الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالفرح في الزمن الصعب

الفرح في الزمن الصعب

هاشتاغ-نضال الخضري

كما “الحب في زمن الكوليرا” هناك فرح يمكن خلقه في الأزمنة التي تظهر بعد الحرب، وبنفس السياق الذي استطاع فيه الروائي غابريل غارسيا ماركيز إقناعنا بانتعاش قصة حب، فإننا نسير على مساحات تحاول التفكير بفرح عام يغير ولو للحظات من تعابير الوجوه التي تصدمك في أزقة المدن، فعبر عقد ونيف من السنوات شكلت الحرب هالة حول العيون، وصورت أجهزة الإعلام بطيفها الواسع أن الزمن لا يتيح لنا سوى مساحة الكآبة الناجمة عن الحرب.

الغريب أن “الذكاء الصنعي” له رأي آخر تماما، فعند سؤال منصة Bard التابعة لـgoogle عن سوريا، قدم جمل متلاحقة واللافت فيها بضع كلمات أساسية: ” يمكن اعتبار سوريا كمفهوم رمزا للأمل والصمود، حيث أظهر الشعب السوري على الرغم من الحرب الأهلية المستمرة شجاعة وتصميما كبيرين في نضاله من أجل السلام. كما أن سوريا تذكرنا بأهمية التسامح والتفاهم في عالم يتزايد انقسامه”، وهذا النص ليس من الإعلام الرسمي السوري، ويطرح معضلة فهمنا لأنفسنا.

مسألة الفرح مترابطة مع فهمنا لسوريا كمفهوم يحمل الأمل حسب منصة “Bard”، وبغض النظر عن المواقف تجاه قدرة الذكاء الصنعي عموما على إنتاج نص إشكالي، مثل الحديث عن سوريا، فإن التوقف عن الفرح يناقض مسألة “الأمل” التي يقترحها هذا “الذكاء” الذي يخلق ثورة في عالمنا، فهل بالفعل نحمل أملا كما تتوقع منصة “Bard”؟

ما يمكن ملاحظته هو قدرتنا على “المتابعة العادية” للحياة، وربما طاقة الشكوى المسجلة على منصات التواصل الاجتماعي، بينما اتجهت ثقافتنا منذ مراحل ما قبل الحرب إلى كسر الفرح العفوي، وتقدم الدراما أكثر ظاهرة في هذا الأمر عندما أصبحت الكوميديا “تطرفا” عن الواقع يجعلنا نضحك للأداء التمثيلي فقط، وربما تلاشت أكثر المشاهد الكوميدية قدرة على إسعادنا بعد أن أصبحت الطريقة الوحيدة لـ”الانتقاد السياسي”.

في مساحة القرى السورية هناك “بناء للفرح” كنا نشهده خلال “الأعراس”، على الرغم من مظاهر الفقر للعلاقات التي تبدو في شكلها المتصاعد ابتداء من دبكات الرجال وانتهاء بالولائم والهدايا، وعلى الرغم من أن الإرهاق الذي يرافق أعراس الريف، لكنها تبقى كسرا للمألوف قبل العودة لرتابة الأيام.

بينما في المدن فإن “التكثيف” هو طابع محاولات “بناء الفرح”، فيكفي يوم كي ينتهي الزفاف بصالة أو بفندق ضخم.

ربما لا يحتاج الفرح إلى عمليات “رسم وبناء”، ولكننا خرجنا عن مألوف الحياة عندما قررنا إيجاد “نكد” خاص داخل المزاج الاجتماعي، ربما لأننا لا نتخيل أن “الفرح” أبسط من أن يُعرف”، فهو قناعة بأن الحياة لا تسير بدونه، وأنه في طبيعية الأشياء حتى ولو ظهرت بشكل كارثي، وهو لا يمكن أن يتجلى بعرس ملكي أو حتى بفرح ولادة، إنما بحالة التجدد اليومي، وبمعرفة أن حدثا يحمل معه احتمالا مفرحا يظهر في أي تفصيل، وربما بقدرتنا على أن نكون “عشاق حياة”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة