الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرالحياة في "منازل الأمس"

الحياة في “منازل الأمس”

هاشتاغ_لجين سليمان

قد نؤمن بمرحلة ما بأنّ “الحياة لا تقيم في منازل الأمس” فنعتقد أن النجاة من الحنين إلى تلك الأرض بات وشيكا.
نفرح للأمر لأنه قد يكون خلاصا من عذاب ربما لن ينتهي في جيلنا نحن الشباب الذين عشنا حربا لا علاقة لنا بها مع أولى سنواتنا الجامعية، وكان من نتائجها أن وجدنا أنفسنا خارج البلاد.
واليوم؛ وبعد سنوات متواصلة من الابتعاد عن أرض الوطن قد نشعر أن علينا بناء مجتمع بديل في ذاك المكان الذي لجأنا إليه، لا سيما أننا ربما قد وصلنا إلى درجة من القناعة أن ما تركناه من مجتمع لن يعود كما هو، فالتشوهات التي أصابته غير قابلة للعودة إلى نقطة ما قبل التشوه (تشوهات لدنة حسب علم الفيزياء).
نحاول تأكيد اندماجنا في مجتمعنا الجديد من خلال لحظات فرح نجتمع فيها مع أصدقاء آخرين بعيدبن عن ثقافاتنا وعن عاداتنا، نتبادل الأحاديث ضاحكين. وفي اللحظة التي نشعر فيها أن سعادتنا وصلت إلى الذروة نسعى إلى مقاربتها بما كنا نشعر به في البلاد في جمعات الأصدقاء، فتأتي البلاد فجأة لتباغتنا في الجلسة وتقول “لو كنت تستطيع الاستغناء عني لكنت تمكنت من إيجاد وطن في كل مكان تحل فيه، في كل بقعة تسعد فيها، في كل منزل ترتاح فيه، لكني أنا هنا في تلك الجغرافيا لم ولن تجد مثلي”.
ترتاب للفكرة فبعد أن كنت قد اعتقدت أنك وصلت إلى مرحلة من التوازن النفسي تظهر البلاد وتنخر برأسك. وفي محاولة لاختبار حساسيتك للأرض، هل ما زالت ذاتها، تقرر اختبار مشاعرك بالموسيقا، فتبدأ بوضع أغينة صينية وتتابع انفعالك فتقول: “نعم إنها جميلة” وفقط وبإنفعال آخر قد تقول إنها من أجمل الأغاني الصينية التي سمعتها في حياتي ..
تختبر حساسيتك مرة أخرى فتضع بعدها “بحبك يا لبنان” تشعر أن الوجع اقترب وأن الحب إزداد فلم تعد النظرة لتلك الاغنية هي ذاتها للأغنية الصينية التي قُيمت على أنها جميلة أو ممتعة، ففي لبنان: هنا الاقتراب من سوريا، وبالتالي تبدأ المشاعر فجأة بالإنبثاق.
تقترب من جغرافية البلاد مرة أخرى فتضع “شآم كالمجد” .. يا الله لقد وصلت إلى البؤرة بؤرة الحنين والوجع والشوق والألم والهم والأمل،
إذاً؛ هي الحساسية ذاتها تجاه تلك البلاد، إلا أن ما تفعله هو مجرّد خديعة تحاول فيها الاستقرار متوهّما، فهل هناك أكثر أهمية من الانتماء.
ولكن هل يكفي “الادعاء” لنقول أننا ننتمي، بالتأكيد لا يكفي فكما يُظهر اختبار الحساسية فإن الانتماء يحتاج إلى بؤرة وجع مترافق مع أمل، أو هم يترافق مع نضال، وأما ذلك الهروب إلى الاستقرار المريح فلا شكّ أنه مضطرب لأنه نشأ من فروع بعيدة جغرافيا عن مركز الوجع الأساسي الكائن في تلك البلاد “سوريا”، فالاستقرار في الفرع لا يعني أكثر من هدوء مؤقت يتبعه بين الحين والآخر اهتزازات كلما تأثر المركز بنوبة حنين.
مقالات ذات صلة