هاشتاغ سوريا – مالك معتوق
كتب أحد المواطنين العراقيين ويدعى سعد مالك على صفحته الشخصية في فيسبوك أن الحصول على قبر لوالده الذي قضى قبل أسبوع جراء فيروس كورونا في العراق بات حلماً بسبب رفض المدافن الرسمية والسكان المحليين استقبال ضحايا الوباء لاعتقادهم بأن الموتى مصدر للعدوى بالفايروس القاتل، فباتت الجثث مكدسة في ثلاجات الموتى.
سعد مالك وقريبٌ له يُدعى سالم الشمري غادرا الحجر الصحي قبل أيام لأنهما خالطا الشخص المتوفى، ومنذ ذاك الحين، تبوء محاولاتهما بالفشل لتأمين قبر لدفن والد سعد الذي أعيدت جثته إلى ثلاجة أحد مستشفيات بغداد بحسب منشور سعد.
يتابع سعد مالك في كلماته على فيسبوك بنبرة يملؤها الأسى على فقد أبيه، لم نُقم مأتما لأبي، ولا نستطيع دفن جثته رغم مرور أكثر من أسبوع على وفاته.
ويضيف في تغريدته على الموقع الأزرق: هل يعقل أن هذا العراق الكبير ليس فيه عدة أمتار لدفن مجموعة صغيرة من الجثث؟
وكان فايروس كورونا قد أودى حتى الآن بحياة 42 عراقيا وأصاب نحو 550 شخص، بحسب وزارة الصحة العراقية، لكن هذه الأرقام قد تكون أقل من الإصابات الموجودة الفعلية، إذ إن نحو 2000 شخص فقط من أصل 40 مليون نسمة خضعوا للفحص في أنحاء العراق.
يأتي الرفض الكبير للخضوع لدفن الجثث التي قضت بكورونا من العشائر العراقية صاحبة الكلمة الفصل في بلد تتغلب فيه العادات والتقاليد على سلطة للقانون.
فقد منعت إحدى كبرى العشائر في شمال شرق بغداد فريقا تابعا لوزارة الصحة كان ينقل أربع جثث لضحايا كورونا من دفنها في مقابر خصصتها الدولة لضحايا كورونا.
وعندما حاول الفريق نفسه دفن الجثث في منطقة النهروان في جنوب شرق بغداد، خرج العشرات من السكان في مظاهرة، مما دفع الفريق لإعادة الجثث إلى ثلاجات المستشفى.
يقول مواطن عراقي آخر وهو من رافضي دفن جثث المتوفين بكورونا في مقبرة قريبة من بلدته: شعرنا بالذعر على أطفالنا وأسرنا.. لذا قررنا منع أي دفن في مناطقنا.
ورغم تأكيدات وزير الصحة العراقي جعفر علاوي أن الأمور ستسير على ما يرام، إلا أن هناك اعتراضات قائمة أجبرت الوزير على مناشدة المرجعيات الدينية التدخل في تسهيل عملية الدفن.
وطالت المشكلة الوفيات في محافظات عدة، بينها مدينة النجف، حيث توجد مقبرة السلام التي تعد من بين المقابر الأكبر في العالم.
وبحسب رصد “هاشتاغ سوريا” لمنشورات الأطباء وعائلات المتوفين على فيس بوك فإن السلطات فشلت أيضا في الحصول على أذون للدفن في مدينة كربلاء بسبب رفض سلطاتها المحلية، خصوصا أنها تعتبر قبلة لملايين الزوار سنوياً.
يقول أحد الأطباء: إن السلطات فاتحت سلطة النجف لاستقبال جثة متوف بفيروس كورونا، لكنها قوبلت بالرفض، فباتت الوزارة عاجزة عن إيجاد حلول.
وكتب زوج إحدى النساء اللواتي توفين جراء المرض في صفحته على فيس بوك بعد يأسه من إمكانية دفن جثة زوجته في إحدى المقابر: سلموني الجثة وأنا سأدفنها في بيتي.
وهناك قلق كبير من فقدان السيطرة على كورونا في العراق، خصوصا أنه مجاور لإيران التي ضربها الفيروس بشدة وأودى حتى الآن بحياة الآلاف وأصاب الآلاف.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يوجد في العراق 14 سريرا في المستشفى الواحد لكل عشرة آلاف نسمة.
يقول المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا إن منع الدفن قضية لا تنسجم مع الأعراف الدينية والإنسانية التي تشدد على أن إكرام الميت دفنه.
واعتبر أن مسألة انتشار المرض من الأموات غير مستندة إلى حقائق علمية، وأن هناك إجراءات تتخذها الدولة للحد من المخاطر كالتعقيم ولف الجثة بأكياس وتابوت خاص.
وقد أفتت المرجعية الدينية العليا في العراق بوجوب تكفين الميت بوباء كورونا وأكدت أن على السلطات المعنية تسهيل دفنه في المقابر العامة، ولا يجوز حرق جثمانه.