هاشتاغ _ أيهم أسد
تهدف البنوك المركزية في اقتصادات العالم، وعبر السياسة النقدية، إلى التحكم بمتغيرات الاقتصاد الكلي النهائية كالناتج المحلي الإجمالي والتشغيل والميزان التجاري والنمو الاقتصادي، والتي هي بدورها أهداف اقتصادية بحتة لتحقيق هدف أكثر سمواً هو “الهدف الإنساني”.
الناس الذين يديرون الاقتصاد بسلوكهم الاقتصادي اليومي من إنتاج واستهلاك وادخار وعمل واستثمار من المفترض أن تنعكس عليهم نتائج السياسات الاقتصادية أياً كان نوعها، نقدية، مالية، تجارية، وغيرها، فالناس صانعو السياسات لا بد وأن يكونوا هم ذاتهم غاية السياسات، فالاقتصاد ليس غاية بحد ذاته.
المؤسسات الاقتصادية القائمة على تصميم وإدارة السياسات مطالبة وبكل حين بتفسير سياساتها أولاً، وبتوقع نتائجها ثانياً، وبإعلان ما تقوم به للجمهور ثالثاً، وذلك كنوع من الشفافية وتبادل الثقة وحق الناس في معرفة ما يؤثر فيهم.
لا يختلف ذلك التحليل البسيط لأي سياسة عن أخرى، سواء كانت نقدية أم مالية، أم تجارية.
وانطلاقاً من ذلك يحق لنا الحديث عن سياسة مصرف سوريا المركزي الأخيرة المتعلقة بسعر الصرف: كيف يمكن لمصرف سوريا أن يبرر للناس سياسته النقدية التي استخدمها مؤخراً وهي رفع سعر صرف الدولار الرسمي من (2500) إلى (2800)، أي بنسبة (12%)؟ والتي تؤسس لموجة جديدة من التضخم.
وانطلاقاً من المنطق الإنساني لا المنطق الاقتصادي الذي أًشبع تحليلاً حول القرار السابق يمكن أن نتساءل عن “الجدوى الإنسانية” لا الجدوى الاقتصادية له.
فكيف سيؤثر رفع سعر الصرف الرسمي على حياة الناس اليومية؟ أي كم سيستهلك منهم ساعات عمل زيادة من أجل تغطية التضخم المحتوم القادم؟
وكيف سيؤثر رفع سعر الصرف الرسمي على ذوي الدخل المحدود؟ أي كم هو عدد ونوع الاحتياجات الأساسية التي من الممكن أن يضحوا بها جراء تلك السياسة النقدية؟
وكيف سيؤثر رفع سعر الصرف الرسمي على عدد الفقراء؟ أي كم من الأسر والأفراد الذين سينزلقون إلى خط الفقر مجدداً؟
كم من الضغوط الاجتماعية سيولدها هذا القرار وبقية القرارات الأخرى؟
هل استقطاب الحوالات الخارجية أهم من لقمة عيش السوريين ؟
هل مجاراة السوق السوداء أهم من مجاراة معيشة الأسر السورية؟
هل تعزيز قدرة المنظمات في سورية أهم من تعزيز قدرة المواطن السوري؟
ما كان ينتظره الشارع السوري هو سياسة من البنك المركزي تخفض سعر صرف الدولار.
ما كان ينتظره الشارع السوري هو سيطرة البنك المركزي أكثر على السوق السوداء.
ما كان ينتظره الشارع السوري هو بعد “إنساني” لا بعد “اقتصادي” في سياسة المركزي.
لقد خاب أمل …. الشارع