الثلاثاء, يناير 21, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالدولة القوية ليست "المالكة" بل " العادلة"

الدولة القوية ليست “المالكة” بل ” العادلة”

أيهم أسد

تسود في الأدبيات الاقتصادية حتى هذه الأيام تيارات فكرية مختلفة ومتباينة الطيف حول دور الدولة في الاقتصاد، وكيف يمكن أن يكون ذلك الدور؟ وما هي مبررات وجوده من عدمه؟ والآثار المترتبة عليه؟

وما زال الكثير من الناس يربط وبشدة بين دور الدولة في الاقتصاد وبين كثافة ملكيتها للقطاعات الإنتاجية والخدمية، فكلما كانت ملكية الدولة أكثر في الصناعة والزراعة والنقل والمصارف والتأمين كلما كان دورها أقوى وكلما حققت العدالة الاجتماعية أكثر.

لكن في واقع الأمر فإن التطور الاقتصادي الحديث قد غير من ذلك المنظور الكلاسيكي لدور الدولة، وسحب قوة الدولة وحضورها الاقتصادي والاجتماعي إلى مساحة جديدة، ووسع نطاق الفكرة التي تقول بأن الدولة القوية هي “الدولة المالكة” ونقلها إلى مفهوم أن الدولة القوية هي “الدولة العادلة”.

ونتيجة لفكرة “الدولة العادلة” المرتبطة بتطور فكر دولة الرفاه الاجتماعي واقتصاد السوق الاجتماعي فإن ملكية الدولة ليست هي المحدد الوحيد لقوتها، بل إن تدخلها بالحياة الاجتماعية والاقتصادية بأدوات مختلفة وجديدة هو المحدد الأساسي لقوتها، فملكية الدولة قد لا تحقق العدالة الاجتماعية من وجهة النظر تلك، في حين أنه يمكن تحقيق العدالة بأدوات مختلفة.

وعندما تقرر الدولة الخروج كلياً أو جزئياً من قطاعات اقتصادية وخدمية معينة وبالشكل الذي تراه مناسباً وضمن ظروفها الخاصة، أي عندما تتخلى عن “ملكيتها” فإن عليها بالمقابل أن تكون قوية أكثر وعليها أن تستمد مصدر قوتها من أدوات مختلفة، فما هي أدوات قوة الدولة العادلة تلك؟

أولاً: نظام ضريبي عادل وشفاف يحقق العدالة الضريبية بين المكلفين ويحقق الوفرة المالية لخزينة الدولة.

ثانياً: نظام حماية اجتماعي كأنظمة الدعم المشروطة وغير المشروطة، يكون قويا وممولا من الضرائب والرسوم لمنع انزلاق الناس نحو الفقر ولضمان كرامتهم.

ثالثاً: نظام أمن دخل فعال يضمن للناس حداً أدنى من الأجور متناسب مع الحاجات المتطورة لهم.

رابعاً: نظامي صحة وتعليم عامين يضمنان للناس الحد اللازم من مستويات الصحة والتعليم وبجودة عالية.

خامساً: قوة تشريعية للدولة تضمن حقوق المنتجين والمستهلكين والبيئة وتمنع الاستغلال وتضع الجميع تحت القانون دون استثناء.

وهذا يعني أن الدولة يمكن لها أن تمارس دوراً قوياً، وأن تكون قوية، بأقل قدر من الملكية، وأنها تستطيع تمويل ذلك الدور القوي من خلال الاقتصاد ذاته ومن خلال سيطرتها على عملية إعادة توزيع الثروة بين الناس في المجتمع وسيطرتها على تطبيق القانون.

مقالات ذات صلة