الأربعاء, أكتوبر 16, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالدفع الرقمي في سوريا.. تحديات وآثار في ظل بنى تحتية متردية

الدفع الرقمي في سوريا.. تحديات وآثار في ظل بنى تحتية متردية

هاشتاغ – حسن عيسى

في ظل التطورات التكنولوجية العالمية، تسعى الدول لاعتماد وسائل الدفع الرقمي لتسهيل المعاملات المالية وتقليل اعتماد النقد الورقي، إذ لحقت سوريا بركب الدول التي اتخذت هذا التوجه، لكن في ظل بنية تحتية متردية تشمل الاتصالات، والإنترنت، والكهرباء، والمخدمات، وغيرها، يواجه المواطنون صعوبات كبيرة في استخدام هذه الخدمات.

وبينما يمثل الدفع الرقمي فرصة لتطوير النظام المالي في سوريا، فإن التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والوعي التكنولوجي تعرقل تحقيق الفوائد المرجوة.

البنى التحتية.. العقبة الكبرى

تعد البنى التحتية المتردية أكبر عائق أمام تبني الدفع الرقمي في سوريا، فالكهرباء تنقطع مراراً وتكراراً، والإنترنت بطيء وغير مستقر، وهذا يجعل إجراء المعاملات المالية الرقمية أمراً صعباً.

ويجد المواطنون أنفسهم في كثير من الأحيان غير قادرين على إتمام المعاملات المالية عبر الإنترنت، وذلك بسبب انقطاع الكهرباء أو ضعف الشبكة، أو غيرها من العوائق المستمرة منذ سنوات عدة.

وللاطلاع على حيثيات هذه القضية، أجرينا في “هاشتاغ” محاولات عدة للتواصل مع مدير مديرية أنظمة الدفع الإلكتروني في “مصرف سوريا المركزي” عماد رجب، الذي طلب أن يتم التواصل معه خارج أوقات الدوام الرسمي نتيجة ضغط العمل والاجتماعات، بحسب كلامه، لكنه لم يرد على أي محاولة اتصال بعد ذلك، لا ضمن أوقات الدوام ولا خارجها.

الاتصالات والإنترنت.. القصة المؤلمة

تعاني شبكات الاتصالات في سوريا قدماً في التجهيزات وضعفاً في الصيانة، وهذا يؤثر سلباً في جودة الخدمة المقدمة.

الإنترنت بطيء ومتقطع، والتغطية الخلوية شبه معدومة في أوقات انقطاع الكهرباء ضمن مناطق عدة في مختلف المحافظات، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل المعاملات الرقمية لدى عدد من المواطنين.

وغالباً ما يواجه المستخدمون صعوبات في إتمام عمليات الدفع، سواء ما يتعلق بفواتير الكهرباء أو المياه أو الاتصالات، أم حتى رسوم المعاملات التي تم تحويلها إلكترونياً بوساطة تطبيق “معاملاتي” الحكومي، إذ تستغرق العملية وقتاً طويلاً أو تتوقف في منتصفها بسبب انقطاع الاتصال.

كبار السن والتكنولوجيا.. الفجوة العميقة

تمثل شريحة كبار السن تحدياً كبيراً أمام تطبيق نظام الدفع الرقمي في سوريا، فالكثير منهم غير ملم باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ويجد صعوبة في التعامل مع الهواتف الذكية أو الكمبيوتر.

هذا يؤدي إلى اعتمادهم الآخرين لإتمام المعاملات المالية أو تعرضهم للاستغلال ودفع أرقام مضاعفة لقيمة فواتيرهم، في حين تشكل الحاجة إلى تعليمهم استخدام التكنولوجيا تشكل عبئاً إضافياً على المجتمع.

ويقول أبو أحمد (68 عاماً) في حديثه لـ “هاشتاغ”: “كل شهر أعاني معانة كبيرة صعوبة في دفع الفواتير، معرفتي متواضعة جداً في هذا المجال، وأعيش مع زوجتي بمفردنا، وهذا يعني أننا مضطر في كل مرة إلى الذهاب إلى محال الاتصالات من أجل السؤال عن إمكانية دفع تلك الفواتير”.

ويضيف: “في كل مرة هنالك مشكلة جديدة، التغطية ضعيفة، الإنترنت مقطوع، لا يوجد رصيد، هذه مشكلات لم أتعرض لها في السابق عندما كنا ندفع يدوياً، المفروض والمنطقي أن يريحنا التطور والتقدم التكنولوجي وليس العكس”.

