رأي – أيهم أسد
أعلنت الحكومة السوية رسمياً توجهها نحو تطبيق نظام الدعم النقدي، وذلك بعد سنوات طويلة من مناقشات واقتراحات الخبراء والمختصين بضرورة التحول إلى ذلك النظام وضرورة إعادة هيكلة الدعم بطريقة جديدة تقلل الفساد وتضمن العدالة الاجتماعية، ومن المعروف أن نظام الدعم النقدي هو نظام قادر على الحد من الفساد المالي ويعيد لنظامي التكلفة والتسعير عملها الطبيعي في الاقتصاد ويسمح برقابة مالية أكثر شفافية على أداء الحكومة المالي.
ويعد الدعم النقدي من حيث المبدأ الاقتصادي أفضل بكثير من نظام دعم السلع نفسها، (الدعم للأشخاص وليس للسلع) وفي الكثير من دول العالم تربط الحكومات أنظمة الحماية الاجتماعية المتطورة الدعم النقدي نفسها بشروط تعليمية وصحية معينة لأفراد الأسرة، وهذا يسمى نظام الدعم النقدي المشروط، والذي ما زلنا بعيدين عنه كثيراً حتى الآن.
وعلى الرغم من أهمية الانتقال إلى نظام الدعم النقدي الذي اقترحته الحكومة فإن هناك مجموعة من التساؤلات المركزية المرتبطة بآلية ذلك التحول والتي تتطلب إيضاحاً من الحكومة قبل بدء عملية التحول تلك، ومنها على سبيل المثال:
أولاً: هل توجد بيانات مالية دقيقة عن دخل ونفقات الأسرة السورية وعن الاحتياجات الغذائية والصحية والتعليمية لتحديد الأسر الأكثر احتياجاً إلى الدعم من غيرها؟ بمعنى هل سيحقق نظام الدعم الجديد جزءاً من العدالة الاجتماعية بين المواطنين؟
ثانياً: ما معيار حساب قيمة الدعم النقدي المقترح للأسرة؟ هل سيتم اعتماد الحد الأدنى لتكاليف المعيشة للأسرة الواحدة مثلاً؟ أم أن هناك طريقة بديلة لاحتساب قيمة الدعم؟ أي ما معايير استحقاق الدعم النقدي وفق النظام الجديد؟
ثالثاً: هل سيكون نظام الدعم مرناً بحيث يتغير تبعاً للمتغيرات الاقتصادية وخصوصاً معدلات التضخم؟ وذلك في ظل وضع اقتصادي غير مستقر ويستمر بالتقلب الحاد المرتبط بتقلبات سعر الصرف وأسعار حوامل الطاقة وتغيرات الرسوم الجمركية؟ بمعنى هل سيتم الحفاظ على القيمة الحقيقية للدعم النقدي عبر الزمن؟
رابعاً: هل تسمح بنية النظام المصرفي في الاقتصاد بتحمل ذلك العدد الكبير من الأشخاص الراغبين بسحب قيمة الدعم النقدي المقدم لهم؟ وتحديداً من حيث عدد الفروع المصرفية وكثافة انتشارها الجغرافي وعدد أجهزة الصراف الآلي؟ ومدى جاهزية البنية التحتية الرقيمة لذلك الانتقال؟
خامساً: هل هناك جدول زمني واضح لفترة الانتقال إلى نظام الدعم النقدي الجديد؟ وهل سيتم تطبيق ذلك النظام على سلعة واحدة أولاً ثم الانتقال إلى بقية السلع؟ وذلك لمنع الانزلاق إلى مطب التجريب والفوضى.
طالما منحت الحكومة المواطنين مهلة ثلاثة أشهر من أجل ربط البطاقات الإلكترونية بالحسابات المصرفية فلابد من أن تكون تلك المدة كافية للحكومة نفسها من أجل الإجابة عن تلك الأسئلة ومن أجل توضيحها للمواطنين توضيحاً علنياً وشفافاً… فهل سيحدث ذلك؟