هاشتاغ – يسرى ديب
شبّه الخبير الاقتصادي حسين القاضي الفساد بالسرطان الذين ينتشر بين خلايا الجسم، ويسبب ضعفه كما يتسبب الفساد بضعف التنمية الاقتصادية.
وقال القاضي في تصريحات لهاشتاغ، إن الفساد يسبب الفقر وتهريب الأموال للخارج، وحرمان المواطنين من المنافسة الشريفة والوقوف على قدم المساواة مع بعضهم.
أضاف القاضي أن التقرير الأخير لمنظمة الشفافية ومكافحة الفساد صنف سوريا والصومال في قائمة الدول الأكثر فساداً من حيث ضعف محاربة الفساد، في حين احتلت الإمارات ثم قطر فالسعودية مرتبة أفضل الدول العربية في محاربة الفساد.
وأشار القاضي إلى أن متوسط الدول العربية في مكافحة الفساد هو 34 بينما الوسطي العالمي43.
وبيّن الخبير الاقتصادي أن بقاء الفساد يؤدي لدمار المجتمع، وبقاء الدولة من دون بشر أو تكنولوجيا، لأن الناس تدرك أنه لا مستقبل لها في البلد.
استغلال المنصب
وقال القاضي إن تعريف الأمم المتحدة للفساد في عام 2004 ينص على أنه استغلال المنصب العام أو الخاص، لتحقيق مكاسب شخصية.
وأشار القاضي إلى أن هذه المكاسب قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، “فإذا كنت صاحب منصب عام، وسهلت لبعض معارفك أو أصدقاءك أو شركائك للحصول على فرصة في التجارة أو الصناعة، وحرمتها عن الآخرين فهذا فساد، لأن منصبك يفرض عليك أن تقدم النصح للآخرين للتغلب على الصعوبات، فوجود هذا الشخص أو ذاك في المكان العام هو لخدمة الآخرين وتقديم النصح والمساعدة لهم، ليتمكنوا من الاستثمار.”
ولفت القاضي إلى أن المنصب الذي لا يسمح شاغله بالاستثمار ولا يشجع الجميع عليه، هو فاسد كبير يساهم في ممارسته بطرق ملتوية وللبعض دون الآخر، لأن الاستثمار هو الرافعة للمجتمع، يؤمن فرص العمل، ويخفف من الاستيراد ويزيد التصدير، ويقوي العملة المحلية، ويخفض الأسعار، وبالتالي حرمان المجتمع من الاستثمار هو زيادة لعدد الفقراء وتخلف المجتمع وهجرة العقول.
ويشير القاضي إلى تعريف المنظمات الدولية للفساد بأنه خيانة للأمانة، وجريمة يرتكبها الشخص العام أو المنظمة التي تتمتع بإعطاء القرارات لصالح شخص أو منظمة أو شركة ويحرم الآخرين منها، فالفساد الكبير هو أن يتسبب بالخسارة للآخرين وللدولة والمال العام في سبيل بعض المصالح الخاصة.
منظومة فساد
القاضي لفت إلى أن الفساد لا يمكن أن يتم عن طريق شخص بمفرده، بل يحتاج الفاسد إلى شخص آخر يصمت عنه، وثالث يهيئ له حتى يصبح الأمر عبارة عن منظومة فساد تستغل المجتمع لمصالح أصحاب هذه المنظومة وغيرها.
وقال إن بعضها يستند لوظائف وآلية عمل وبيئات، تستطيع ممارسة الفساد بحلقات كاملة تخدم أغراض الفساد.
ويميز القاضي بين أنواع الفساد؛ فهناك الفساد المعرفي، وهذا يعني انتشار ثقافة الفساد، بحيث يصبح أبناء المجتمع يعرفون أنه لا يمكن حل أي مشكلة دون دفع رشى، وتصبح علاقات الفساد هي السائدة، حيث أن تفكير المواطن لحل مشكلاته وتدبر أموره هو عن طريق العلاقات الخاصة، وهذا فساد خطير يهدد المجتمع، خاصة إذا اعتاد عليه أولياء الأمر فيصبحون لا يفكرون بشيء آخر سوى مضاعفة تراكم ثرواتهم مهما تسببوا بدمار للمجتمع والدولة.
وأضاف: هنالك فساد صغير يتمثل في قبول الموظف بتقاضي رشوة، وهذا فساد ليس خطيرا لكنه يؤثر في بناء الفساد المعرفي ونشر ثقافة الفساد.
نشر الفساد
وقال القاضي إن المواطن الذي يرضى بتزوير أي نوع من الانتخابات يمارس الغش حتى لو لم يكن له مصلحة، كما الطالب الذي يعتمد على الغش في الامتحان، ويحصل على علامات، ويدفع رشى لكي ينجح، يساهم أيضاً في نشر ثقافة الفساد ويؤدي لتدمير المجتمع.
ويشير القاضي إلى أن الفساد قد يكون ماليا أو اقتصاديا أو أخلاقيا، لكنه يؤدي لنتيجة واحدة هي استغلال المنصب العام لخدمة مصالح خاصة دون مصلحة المجتمع والدولة. لذلك يجب العمل على مكافحته لأنه يعطل الحياة السياسية والاقتصادية.