هاشتاغ_نضال الخضري
تحتمل العلاقة مع سورية لوناً يختلف عن الطيف المألوف، فمسائل الوطنية والانتماء تحتاج لمعرفة مختلفة لا علاقة لها بأشكال الخطاب السياسي المألوف.
“عشق الوطن” لم يعد يحتمل المشاعر التي اعتدناها بالأناشيد التي حركت الأجيال وقت الاستقلال.
وهذا العشق لا يمكنه التآلف مع أحلام خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما كانت الأحلام تتجاوز الممكنات.
فلكي نفهم سورية بعد أكثر من عقد على أزمة وحرب غير مألوفة نحتاج لمساحة جديدة، فالوطن ليس قيمة مطلقة إنما “علاقة” تحمل معها كل الاحتمالات.
فما يربطنا بالوطن مسائل أكثر تعقيداً من مجرد الشعور الذي تحركه الخطابات، أو تحدده منظومات الأفكار أو حتى الامتداد التاريخي الذي أصبح منهجا تعليميا لكل الأجيال.
هذه التصورات تحتاج لرسم “علاقة جمال” وسط عالم متحول فيه من اللايقين أكثر من قدرتنا على التحمل.
فالوطنية التي استهلكتها الأيديولوجيات هي في النهاية قدرة على اكتساب هوية متجددة، وانتماء لا يخلق ارتياحاً فقط بل يقين يضمن أكثر من الاستقرار لأنه يحمل إمكانية الرفاه.
العلاقة مع سورية تتخذ اليوم مساراً يتطلب فهم الجمال كعلاقة أيضا، فعندما نستطيع ربط أنفسنا كمجتمع مع كل ألوان الحياة؛ عندها يمكننا الحديث عن وطنية تنتمي لزمن جديد.
وبالرغم من أن السوريين بطبعهم عشاق حياة وهو ما يدل عليه مطبخهم على أقل تقدير، لكنهم في نفس الوقت عاجزون عن بناء “علاقة الجمال” التي يمكنها تجديد عشقهم للحياة ووطنهم.
نحن نبحث عن الخلل وربما نحدد مسؤولية السقوط للقاع، لكن هذه المسألة خدعة تعفينا من رؤية الآخرين كجزء من الوطن كـ”علاقة” ومن مواطن الجمال التي تجدد العشق لأشكال الحياة.
فهناك ثقافة مختلفة تحتاج لبناء كي لا تصبح الهجرة هي الثقافة، ولنستطيع رؤية الحياة على أنها ممكنات وسط كافة أشكال القسوة التي تلف مجتمعنا.
نحن وهذا الوطن أزمة معرفة تحجب عنا الوطنية كعلاقة ممتعة نكتشف من خلالها أننا نرسم عشقه بأيدينا.
ونستطيع أيضا أن نكتشف فيه إمكانية اختراق ستار الغم الذي فرضناه عبر العقود، والخروج لرؤية تعيد كل أشكال القيم التي نحملها نحو مسار يحمل المتعة بقدر ما فيه من جهد شاق لكسر جمود قيمنا.
المسألة الوحيدة التي نملكها اليوم هي سورية بكل ما فيها من تعقيدات، ونملك أيضا تصورات الرفاهية التي تصلنا كرسالة إعلامية دائمة، وبرامج تنموية لا تغزونا بل ترتب لنا ما الذي علينا أن نؤمن به في عالم اللايقين.
ما نملكه أيضا هو بضع محاولات لرسم تلك العلاقة لكل القيم التي يمكن أن تقودنا إلى الجمال، وتنقل الوطنية باتجاه دون الشعارات، بل رؤى يمكنها أن تحمل على الأقل متع المغامرة لترتيب عالمنا داخل سورية.