آراء وحلول

يؤكد الدكتور سامر كروان، خبير في تكنولوجيا المعلومات، في حديثه لـ “هاشتاغ” ضرورة الاستثمار في تحديث البنية التحتية للاتصالات والكهرباء لتحسين جودة الخدمات المقدمة.

ويقول: “يمثل الدفع الرقمي خطوة مهمة نحو التحول الرقمي الذي يمكن أن يسهم في تحسين الحياة اليومية للمواطنين وتعزيز الاقتصاد السوري، لكن هذا التحول يتطلب تضافر الجهود لتحسين البنية التحتية، وتوعية المجتمع، وتطوير السياسات الداعمة”.

ويشير كروان إلى أهمية تنظيم حملات توعوية للمواطنين، خصوصاً كبار السن، لتعريفهم بكيفية استخدام وسائل الدفع الرقمي استخداماً فعالاً”.

ويضيف: “توفير حملات توعوية مكثفة يمكن أن يسهم في تمكين المواطنين من الاستفادة الكاملة من الخدمات الرقمية، وهذا يعزز من اعتماد هذه التقنيات في المجتمع ويقلل من اعتماد النقد الورقي”.

ومن وجهة نظر كروان، فإن المشكلة الأساسية التي تعانيها سوريا في هذا الخصوص تكمن في التوجه الحكومي السريع لاتخاذ إجراءات لم تتم دراسة احتمالية نجاحها في الوقت الحالي، لافتاً إلى أنه كان من الأجدر على المعنيين بهذا الأمر توفير البيئة اللازمة للتحول الرقمي قبل تطبيقه.

آثار اجتماعية ونفسية

إلى جانب الآثار الاقتصادية، يمتد تأثير تدهور البنية التحتية الرقمية إلى الجوانب الاجتماعية والنفسية للمواطنين.فقد تزيد الصعوبات اليومية في إتمام المعاملات الرقمية من مشاعر الإحباط والتوتر بين الأفراد، إذ يشعر الكثيرون بأنهم مجبرون على العودة إلى الوسائل التقليدية، وهذا يضيف عبئاً إضافياً إلى وقتهم وجهودهم.

تقول مريم، معلمة في مدرسة ابتدائية: “أشعر بالإحباط في كل مرة أحاول فيها دفع فاتورة عبر الإنترنت، في بعض الأحيان أقضي ساعات في محاولة إتمام معاملة واحدة بسبب انقطاع الاتصال أو الكهرباء، هذا يشعرني بأننا متأخرون عن العالم بمراحل”.

ويقول محمد، موظف حكومي، لـ “هاشتاغ”: “أضطر في كثير من الأحيان إلى المحاولة مرتين أو ثلاث مرات يومياً لدفع فاتورة واحدة بسبب سوء الإنترنت أو انعدام تغطية الاتصالات”.

وتضيف هلا، ربة منزل: “لا أستطيع اعتماد الدفع الرقمي لأني لا أفهم كيفية استخدامه، وغالباً ما أجد نفسي مضطرة للذهاب إلى محال الاتصالات لأدفع الفواتير، على الرغم من أني أعلم أنهم يأخذون مبالغ كبيرة فوق قيمة الفواتير”.

الفجوة بين الريف والمدينة

تزداد التحديات المتعلقة بالدفع الرقمي تعقيداً في المناطق الريفية، إذ تكون البنية التحتية للاتصالات والكهرباء أكثر تردياً مقارنة بالمناطق الحضرية.

هذا الأمر يؤدي إلى تفاوت كبير في إمكانية الوصول إلى الخدمات الرقمية بين سكان الريف والمدينة، وذلك يزيد من الفجوة الرقمية ويعمق الفروق الاجتماعية والاقتصادية.

وفي هذا السياق، يقول عمار (28 عاماً) في ريف اللاذقية، والذي يعمل في أحد محال الاتصالات، في حديثه لـ “هاشتاغ”: “مشكلة الاتصالات في المناطق الريفية تمتد منذ ما يزيد على 5 سنوات، في الكثير من الأحيان نجد صعوبات بالغة في تحويل الرصيد بسبب سوء التغطية الخلوية، فما بالك بدفع الرسوم والفواتير التي تم إلزام الناس بها عبر المنافذ الإلكترونية”.

ويضيف: “الوضع في الريف مختلف عن المدينة التي تتمتع بجودة تغطية اتصالات وإنترنت أفضل بكثير، وهذا الأمر ينطبق على المحافظات كلها تقريباً، هنالك إهمال كبير، ومع ذلك يطالبون ويشددون على أهمية التحول الرقمي”.

مقالات ذات صلة