توصل خبراء بعثة صندوق النقد الدولي في ختام مشاورات المادة الرابعة مع لبنان إلى أن الأزمة الاقتصادية غير المعالجة حتى الآن لا تزال تلقي بثقلها على سكان لبنان، فقد وصلت البطالة والفقر إلى مستويات مرتفعة بشكل استثنائي، وقد تعطل تقديم الخدمات العامة الحيوية بشدة في الوقت نفسه، لا يزال لبنان يعاني من استضافة أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان في العالم، وسط موارد محدودة.
تداعيات حرب غزة
ومن وجهة نظر خبراء البعثة فإن التداعيات السلبية الناجمة عن الحرب على غزة وتزايد القتال على الحدود الجنوبية للبنان تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الضعيف أساساً وقد نتج عن ذلك نزوح داخلي لعدد كبير من الأشخاص كما تسبب بأضرار في البنية التحتية والزراعة والتجارة في جنوب لبنان. إلى جانب تراجع السياحة، فإن المخاطر العالية المرتبطة بالصراع تخلق قدر كبير من عدم اليقين للآفاق الاقتصادية.
انجازات بسيطة
لقد تم إحراز بعض التقدم في الإصلاحات النقدية والمالية منذ مداولات المادة الرابعة الأخيرة وقد ساعدت تدابير السياسة التي اتخذتها وزارة المالية ومصرف لبنان بما في ذلك الإلغاء التدريجي للتمويل النقدي للموازنة، وإلغاء منصة صيرفة والسياسة المالية المتشددة، والخطوات نحو توحيد أسعار الصرف على احتواء تدهور سعر الصرف، واستقرار العرض النقدي وبدأت في الحد من الضغوط التضخمية
تحسين تعبئة الإيرادات
أدت التدابير التي اتخذتها وزارة المالية إلى تحسين تعبئة الإيرادات من ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية، من خلال تعديل سعر الدولار الجمركي حسب سعر الصرف في السوق، إلى تقريب العجز المالي المتوقع لعام 2023 من الصفر كما أتاحت الجهود المشتركة التي بذلها مصرف لبنان ووزارة المالية إلى تراكم بعض الاحتياطيات الأجنبية.
المطلوب تدابير إضافية
ومع ذلك، فإن هذه التدابير السياسية لا ترقى إلى ما هو مطلوب لتمكين التعافي من الأزمة لا تزال ودائع البنوك مجمدة، والقطاع المصرفي غير قادر على توفير الائتمان للاقتصاد، حيث لم تتمكن الحكومة والبرلمان من إيجاد حل للأزمة المصرفية.
إن معالجة خسائر البنوك مع حماية صغار المودعين إلى أقصى حد ممكن والحد من اللجوء إلى الموارد العامة الشحيحة بطريقة موثوقة ومجدية ماليا أمر لا غنى عنه لوضع الركيزة للتعافي الاقتصادي. وبدون إحراز تقدم، سيستمر الاقتصاد النقدي والاقتصاد غير النظامي في النمو، مما يثير مخاوف تنظيمية ورقابية كبيرة.