الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالفترة الانتقالية للرئاسة الأميركية.. بين تعقيد النظام الانتخابي ومخاطر طول المدة

الفترة الانتقالية للرئاسة الأميركية.. بين تعقيد النظام الانتخابي ومخاطر طول المدة

تشهد الولايات المتحدة الأميركية فترة انتقالية طويلة بشكل لافت بين إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وتولي الرئيس الجديد مهامه رسمياً في البيت الأبيض.

فعلى الرغم من إجراء الانتخابات في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لن يتم تنصيب الرئيس الجديد حتى 20 كانون الثاني/ يناير 2025.

هذه الفترة التي تمتد لـ 75 يوماً تثير تساؤلات حول أسبابها وأثرها على الإدارة المنتهية ولايتها والإدارة القادمة، خاصةً بالمقارنة مع الأنظمة الانتخابية في الدول الأوروبية التي تتميز بفترات انتقالية أقصر.

وتظل هذه الفترة نتاجاً لتعقيدات دستورية وإدارية متجذرة في النظام السياسي الأميركي.

وبينما توفر فرصة للرئيس المنتخب للاستعداد للمنصب، فإنها تنطوي أيضاً على تحديات ومخاطر، أبرزها إضعاف الإدارة المنتهية ولايتها وفتح المجال لاضطرابات سياسية وأمنية.

أسباب الفترة الانتقالية الطويلة

1. النظام الانتخابي المعقد

أحد العوامل الأساسية التي تفسر طول هذه الفترة الانتقالية هو النظام الانتخابي الأميركي الذي يعتمد على الاقتراع غير المباشر لاختيار الرئيس.

فعند توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، لا يصوتون مباشرةً لمرشح الرئاسة، بل يختارون ما يُعرف بـ”كبار الناخبين”، الذين يشكلون المجمع الانتخابي.

ويتألف المجمع الانتخابي من 538 ناخباً، وهو الهيئة المسؤولة رسميًا عن انتخاب الرئيس.

ويجتمع هؤلاء الناخبون عادةً في منتصف كانون الأول/ ديسمبر للتصويت، وفقاً لنتائج التصويت الشعبي في كل ولاية.

2. إجراءات الكونغرس

بعد تصويت المجمع الانتخابي، تُعلن النتائج رسمياً خلال جلسة مشتركة للكونغرس في 6 كانون الثاني/ يناير.

هذه الخطوات الإجرائية تضيف إلى طول المدة الانتقالية، خاصةً أنها تستند إلى تقاليد تعود إلى قرون مضت، حينما كانت وسائل النقل والاتصالات أكثر بطئاً.

3. تعقيد التعيينات الرئاسية

يتعين على الرئيس المنتخب خلال هذه الفترة اختيار أكثر من 4,000 شخص لشغل مناصب مختلفة في الإدارة الجديدة، بما في ذلك أكثر من 1,000 منصب يحتاج إلى مصادقة مجلس الشيوخ.

ويتطلب هذا الإجراء وقتاً طويلاً لتقييم المرشحين والتحقق من خلفياتهم.

4. التاريخ الدستوري

تاريخياً، كانت الفترة الانتقالية أطول مما هي عليه اليوم، فحتى عام 1933، كان تنصيب الرئيس يتم في 4 آذار/ مارس، أي بعد أربعة أشهر كاملة من الانتخابات.

وقد جاء التعديل العشرون للدستور الأميركي لتقليص هذه المدة وتحديد يوم التنصيب في 20 كانون الثاني/ يناير.

هذا التعديل كان يهدف أيضاً إلى منح الكونغرس الجديد، الذي يبدأ مهامه في 3 كانون الثاني/ يناير، الوقت الكافي للتعامل مع سيناريوهات معقدة مثل التعادل في المجمع الانتخابي.

وحدث هذا السيناريو مرة واحدة فقط في تاريخ الولايات المتحدة، خلال المواجهة بين توماس جيفرسون وآرون بور في عام 1800.

مساوئ الفترة الانتقالية الطويلة

1. إضعاف الإدارة المنتهية ولايتها

تُضعف الفترة الانتقالية الطويلة بطبيعتها نفوذ الإدارة الحالية، حيث تُصبح قراراتها أقل تأثيراً مع اقتراب رحيلها.

ويُنظر إلى الإدارة المنتهية ولايتها على أنها “بطة عرجاء”، ما يجعلها أقل قدرة على مواجهة الأزمات أو اتخاذ قرارات حاسمة.

2. زيادة المخاطر الأمنية والسياسية

طول المدة الانتقالية يفتح المجال أمام اضطرابات سياسية وأمنية.

المثال الأبرز هو ما حدث في عام 2020، عندما حاول أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب قلب نتائج الانتخابات خلال الفترة الانتقالية، في حادثة اقتحام مبنى الكابيتول.

3. إرباك السياسات الخارجية

خلال هذه الفترة، يبدأ الرئيس المنتخب إجراء اتصالات مع القادة الأجانب وإعداد فريقه الحكومي، بينما تستمر الإدارة المنتهية ولايتها في أداء مهامها.

ويُحدث هذا الوضع تضارباً محتملاً في الرسائل السياسية والدبلوماسية الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية.

4. التحديات الإدارية

عملية تعيين آلاف المسؤولين الجدد تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، مما يؤدي إلى تأخير في اتخاذ القرارات أو تنفيذ السياسات الجديدة فور تولي الإدارة الجديدة مهامها.

دروس من التاريخ الأميركي

أ. التأخير في التنصيب

في العقود الأولى من تأسيس الولايات المتحدة، استغرق تنصيب الرئيس الجديد وقتاً أطول.

على سبيل المثال، تم تنصيب أول رئيس للبلاد، جورج واشنطن، في نيسان/ أبريل، وذلك بسبب سوء الأحوال الجوية وتأخر المواصلات.

ب. حالات استثنائية

شهد التاريخ الأميركي أوقاتاً امتدت فيها الفترة الانتقالية لتصل إلى أربعة أشهر كاملة، مما أعاق التغيير السريع للسلطة وأدى إلى تعقيدات سياسية وإدارية.

هل يمكن تقصير المدة الانتقالية؟

على الرغم من أن التعديل العشرين ساعد في تقليص الفترة الانتقالية إلى حد كبير، فإن البعض يرى أن المدة الحالية، التي تتجاوز شهرين، لا تزال طويلة جداً مقارنةً بالدول الأخرى.

مقالات ذات صلة