هاشتاغ- ناديا مبروك (القاهرة)
بعد ما يقرب من شهرين على أزمة نقص حادة بالأرز المصري عريض الحبة، ارتفع على إثرها سعر الأرز إلى 20 جنيه -0.82 دولار- للكيلو الواحد، أعلن اتحاد الصناعات المصري موعد انتهاء الأزمة منتصف الأسبوع الحالي، على لسان رئيس شعبة الأرز بالاتحاد رجب شحاتة.
وكانت الأسواق المصرية قد شهدت على مدار شهري تشرين الأول /أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، غيابا لسلعة الارز المصري، وهي الاأمة المستمرة حتى هذه اللحظات بحسب تصريحات رجب شحاتة لهاشتاغ.
وأكد شحاتة أنه بداية من يوم الاثنين والثلاثاء القادمين يستطيع المستهلك شراء أي كميات يرغبها من الأرز، وبأي حجم للعبوات، بعد أن تسببت الأزمة في اختفاء عبوات حجم 5 و10 و25 كيلو، كما تسببت في تقييد الكمية التي يستطيع المستهلك شراءها في سلاسل المتاجر بـ اثنين كيلو فقط.
وأثارت أزمة الأرز وارتفاع أسعاره في التوقيت الحالي، وهو موسم الحصاد، الجدل، لاسيما وأن المعتاد أن تنخفض الأسعار بداية من شهر أيلول/سبتمبر، حتى كانون الأول/ديسمبر، لتخلّص التجار من المخزون القديم استعداداً للمحصول الجديد.
موسم وفير الزراعة
بحسب تصريحات المهندس أيمن حسام المتحدث باسم جهاز حماية المستهلك، فإن مصر شهدت موسماً زراعياً جيداً للأرز هذا العام، حيث بلغ المحصول 6 مليون طن أرز شعير (قبل عملية التبييض ليصبح صالحاً للاستهلاك)، توفر 3 مليون طن أرز أبيض، تغطي احتياجات المستهلك المصري الذي يحتاج نحو 250 طن شهرياً.
إلا أن الازمة بدأت في آب/ أغسطس الماضي، قبل موسم حصاد الأرز مع بداية موسم توريد الأرز للحكومة الذي يبدأ في 25 من آب/أغسطس وحتى منتصف كانون الأول/ديسمبر، حيث ألزم القرار 109 لسنة 2022 الصادر عن وزارة التموين المصرية المزارعين بتوريد طن أرز شعير عن كل فدان، بسعر يتراوح بين 6600 – 6850 للطن حسب نوعية الأرز.
إلا أن هذا السعر بحسب المزارعين يعد أقل من تكلفة زراعة الطن، لاسيما مع رفع الدولة يدها عن دعم الزراعة منذ عقود.
القرار السابق ترافق مع قرار وزارة الصناعة والتجارة يقضي بحظر تصدير الأرز المصري، ويحدد سعره جبرياً بنحو 13 جنيه مصرياً، وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، جدد رئيس مجلس الوزراء المصري القرار بفرض التسعيرة الجبرية، بنحو 13 جنيه في المجمعات الاستهلاكية و15 جنيه في الأسواق.
قرار وزارة التموين وضع عددا من العقوبات على المزارعين الممتنعين، منها حرمانهم من زراعة الأرز العام المقبل، والحبس مدة تترواح من 6 شهور حتى عامين.
وكذلك تحصيل قيمة الطن بسعر 10 آلاف جنيه مصري، واستهدف القرار توفير 1.5 مليون طن لتأمين دعم استراتيجية تعزيز الأمن الغذائي من السلع الأساسية بتحقيق اكتفاء ذاتي وتأمين احتياجات بطاقات التموين من الأرز، إلا أنه رغم اقتراب انتهاء موسم التوريد لم تجمع وزارة التموين ثلث الكمية المستهدفة.
أزمة على السوشيال ميديا
عبر السوشيال ميديا، خرجت أزمة الأرز للعلن، مع شكاوى العديد من ربات البيوت اختفاء عدة أنواع من الأرز المعبأ، وارتفاع أسعار المتاح منه ليصل إلى 18 و20 جنيهاً مصرياً، وتصدرت وسوم “الأرز” #الحب_في _زمن_الرز، الصفحات المصرية على مواقع السوشيال ميديا، مما دفع مجلس الوزراء لنفي وجود أزمة أرز، أو اختفاء عدة أنواع من الأرز المعبأ.
