تتركز استثمارات السوريين في مصر وتركيا على مجالي المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث أسسوا آلاف المطاعم وعملوا في الصناعات التحويلية الخاصة بالنسيج والملابس والمفروشات والمعجنات ومنتجات الألبان وتقديم الخدمات.
وقد بلغ حجم استثماراتهم الرسمية في مصر 800 مليون دولار، وفقا لتقرير صادر عن هيئة الاستثمار المصرية، ويتوقع أن يكون حجم الاستثمار الحقيقي أكبر بكثير.
أما في تركيا، فقدرت غرفة تجارة إسطنبول حجم أعمالهم عام 2017 بنحو 1.96% من الناتج القومي الإجمالي، وتوقعت أن يصل إلى 4.05% بحلول عام 2028.
واليوم، يبلغ حجم استثماراتهم نحو 10 مليارات دولار، حسب تقديرات مركز حرمون للدراسات الذي توقع أن يكون السوريون قد ساهموا في توفير نحو 700 ألف فرصة عمل في تركيا.
دور الاستثمارات السورية في الاقتصادين المصري والتركي
تساهم هذه الاستثمارات في مواجهة البطالة وخلق الوظائف، وسد الفجوة التمويلية، وتحسين الكفاءة الإنتاجية عبر دعم التنافسية وتوسيع الأسواق.
كما تقدم رأس المال والتكنولوجيا والخبرات الفنية، مما يزيد من إنتاجية العمل.
وتساهم هذه الاستثمارات أيضا في تطوير المؤسسات والمهارات وتحسين هياكل الإنتاج والقيمة المضافة، وجذب المزيد من الاستثمارات وتحسين التجارة الدولية.
وتعد الاستثمارات السورية فاعلة بشكل كبير، وهي واحدة من أكبر الاستثمارات الأجنبية المتوسطة والصغيرة في مصر. كما تشكل نحو 14% من حجم الاستثمار الأجنبي في تركيا.
في تركيا، تواجه هذه الاستثمارات تحديات بسبب موجة العنصرية الأخيرة، وهي في مصر، الأولى من حيث حجم الاستثمار الفردي الأجنبي، وتنمو بسرعة نتيجة العقلية التجارية للمواطن السوري.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من التجار ورجال الأعمال السوريين نقلوا أهلهم إلى مصر، وأودعوا في البنوك المصرية نحو 20 مليار دولار.
وفي مصر، يعيش نحو 1.5 مليون سوري، ولا يواجه هؤلاء مصاعب كبيرة في العيش على عكس تركيا، حيث يعيش السوريون تحت بند “الحماية المؤقتة”.
ووفقا لدائرة الهجرة التركية، يبلغ عدد السوريين في تركيا 3,112,683 نسمة، وهم يواجهون أحيانا موجات عنصرية طاردة، رغم أنهم لا يزاحمون الأتراك في مجالات العمل بشكل ظاهر.
ويتركز المستثمرون السوريون في مصر في القاهرة والجيزة والإسكندرية، بينما تتركز غالبيتهم في تركيا في ولايات إسطنبول، وغازي عنتاب وأورفا الحدوديتين.
السوريين في مصر
في مصر، يتواجد السوريون بتأشيرة سياحية مؤقتة، أو بصفة لاجئ، أو دارس، أو برخصة عمل، ولا يستطيع حاملو التأشيرة السياحية أو اللاجئون فتح حساب بنكي أو الحصول على رقم هاتف جوال، بينما يواجه من يرغب في الحصول على رخصة عمل إجراءات أمنية وإدارية معقدة.
والإجراءات الإدارية ليست موجهة لجنسية محددة، لأن المصريين أنفسهم يعانون تاريخيا من البيروقراطية الحكومية.
ويشترط على حامل رخصة العمل ألا يزاول مهنة الإرشاد السياحي أو يمارس التجارة الخارجية، ويشترط القانون ألا يعمل أكثر من 10% من العمال الأجانب في أي مؤسسة.
ولهذا يلجأ بعض السوريين المسجلين كلاجئين، للعمل وراء ستار سوريين آخرين نجحوا في تخطي العقبات الإدارية، مما يجعل قطاع العمل الأجنبي غير الرسمي كبيرا.
الوضع الآمن للسوريين في مصر يجعلها بيئة أفضل للأعمال السورية، مقارنة بالوضع الحالي في تركيا، حيث تزداد الموجة العنصرية، ومعها تتزايد عمليات الترحيل، وترفض البنوك تمويل مشروعاتهم التجارية، ورغم كل ذلك، يظل وضع السوريين في هذين البلدين أفضل منه في بلدان عربية أخرى.
السوريين في تركيا
التعقيدات البيروقراطية تبدو أكثر وطأة في تركيا، التي تعرف سياسة الترحيل المنظم، وتشير بعض التقديرات إلى أن السلطات التركية تنوي ترحيل 200 ألف سوري خلال عام 2024.
في تركيا كذلك، يصعب إصدار رخص عمل للمستثمرين السوريين، بسبب التعقيدات البيروقراطية والأمنية، ويعمل السوريون بكثافة عند بعضهم البعض، نتيجة لمشكلات التواصل اللغوي.
ولكن تركيا لا تحظر على السوريين العمل في قطاع التجارة الخارجية كما هو الحال في مصر، حيث يقدر مركز حرمون السوري للدراسات أن 55% من أعمال السوريين في تركيا مركزة في قطاع التصدير، أو تستهدف مجتمع السوريين هناك.
وقد ذكر رجل الأعمال السوري عبد الغفور عصفور أن السوريين في تركيا يصدرون إلى 50 بلدا أجنبيا، وأن قيمة صادراتهم بلغت 500 مليار دولار، بحسب ما أورده موقع “الجزيرة نت”.
ولكن، وعلى عكس مصر، تقوم السلطات التركية مؤخرا بحملات منظمة مستمرة لترحيل السوريين، بمن في ذلك المستثمرون، بسبب مشكلات الإقامة.
حماية الاستثمارات السورية
تشهد الاستثمارات السورية في تركيا ومصر نموا مطردا رغم المصاعب، ويسعى مجتمع الأعمال في البلدين لحماية وتسهيل هذه الاستثمارات من خلال تنظيم أنفسهم في مؤسسات مجتمع مدني لرجال الأعمال السوريين
في مصر، هناك “تجمع رجال الأعمال السوريين” منذ 2013 برئاسة خلدون الموقع، و”جمعية الصداقة المصرية السورية” برئاسة طلال العطار، وتتعاون الجمعيتان مع غرفة التجارة بالقاهرة والسلطات المصرية.
وفي تركيا، توجد “جمعية رجال الأعمال والصناعيين العرب” (أسياد) برئاسة عبد الغفور عصفور، و”جمعية سياد” برئاسة زياد شمعون، و”تجمع رجال الأعمال السوريين بتركيا” (سورياد) في غازي عنتاب.