الأحد, فبراير 23, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالدلالون في دمشق.. وسطاء الظل في سوق العقارات

الدلالون في دمشق.. وسطاء الظل في سوق العقارات

هاشتاغ – حسن عيسى

لا لافتات تحمل أسماءهم، ولا مكاتب توثق أعمالهم، لكنهم حاضرون في كل صفقة، يُحركون السوق من وراء الكواليس، ويعيدون تشكيل خريطة العقارات بصمتٍ لا يخلو من الأثر.

“الدلالون”، وسطاء غير رسميين يجوبون أحياء دمشق الشعبية، يفتحون الأبواب المغلقة أمام الراغبين في البيع أو الشراء، ويقتنصون الفرص قبل أن تصل إلى العلن.

لا يخضعون لضوابط رسمية، لكنهم يتحكمون في مسار الصفقات، ينسجون علاقات مع المكاتب العقارية من جهة، ومع الباحثين عن منزل أو متجر من جهة أخرى، ليحصلوا على حصتهم من كل اتفاق يكتمل بفضلهم.

دور الدلالين في السوق العقارية

يُعرَّف الدلال بأنه الوسيط الذي يجمع بين البائع والمشتري أو المؤجر والمستأجر، مقابل عمولة يتقاضاها مقابل خدماته.

في الأحياء الشعبية، وعلى الرغم من وجود مكاتب عقارية مرخصة، يبرز دور الدلالين بوصفهم وسطاء ثانويين؛ إذ يتعاونون مع أصحاب المكاتب العقارية لتسريع وتسهيل إتمام الصفقات.

أبو أحمد، دلال في الخمسينات من عمره، يقول لـ “هاشتاغ”: “أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من عشرين عاماً. أعرف معظم المكاتب العقارية في المزة، وأتمتع بعلاقات جيدة معهم. دوري هو إيجاد الزبون المناسب للعقار المناسب، وأحصل على نسبة من العمولة عند إتمام الصفقة”.

ويضيف: “هذه المهنة كغيرها، تحتاج إلى حنكة وبراعة، لكنها في المقابل بإمكانها أن تجعل منك ذا مردود أعلى بأضعاف المرات من مردود أصحاب المكاتب، في حال أتقنتها ووصلت إلى بعض أسرارها”.

علاقة متكاملة

تتسم العلاقة بين الدلالين وأصحاب المكاتب العقارية بالتكامل، ففي حين يمتلك أصحاب المكاتب العقارات ويعرضونها، يأتي دور الدلالين في البحث عن العملاء المحتملين.

أبو سليمان (63 عاماً) صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة، يقول لـ”هاشتاغ”: “نتعاون مع الدلالين لتوسيع نطاق عملنا. هم يجلبون لنا الزبائن، ونحن نتولى الإجراءات القانونية وإتمام العقود. بالطبع، يحصلون على نسبة من العمولة مقابل جهودهم”.

ويتابع أبو سليمان: “قبل عشرات السنوات كان عدد هؤلاء الدلالين محدوداً جداً، كونه لم تكن هنالك حركة عمرانية كالتي نشهدها اليوم، كما أن الطلب على الإيجارات كان منخفضاً، لكن متطلبات الواقع الحالي تستلزم وجود هؤلاء”.

ويشرح أبو سليمان عن القيمة التي أضافها الدلالون إلى سوق العقارات في الوقت الحالي، مبيناً أنهم يساهمون في جعل المكاتب على دراية تامة بجميع ما سيتم بيعه أو تأجيره في أقصى قدر ممكن من محيطهم.

متطلبات المهنة

بمتابعة ما ينشره بعض أولئك الدلالين في مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر لك أن متطلبات العمل هذه تتمثل في شبكة قوية من العلاقات، فضلاً عن دراية كافية بكيفية التعامل مع وسائل التواصل.

في هذا الصدد، يشرح عمار (38 عاماً) الذي يقطن في جرمانا، الأساليب التي يمكن بوساطتها الدخول في عالم السمسرة برأس مال مادي يساوي صفر ليرة سورية، بحسب قوله.

ويقول عمار لـ “هاشتاغ”: “جهازك الخليوي هو رأس مالك المادي، وعلاقاتك الاجتماعية هي رصيدك. بذلك يمكتك تنسيق عمليات البيع والشراء والحصول على مبلغ “جيد” مقابل كل عملية ناجحة”.

ويضيف: “اسأل في محيطك الاجتماعي ومحيط من تعرفهم عن أشخاص يعرضون عقاراتهم للبيع أو الإيجار، وحاول التواصل مع أُناس يبحثون عن ذلك. نسّق بينك وبين صاحب العقار. التقط بعض الصور والفيديوهات، ثم اعرضها على صفحتك واكتب تفاصيلها بأسلوب يجذب الراغبين، بهذه البساطة”.

الجانب القانوني للمهنة

على الرغم من الدور المهم الذي يؤديه الدلالون في السوق العقارية، فإن عملهم من دون ترخيص رسمي يعرضهم للمساءلة القانونية، إضافة إلى ذلك، قد يواجه العملاء مخاطر التعامل مع دلالين غير موثوقين، وهذا قد يؤدي إلى عمليات احتيال أو تضليل.

وبحسب القرار رقم 2139 الصادر عام 2010 عن حكومة النظام السوري الساقط، تُنظم مهنة الوساطة العقارية في سوريا، ويُشترط لمزاولتها الحصول على ترخيص مسبق، لكن هؤلاء يعملون من دون أي مسمى قانوني أو وظيفي، وبالتالي هم معرضون في أي لحظة للملاحقة.

وقد حدد القرار الذي عملت وفقه حكومات النظام السابق شروطاً لمنح الترخيص، منها أن يكون الوسيط العقاري سوري الجنسية، وأتم الحادية والعشرين من العمر، وحاصلاً على الشهادة الثانوية على الأقل، وغير محكوم بجرم شائن، كما يجب أن يكون لديه محل تجاري مرخص لممارسة المهنة.

كما حدد أيضاً نسبة العمولة التي يتقاضاها الوسيط العقاري، إذ لا تتجاوز 0.5% من قيمة البيع، و1% من القيمة التأجيرية السنوية للعقار، ويدفع هذه العمولة البائع أو المؤجر فقط.

وفي هذا السياق، يقول المحامي عيسى إبراهيم في حديثه لـ “هاشتاغ”: “القانون لم يذكر في تفاصيله أي تشريع لعمل الدلالين، بل إنه تجاهل وجودهم كونه قرارا قديما ولم تكن هذه المهنة منتشرة كاليوم، بالتالي فإن عمل هؤلاء في ظل عدم وجود أي غطاء قانوني في المرحلة القادمة من الممكن أن يعرضهم لمساءلات، خصوصاً وأنه يتم حالياً العمل لوضع قوانين ضريبية جديدة تمس جميع المواطنين”.

ويضيف: “هذه الفئة أصبحت جزءا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في الأحياء الشعبية وغير الشعبية في بعض الأحيان، ولا يمكن إنكار أنهم يسهمون في تسهيل عدد من الصفقات العقارية، ومع ذلك يظل من الضروري تعزيز الوعي بأهمية إيجاد آلية قانونية لعملهم، كي تحميهم بالدرجة الأولى”.

مقالات ذات صلة