السبت, ديسمبر 21, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالتحولات القصوى..

التحولات القصوى..

هاشتاغ-رأي مازن بلال 

 كان الهدف من الحرب على غزة “تحرير الرهائن”، لكن شكل الحرب وطبيعة الغطاء السياسي لـ”إسرائيل” شكل حالة غير مسبوقة فوق رقعة جغرافية صغيرة، ومع التحول الذي تحدّث عنه قادة “إسرائيليون” نحو الشمال بدت الحرب تصفية نهائية لواقع بقي يسيطر على المنطقة لما يزيد على ثلاثة عقود، فما يحدث في لبنان هو إعادة صياغة المنطقة الذي فشل عام 2006 لكنه اليوم يبدو بصورة مختلفة.

 عمليا فإن الحرب لم تتوقف لكن الثقة في أنها يمكن أن تحمل نتائج مختلفة انتهت مع اغتيال حسن نصر الله بوصفه رمزًا لمرحلة أكثر من كونه قائدا سياسيا، وفي الوقت نفسه انهارت القناعة بأن “جبهة المقاومة” قادرة على تحمل أعباء تحالفات دولية بعد أن استنزفت بعض أطرافها نتيجة “الربيع العربي”، وعلى الرغم من أن التفكير بمسار المعارك منذ عام وحتى الآن يقدم مؤشرات على طرح سياسي عربي يريد كسر هذا التحالف، فإن المسألة تبدو أكبر لأنها تتعلق بكل ما يُطرح من نظام دولي متعدد الأقطاب.

 الحالة الراهنة تشبه إعادة تأسيس للشرق الأوسط تشبه ما جرى عام 1967، لأنها بالدرجة الأولى تريد كسر تفكير بُني على أساس “المقاومة الإسلامية“، ففي الخامس من حزيران تم كسر “قوة العروبة” بوصفها مشروعًا إقليميًا، واليوم يتم إنهاء مبدأ “القوة الإقليمية” القائمة على تصورات ثقافية ظهرت بقوة بعد الثورة الإسلامية في إيران، أما باقي التفاصيل فهي شأن عسكري تم تجميعه على مدى السنوات التي تفصلنا عن عام 2006، ولكن في المقابل فإن هذا الأمر لم يكن ليحدث لولا “جبهة الرفاه” التي تظهر في مساحة الخليج، إذ انتهت كل المسائل المرتبطة بالأمن الإقليمي لصالح قضايا التحول الذي ظهر بعد انهيار “الربيع العربي”.

 أخطر ما يجري هو كسر إرادة امتلاك القرار الذي رسمه التحكم “الإسرائيلي” خلال شهر واحد فقط من حرب دامت أكثر من عام، وعلى الرغم من أن مراجعة الأخطاء العسكرية ضروري، فإن ما هو أعمق أن مقدمات هذه الحرب كانت واضحة منذ السابع من تشرين الأول عندما صاغت المخاطر التي تحيط بـ”إسرائيل” طبيعة الشكل السياسي لحلفائها الأوروبيين والأمريكيين، ففي المنطقة لم تعد الدول قادرة على خلق التحول، وترك الأمر لحروب غير متوازية على شكل ما حدث في غزة لا ينجح من دون غطاء سياسي لدول وازنة في المنطقة.

 ربما لم تنته الحرب ومآلاتها اليوم تبدو ضمن حالة من الترقب التي تشكل فقط زمنا عابرا، لكن الخلل حدث مهما كانت النهايات، وأثبت أن الحروب في المنطقة لا يمكن أن تعتمد على تشكيل إقليمي يفقد أجنحته بانهيار سيادة الدول ويستند فقط إلى التشكيلات التي تعمل من دون غطاء سياسي، وبصرف النظر عن حيوية القضية الفلسطينية التي ستبقى على الرغم من كل نتائج ما يجري حاليا لكن التصورات القادمة تبدو خطِرة لأنها تحدد مسارات سياسية مسبقة يتعرض من يقف ضدها لتدمير يشبه ما حدث في غزة أو لبنان.

مقالات ذات صلة