاريخ وتأخذ من مهاتير محمد وكمال أتاتورك قدوة أو أن تذهب بسوريا إلى غياهب التاريخ حيث الأدغال والرمال المتحركة والمتصارعة.”