الجمعة, ديسمبر 13, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةسوريا تودّع العام "الأكثر كارثية" اقتصاديا ومعيشيا

سوريا تودّع العام “الأكثر كارثية” اقتصاديا ومعيشيا

هاشتاغ – حسن عيسى

لم يحتاج الوضع المعيشي في سوريا أكثر من عامٍ حتى يتدنّى مجدداً لمستوياتٍ قياسية، هكذا اعتاد السوريون أن تمر عليهم الأيام خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ انتهاء العمليات العسكرية في البلاد.

 

تبدّلت الأحوال منذ بداية 2022 وحتى نهايته، لكن ما بقي ثابتاً هو الجملة التي اعتاد المواطنون على تكراراها كل عام “العام الماضي كان الوضع أفضل”.

 

ما يميز الأزمة المعيشية التي يعاني منها السوريون منذ سنوات أنها متجددة باستمرار، دائماً ما تُفاجئ السكان بـ “مطبّات” وعوائق جديدة، تطور نفسها بمرور الوقت.

 

ذلك التطوّر بلغ أشدّه مع نهاية العام الحالي، في ظلّ أزماتٍ عصفت بمختلف جوانب الحياة المعيشية، شكّلت مجتمعةً حلقة متكاملة أرهقت كاهل السوريين.

 

تدهور العملة

استغرق انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار ثماني سنوات، حتى وصل سعر الصرف في السوق السوداء لألف ليرة بعد أن كان 50 نهاية العام 2010.

 

في حين أنه بعد العام 2018 بدأ سعر الصرف بالارتفاع بمعدّل 500 ليرة كل عام، حتى وصل إلى نحو 3000 ليرة بداية العام الحالي 2022.

 

رقم قياسيّ سجّله العام 2022 بسعر الصرف، الذي ارتفع خلال أشهرٍ مسجلاً أكثر من 7000 ليرة نهاية العام، وهو ما لم يحصل طوال عقدٍ زمني.

 

ارتفاع سعر الصرف ألقى بظلاله كالمعتاد على جميع متطلبات الحياة المعيشية، وأشعل لهيباً في الأسواق زادت حرارته من شدة أسعار المواد التموينية، رغم ندرة وجودها.

 

أزمة المحروقات

ما فاقم الوضع أكثر، هو الشح الذي أصاب قطاع المحروقات، والذي تسبب بحالةٍ من الشلل ضربت جميع نواحي الحياة، وزادتها تعقيداً.

 

الأزمة التي لم تتردد الحكومة في الإفصاح عنها قبل أقل من شهرين على نهاية العام، وضعت المعنيين بين حلين، إما اختفاء الوقود أو رفع أسعارها.

 

رفع أسعار المحروقات لم يخفف الأزمة بالقدر الكافي، بل أكمل بذلك سلسلة المعاناة ورفع أِسعار أغلب السلع والمنتجات والخدمات، الحكومية منها والخاصة.

 

كهرباء شبه معدومة

بالرغم من أن الواقع الكهربائي مشى مع التيار وتغير للأسوأ منذ بداية العام، إلا أن ذلك لم يكن بالحجم الكبير، نظراً للمستوى المتدني الذي وصله.

 

ولم يشهد قطّاع الكهرباء تغيراً كبيراً مقارنةً مع ما كان عليه الوضع قبل نحو عام، تقنينٌ مجحف في أغلب المناطق وتذبذبٌ مستمر بساعات القطع والوصل.

 

كما أن هذا القطّاع تأثّر كغيره بأزمة المحروقات، تمثّل ذلك بزيادةٍ في ساعات التقنين لكن بنحو 30 بالمئة فقط في أغلب المناطق والمحافظات السورية.

 

وتباينت ساعات القطع بين منطقة وأخرى، حيث وصلت في معظم المناطق إلى 6 ساعات ونصف، مقابل نصف ساعة وصل فقط.

 

العام الأكثر كارثية

الباحث في الشأن الاقتصادي الدكتور علاء الأصفري، رأى أن هذا العام كان الأكثر كارثية منذ أحد عشر عاماً، وأن السوريين أصبحوا على الرمق الأخير في مرحلة الصمود أمام الضغوط المعيشية والاقتصادية المتزايدة.

 

الأصفري أشار لما أسماه بـ”الهبوط الدراماتيكي” لليرة، التي وصلت إلى مستوى قياسي مقابل الدولار خلال عامٍ واحد، نظراً لنوعين من المشاكل التي تعاني منها البلاد.

 

وأوضح أن النوع الأول يتمثل بالعقوبات الخارجية، والضغط الكبير على عمليات الاستيراد وتأمين المستلزمات، إضافةً للوجود الأمريكي شرق الفرات، وما نجم عنه من سرقة للخيرات.

 

وأشار الأصفري إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى صعوبات في الشحن وارتفاع كبير بتكاليفه، مما أثر سلباً كذلك على الاقتصاد السوري، على حد تعبيره.

 

وذكر أن النوع الثاني يشمل الكثير من العوامل الداخلية، أبرزها غياب المخططات الاستراتيجية في حكومة من المفترض أنها “إنقاذية”، والمزيد من التخبط في القرارات الحكومية.

 

ولفت الأصفري إلى العديد من السياسات الحكومية “الخاطئة”، كالتضييق على الصناعة واستيراد المواد الأولية، إضافةً للضغط على القطاع الخاص بهدف الحد من المضاربة على الدولار.

 

وأفاد بأن المنصة الرقمية التي تم إنشاؤها لتوفير القطع الأجنبي شكّلت ضغطاً إضافياً على الصناعيين والمستوردين، أُغلقت على إثر ذلك الكثير من المصانع وانتشرت البطالة وأحجم مستثمرون سوريون وعرب عن الاستثمار في سوريا.

 

ورأى الأصفري أنه لا وجود لأي مخطط حقيقي للإنقاذ حالياً، بل يوجد حالة غير صحية وغير علمية في التعاطي الحكومي مع الوضع الاقتصادي، بحسب تعبيره.

 

واعتبر أن جميع الإجراءات التي تم اتخاذها لم تمنع انهيار العملة، أو انزلاق البلاد نحو ضغوط اقتصادية، جعلت نحو 95% من السكان تحت خط الفقر، مع زيادة في مستويات التضخم وركود اقتصادي “هائل”.

 

وشدد الأصفري على ضرورة وجود حكومة إنقاذية، ووضع مخطط استراتيجي جديد، مع تغيير نمطية التفكير والتعاطي بالشأن الاقتصادي والخدمي، وعدم المعاندة فيهما.

 

ومن وجهة نظر الباحث الاقتصادي، فإن المشكلة لا تكمن في الأشخاص الموجودين بالحكومة، بل في “الآلية وطريقة التفكير الخشبية التي نعاني منها”، وفق تعبيره.

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة