هاشتاغ – ميسون حداد
قام وزير التربية، دارم الطباع، قبل أيام، بزيارة لعدد من المدارس الخاصة في دمشق، واطلع فيها على سير العملية التعليمية. واستهدفت الجولة، الهيئات التعليمية التابعة للهيئات المجتمعية الأرمنية في محافظتي دمشق وريفها.
المدارس الخاصة بشكل عام، تحافظ على سوية عالية من معايير الجودة، بدءاً من الأثاث والشروط الصحية إلى التميز في تفاصيل العملية التعليمية. وإن كانت زيارة الطباع، بشكل أو بآخر، عكست هذا التميز، لكنها لا تعبر البتة عن واقع العملية التعليمية في محافظتي دمشق وريفها.
شريحة محدودة من أصحاب الدخل العالي تستطيع إرسال أولادها إلى هذه المدارس. واليوم الشريحة الأكبر من المواطنين السوريين تحت خط الفقر ممن لا يحصلون قوت يومهم. وأن يقوم وزير التربية بافتقاد المدارس النموذجية إن صح التعبير، في ظروف أقل ما يقال عنها غير نموجية يعيشها المجتمع، لهو جرح وذو وقع سلبي على المجتمع.
أيامنا التي يصارع فيها المواطن يومه ليحصل رغيف الخبز، وجرة الغاز، وشيء من محروقات إن لم تصبح منسيات، لا تجوز فيها الأعمال الحكومية الكمالية. فالظرف الذي نعيشه استثنائي، الأولوية فيه لذوي الدخل تحت المحدود على صعيد القرارات والمتابعات والزيارات، لسنا في زمن عادي، نحن نعيش في ظل حصار عالمي.
في هذه الظروف المدارس الحكومية، وخاصة منها التي تفتقد للحد الأدنى من مقومات العملية التربوية، بسبب الفقر، هي التي تحتاج أن يتفقدها السيد الوزير.
المدارس، التي ينحشر فيها الطلاب أكثر من أربعة في المقعد الواحد المكسور. المدارس التي لا تدفئة فيها ولا وسائل تعليمية ولا كتب والتي لا يستطيع طلابها شراء الدفاتر والأقلام والقرطاسية.
لماذا نصر في إعلامنا على إظهار الصورة الأفضل والتي لا تمثل الواقع؟ أو تمثل واقع القلة القليلة؟ أليس دور الإعلام في التركيز على المشاكل والهموم وتسليط الضوء عليها لمعالجتها؟ نقول هذا بالمبدأ، ومن باب النقد وليس التهجم.
لماذا اختار الوزير زيارة مدرسة من الطبقة المخملية في حين تحتاج آلاف المدارس لأبسط مقومات العملية التعليمية.. ألم تكن هذه المدارس أولى بالزيارة.. هل تريد هذه الصور التي جرحت الكثيرين أن تقول إن مدارسنا بخير وأن العملية التربوية في أوجها؟!
لا، المدارس ليست بخير، والعملية التربوية متعثرة، بمطبات الجهل والفقر وتبعاته والكورونا والبرد. وفي زمن الأزمات، الأولوية لمتابعة المشاكل والنقص، الأولوية للشعب الذي يقلب أيامه ما بين الطوابير، الأولوية لأبناء المدارس الفقيرة والتي تشكل الغالبية، والأخطر أنها تشكل وجه المجتمع القادم. أفلا يستحق مجتمعنا بعد هذه المعاناة السير نحو عملية تربوية مدروسة.
البداية من هنا.. من أبناء وطلاب عامة الشعب الذين يعيشون ظروفاً “صبارية” نسبة إلى الصبار، وليس مخملية كما تقول تلك الصور.