ويتضمن ذلك مصير القواعد العسكرية الروسية على ساحل المتوسط في سوريا، وفقاً لموقع “تلفزيون سوريا”.
العلاقة المستقبلية
تدفع تصريحات أدلى بها مؤخراً قائد السلطات السورية، ومن ثم الرئيس الروسي، نحو تعزيز الاعتقاد بأن روسيا ستحتفظ بتلك القواعد، ويبقى السؤال كيف وعلى أي أساس.
وفي تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام عالمية، أظهر الشرع فهماً عميقاً لجوهر وتاريخ العلاقات بين سوريا وروسيا.
كما عبر الشرع عن رؤيته لمستقبل العلاقات مع روسيا، حين قال: “لا أعتقد أن سوريا تستطيع الانفكاك السريع عن روسيا”، وأكد “نحن مهتمون ببناء علاقات مع روسيا”.
وحدد بوضوح ودقة الأرضية الرئيسية لهذه العلاقات، بأن تكون على أساس سيادة الدولة السورية واستقلال قرارها.
وكان الشرع حريصاً على تهدئة بعض الأصوات التي تدعو إلى طرد الروس، وقال: “لسنا مستعجلين على خروج روسيا من سوريا بالطريقة التي يتصورها البعض”.
وأوضح: “هناك أيضاً قنوات تواصل مع الروس”، ومن ثم وضع النقاط على الحروف بشأن آلية بناء العلاقات مستقبلاً مع روسيا.
وأشار إلى أنه هناك اتفاقيات جائرة بحق سوريا وُقّعت بين روسيا والنظام السابق، مضيفاً: “سنعمل على إعادة النظر بها”.
لم تقتصر معاني التصريحات التي أطلقها الشرع على أنها رسمت ملامح العلاقة المستقبلية مع روسيا.
بل وزادت عن ذلك، بأن حملت دلالات على طبيعة السياسة الخارجية لسوريا، خلال هذه المرحلة على الأقل.
إذ أظهرت هذه التصريحات، أن قيادة السلطات الجديدة في سوريا تنطلق في قرارتها فقط على أساس مصالح سوريا، وليس بناء على رغبات أطراف خارجية.
كما بيّنت، أن دمشق لن تنصاع للضغوط والإملاءات الخارجية.
مصالح متوافقة
من جانبه، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرسل هو الآخر رسائل واضحة بشأن رؤيته لمستقبل العلاقة مع دمشق، بعد سقوط نظام الأسد.
جاء ذلك في سياق إجابته على سؤال بهذا الصدد، خلال مؤتمره الصحفي السنوي الكبير، بمشاركة وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
وكان لافتاً في حديث بوتين، أن أشار بداية إلى أن الغالبية العظمى من دول المنطقة عبروا عن اهتمامه ببقاء القواعد العسكرية الروسية في سوريا.
لكنه سرعان ما حدد بوضوح: “علينا أن نقرر بأنفسنا كيف سنطور العلاقات مع تلك القوى السياسية التي تسيطر الآن، وتتحكم بالوضع في هذه الدولة في المستقبل”.
وشدد بوتين على ضرورة أن تكون مصالح موسكو ودمشق متوافقة، كقاعدة أساسية في تطوير العلاقات الثنائية للمرحلة المقبلة.
إلا أن الأهم فيما قاله بوتين، هو استعداده للتعاطي مع دمشق لتلبية المصالح السورية، مقابل التوصل لاتفاق بشأن بقاء القواعد العسكرية الروسية، القاعدة الجوية في حميميم، والبحرية في طرطوس.
وبعد سنوات على تمكنه من الحصول على تلك القواعد من الرئيس المخلوع الفار بشار الأسد، بات بوتين يدرك أن المشهد قد تغير جذرياً الآن في دمشق، وأن أي تعاون يجب أن يكون قائماً على أساس المنفعة المتبادلة.
وقال بوضوح: “إذا بقينا هناك، فعلينا أن نفعل شيئاً لصالح البلاد التي نحن فيها”.
كما تساءل: “ماذا ستكون المنفعة التي سنقدمها؟ ماذا يمكننا أن نقدم لهم؟”، مبدياً تفهمه أن المباحثات بهذا الشأن لن تكون نزهة.
والآن، بعد تبادل هذه الموجة الجديدة من الرسائل بين القيادات في موسكو ودمشق، تتجه الأنظار نحو أول محادثات علنية رفيعة المستوى.
ويرى المراقبون أن هذه المحادثات لا بد أن تجري في أقرب وقت، بين مسؤول روسي رفيع المستوى قد ترسله موسكو إلى دمشق، وقيادة إدارة العمليات العسكرية في سوريا.
ومن المرجح أن تخرج هذه المحادثات بنتائج، تحدد بصورة أكثر دقة آليات وشروط تطوير المرحلة الجديدة من علاقات ممتدة في عمق التاريخ، تربط بين موسكو ودمشق.