هاشتاغ – أيهم أسد
أثار انتباهي في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء أن من أبرز الموضوعات التي كانت على طاولة المجلس هي “الشفافية التامة في تناول القضايا المعيشية والخدمية والتنموية” والتي لم يوضح مجلس الوزراء حتى الآن كيف سيحقق الشفافية التامة في تناوله لتلك القضايا.
أليس من الشفافية ذاتها أن تخبر الحكومة المواطنين كيف ستقوم بممارسة تلك الشفافية؟
وإليكم ما تعنيه الشفافية إذاً، ولكم أن تعرفوا إن كانت الحكومة ستتعامل مع المواطنين بشفافية أم لا.
تعتبر الشفافية أحد أهم أركان حوكمة السياسات العامة وعمل الحكومات وفيما يلي أهم مرتكزات الشفافية الحكومية:
أولاً: تعني الشفافية الكشف عن البيانات والقرارات والأفعال التي تتخذها الحكومة بصراحة وصدق.
فهل تكشف الحكومة لنا عن بياناتها وقراراتها وأفعالها بصدق وصراحة؟
هل تنشر لنا أي دراسة حقيقية لنتائج قراراتها الاقتصادية اليومية؟ هل تنشر لنا مسحاً للرأي العام حول قضية اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية محددة؟ هل تنشر أياً من الجهات العامة بيانات متعلقة بنتائج أعمالها؟ هل تنشر الحكومة لنا تفسيراً علمياً ومنطقياً عن سياسة عامة قامت بها؟ هل تنشر لنا تقييماً لنتائج أي من سياساتها وأين أصابت وأين أخطأت؟ أليس هناك حالة من التعتيم الكامل على أعمال الإدارة العامة؟ فأين هذا البعد من أبعاد الشفافية في العمل الحكومي؟
ثانياً: تهدف الشفافية إلى تعزيز الثقة والمصداقية في الجهات المسؤولة، وتساعد على تحقيق المساءلة والعدالة والمساواة.
فهل الثقة في الأداء الحكومي موجودة لدى المواطنين؟ وهل مساءلة الإدارة العامة عن نتائج أعمالها وقراراتها محققة فعلاً؟ بالطبع الجواب لا.. فطالما أننا لا نعرف أسباب ونتائج ما تفعله الحكومة، وطالما أننا مبعدون تماماً عن البيانات والمعلومات، وطالما أننا لا نعرف ما تخطط له الحكومة فكيف سنثق بها أولاً وكيف سنحاسبها ثانياً؟ فهل يعرف المواطنون إن كان لدى الحكومة برامج اقتصادية واجتماعية داخلية تتبناها في عملها؟ وهل يعرف المواطنين لماذا يتغير سعر الصرف بشكل يومي بهذه الطريقة الجنونية؟ وكيف يثق المواطنون في حكومة تصدر كل يوم قراراً لا يصب في مصلحته ويزيد من حياته صعوبة؟
ثالثاً: تتضمن الشفافية الكشف عن المعلومات المتعلقة بالأداء والمصروفات والميزانيات والصفقات والقرارات والأفعال، وذلك بطريقة سهلة ومفهومة للجميع.
فهل المعلومات المتعلقة بالمصروفات الحكومية متاحة للجمهور؟ ولماذا لا تنشر الحكومة مشروع الموازنة العامة للدولة أو الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة؟ ولماذا لا تعلن الحكومة عن البيانات الضريبية ومصادرها للقطاعات الاقتصادية كلها؟ أليس كل ما سبق هو حق من حقوق المواطن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟ أليس من حقه معرفة كيفية صرف الأموال العامة؟ أليس من حقه أن يعرف إن كان النظام الضريبي الخاضع له هو نظام عادل أو لا؟ أليس من حقه أن يعرف كيف تدير الحكومة صفقاتها المتعلقة باستثمار الثروات العامة والمرافق العامة؟
رابعاً: تتحقق الشفافية عن طريق نظام قوي للرصد والتقييم والتحقق من الأداء، ويجب أن يكون هذا النظام مستقلاً ومتاحاً للجمهور.
وبناء على هذا الركن من أركان الشفافية نتساءل ماهي مؤشرات الأداء الحكومي التي يتم تقييم عمل الحكومة بناء عليها؟ وكيف نقول أن هذه الحكومة يجب أن تستمر في إدارة البلاد أو يجب أن لا تستمر؟ ومن ثم ما هو نظام الرصد الحكومي الخاص بالتحقق من الأداء الحكومي؟ من يقوم بمتابعة ما تقوم به الحكومة من سياسات عامة؟ ومن يقوم بتقييم نتائج قراراتها الاقتصادية؟ وهل يعرف المواطنون شئياً عما إذا كان نظام الرصد والتقييم موجوداً أم لا؟
هذه هي الشفافية الواقعية وهذه هي مكوناتها….أما الشفافية التنظيرية الورقية فهي سهلة جداً ويمكن الحديث عنها دائماً واستهلاكها كالوجبات السريعة.
الشفافية سلوك وليست شعار.