إلا أن هذا النفي لم يصمد كثيراً، حيث اضطرت الحكومة لمواجهة الأزمة بإصدار عدة قرارات منها موافقة مجلس الوزراء المصري على مشروع قرار بشأن اعتبار سلعة “الأرز” سلعة استراتيجية ينطبق عليها حكم المادة (8) من قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم 181 لسنة 2018، ويحظر حبسها عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأي صورة أخرى.
و أمهلت وزارة التموين التجار أسبوعاً واحداً للإبلاغ عن الكميات المخزنة لديهم، ونوعها، كما حددت سعر الأرز المعبأ بنحو 18 جنيه للكيلو، فيما شنت مباحث التموين وجهاز حماية المستهلك حملات على الأسواق والمخازن، وقامت بمصادرة أي كميات أرز متاحة دون حيازة زراعية أو فواتير للبيع، بالإضافة إلى غرامات قد تصل إلى اثنين مليون جنيه لـ محتكري الأرز.
عبر السوشيال ميدياً أيضا نشأت سوق موازية لبيع الأرز بنحو ما يزيد عن 15 ألف جنيه للطن الواحد، استطاع “هاشتاغ” تفقدها، وبحسب هذا السوق فإن سعر الطن يختلف بداية من حجم العبوات، فكلما قلت سعة العبوة زاد سعر البيع، بالإضافة أيضا إلى نسبة الكسر التي كلما قلّت زاد سعر الطن.
الفلاح أو التاجر
من جانبه قال رجب شحاتة رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات المصري، أن أزمة الأرز ليس لها علاقة بالمضاربة، ولكن ناتجة عن امتناع الفلاحين عن توريد الأرز للدولة لاعتراضهم على سعر التوريد، مشيراً إلى أن الدولة استهدفت في البداية جمع مليون ونصف مليون طن في فترة التوريد، إلا أن الكمية التي تم جمعها قبل انفراج الأزمة تترواح بين 250 – 300 ألف طن.
وأوضح شحاتة أن سعر الأرز سيبدأ من 12.5 جنيه للسائب وحتى 16.5 للمعبأ، مطالباً الفلاحين بتوريد طن عن كل فدان لوزارة التموين ليتم بيعه على بطاقات التموين، بينما الأرز الحر سيتم بيعه بأسعار مختلفة عن سعر التوريد، مشيراً إلى عقوبات تصل لمائة ألف جنيه غرامة للفلاح الممتنع عن التوريد.
نقابة الفلاحين : لسنا مسؤولين
في المقابل نفى حسين عبد الرحمن نقيب الفلاحين المصريين مسؤولية الفلاح عن الأزمة، مضيفاً في تصريح لـ هاشتاغ “أن المطلوب من الفلاح توريده لا يزيد عن ربع المحصول، وليس كامل المحصول، كما أن الفلاح يحتاج بيع المحصول لسداد تكلفة الإنتاج وتحقيق ربح.
وأشار إلى أن العقوبات الناتجة عن عدم التوريد رادعة تشمل عدم صرف المبيدات والأسمدة لمدة عام، وعدم التصريح بزراعة الأرز العام المقبل بعد تحديد الدولة لمساحات زراعة الأرز.
وأكمل “على العكس فإن التجار يمكنهم تحمل تكلفة تخزين الأرز وهو سلعة في الأساس سهلة التخزين، مشدداً أن الأزمة كانت في رفض التجار للأسعار التي حددتها الحكومة، ولذلك قاموا بتخزين الكميات التي وردها لهم الفلاحين”.
وبلغت مساحة الأراضي المزروعة بالأرز لعام 2022، نحو 724 ألف و200 فدان بحسب قرار محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، رقم 32 لسنة 2022، بشأن الترخيص بزراعة الأرز لعام 2022 .
وتتوزع هذه المساحة على تسع محافظات هي الإسكندرية، البحيرة، الدقهلية، الشرقية، كفر الشيخ، الغربية، دمياط، الإسماعيلية، بورسعيد، وهي المحافظات التي تعاني ملوحة التربة لقربها من البحر، وتحتاج لزراعة الأرز لدورها في زراعة الأرض من الملوحة حتى لا تتعرض للتبوير.
وتحدد الدولة المساحات المزروعة بالأرز سنوياً بسبب أزمة سد النهضة، خاصة وأن الأرز من الزراعات كثيفة الاستهلاك للماء.