الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخباراحتمالات العلاقات السورية – التركية  

احتمالات العلاقات السورية – التركية  

هاشتاغ-رأي مازن بلال 

ما يؤخر مسار العلاقات بين أنقرة ودمشق تفاصيل إقليمية ودولية لا ترتبط بالضرورة برغبة الطرفين في التفاوض، فعلى الرغم من التعقيد الذي خلفته الحرب طوال عقد ونصف؛ فإن أهم الأمور مرتبطة أساسا بالواقع “الجيوسياسي” الناجم عن توزع المصالح داخل سوريا.

 

وعلى الرغم من أن المسائل العالقة مع “الجناح العربي” انتهت بعودة العلاقات السورية مع دول الخليج العربي، فإن توزع القوى في سوريا ما زال عالقا على موضوع الاشتباك الإيراني – الأمريكي والتركي – الأمريكي عند الحدود مع العراق، وأيضا في الجزيرة السورية.

 

عمليا فإن الولايات المتحدة تتحكم بمفصل أساسي في مسألة العلاقة السورية – التركية، فوجودها في مثلث التنف يمثل حالة من السيطرة على نقطة التقاء الحدود بين ثلاث دول ما يجعلها نقطة انطلاق مهمة للعمليات العسكرية والاستخباراتية.

 

وتعد أيضا نقطة ربط بين طرق رئيسية عدة، وهذا يسهل حركة القوات واللوجستيات، وتصفية الأزمة السورية سيجعل من هذه النقطة محورا أساسيا تحاول الولايات المتحدة عزله عن أي حل سياسي، فهو بنظرها مركزا أساسيا للتعامل مع أي حالة توتر، ويشكل أيضا بوابة إلى العراق والأردن.

 

الجانب الآخر يرتبط بالجزيرة السورية التي أسست فيها الإدارة الأمريكية قوة محلية من السوريين الأكراد، ولا تكمن أهمية هذه المنطقة بما تحمله من نفط وسلة غذائية لسوريا فقط، فالولايات المتحدة تنظر إليها من تجربتها خلال الحرب في العراق، إذ كانت المعبر الرئيس الذي أتاح ظهور عمليات عسكرية ضد القوات الأمريكية، ومن جانب آخر فإنها تمثل نقطة التماس مع الفصائل المعارضة كافة لسياسة واشنطن التي تسميها بـ”حليفة إيران”، فالأزمة في الجزيرة السورية لا ترتبط حصرا بالموضوع الكردي، بل بحالة استراتيجية تؤثر في التوازن الإقليمي بالنسبة للولايات المتحدة في مسألتين:

الأولى أن تلك المنطقة في حال انسحاب الولايات المتحدة ستصبح خطا يصل ما بين طهران والبحر المتوسط، وهو أمر تحاربه الولايات المتحدة منذ سقوط حكم الشاه لأنها تريد لإيران دورا محصورا بالخليج العربي فقط.

الثاني يتعلق بعلاقتها مع بغداد؛ فخسارة الحدود العراقية – السورية لصالح “الحشد الشعبي” سيشكل نهاية حقيقية لقوة الولايات المتحدة في العراق، وربما تبدل من الميزان السياسي في العراق بالدرجة الأولى.

 

الملاحظ أن تركيا لا تتطرق للمسائل المرتبطة بالوجود العسكري في الجزيرة السورية، فهي تتجاهلها عمدا على اعتبار أن دور أنقرة الإقليمي يمكن أن يسد الفراغ الذي سيخلفه انسحاب القوات الأمريكية من قواعدها في تلك المنطقة، فهي تحاول إثبات قوتها ولو بشكل غير مباشر، وتقديم دلائل على أنها الضامن الأساسي لتوازن القوى في حال انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

 

مصالحة دمشق مع أنقرة يمكن عدها بوابة توازنات جديدة لا تريدها دول وقوى عدة تتحكم اليوم بشرق المتوسط، لكنها في المقابل تفتح إمكانيات جديدة لمسار إقليمي أكثر استقرارا على الرغم من عدد من المسائل العالقة، فالأزمة السورية باتت تحدٍّ إقليمي لا يواجه دمشق فقط، بل هو أيضا اختبار لتركيا التي سعت منذ وصول حزب العدالة والتنمية لإثبات دورها الإقليمي.

مقالات ذات صلة