هاشتاغ-مازن بلال
خارج أروقة السياسة وأزمة القرار في لبنان يبدو اللاجئون السوريون أرقاما تصعب معالجتها، فالتحرك الدبلوماسي الذي بدأ مع اجتماعات عمان وعودة سورية للجامعة العربية فتح هامشا لإعادة هذا الموضوع إلى واجهة الحدث، ورغم أن مسار حل هذا الملف يبدو أكثر تعقيدا من الملامح التي ينقلها الإعلام، لكنه في نفس الوقت يشكل مؤشرا للأزمة السورية بشكل عام، فهو الملف الذي تظهر فيه “التقارير الدولية”، وهو أيضا نقطة خلاف في مسألة العلاقات بين لبنان ودمشق، والبحث فيه يشكل نوعا من كسر حالة الجمود التي أحاطت بكل المواضيع السورية وجعلتها رهينة التجاذبات الدولية.
ضمن تصور مبدئي فإن ملف اللاجئين يجعل لبنان “ضحية”، وهذا الأمر ليس جديدا، لكنه يوضع اليوم ضمن آفاق حالة الانفراج الإقليمي بشكل عام، وتوضح الأرقام حالة استثنائية لوضع اللاجئين وفق ما يقدمه الجدول التالي:
البلد المضيف | عدد اللاجئين السوريين المسجلين | نسبة الفقر المدقع |
لبنان | 865,531 | 89% |
عدد اللاجئين السوريين الذين غادروا لبنان إلى سوريا بشكل طوعي في 2020 | عدد طلبات إعادة التوطين التي تقديمها للاجئين في لبنان في 2020 | عدد اللاجئين الذين غادروا إلى بلدان إعادة التوطين في 2020 |
20,817 | 8,172 | 4,645 |
عدد الأسر التي تلقت المساعدة النقدية متعددة الأغراض | عدد التقييمات لتحديد المصلحة الفضلى للأطفال | عدد متطوعي الصحة المجتمعية |
43,500 | 2,455 | 488 |
في الأرقام السابقة لا تظهر تداعيات تواجد اللاجئين في لبنان، وعلى الأخص عودة هؤلاء إلى سورية ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة، فمعالجة هذا الملف ماتزال عالقة في الظرف السياسي أكثر من كونها ضمن المعالجات التقنية فقط، فغالبا ما يتم الحديث عن شح الموارد في لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية ومالية خانقة، وهو ما يمنع الحكومة اللبنانية من تقديم خدمات أساسية للسكان من اللبنانيين واللاجئين، لكن هذا الأمر ينعكس أيضا على قدرة الحكومة السورية في استقبال اللاجئين، فهناك ما يقارب 300,000 طفل من اللاجئين السوريين ممن هم في عمر المدرسة خارج أي نوع من أنواع التعليم، وهذا الرقم يحتاج إلى تهيئة خطة انقاذ سورية في حال عودة اللاجئين.
في المقابل فإن حالة الانعدام الغذائي وفق أرقام الأمم المتحدة يبلغ 49%، وبقدر ما ينهك هذا الأمر الحكومة اللبنانية فإنه في نفس الوقت يرتب على الجانب السوري أعباء اقتصادية؛ فالكتلة السكانية السورية المتواجدة في لبنان لن تقيم في مخيمات بل في المناطق التي تركتها وكانت جبهات عسكرية، وتأمين الأمن الغذائي لهم سيتطلب تحريك عجلة الإنتاج في مناطق تم هجرها لوقت طويل.
ملف اللاجئين يتجاوز بمعطياته التنسيق الدبلوماسي لأنه سياسي بامتياز، ويتطلب بيئة خاصة لإعادة التأهيل لا يمكن لسورية أو لبنان القيام بها، وفي الوقت فإن التركيز على أمن اللاجئين هو محاولة لتغييب ملفات سبل عيشهم في حال عودتهم، لأن أي حالة أمنية يمكن التعامل معها بإجراءات إدارية ولكن سبل المعيشة ربما تحتاج لحلول سياسية على المستوي الإقليمي والدولي.