الأحد, أبريل 13, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالقرار الأمريكي تجاه سوريا

القرار الأمريكي تجاه سوريا

هاشتاغ – رأي مازن بلال 

 غيرت الولايات المتحدة طبيعة سمة البعثة الدبلوماسية السورية في نيويورك، وبحسب المصادر التي تناقلت الخبر فإن القرار الأمريكي لم يتم تأكيده أو نفيه، لكن التداول الإعلامي بمضمون هذا الاتجاه الجديد يشير إلى تصور واشنطن لمستقبل علاقتها مع دمشق، ويفتح احتمالات واسعة للمستقبل السياسي في شرقي المتوسط عموماً.

المقاربة الأمريكية تجاه سوريا حتى اللحظة تشبه إلى حد بعيد آلياتها السياسية تجاه طالبان، ولكن بخلاف ما كان يحدث في أفغانستان فإن سوريا تواجه شكلا دبلوماسيا غير مسبوق، فهناك اعتراف إقليمي بحكومتها، وانفتاح أوروبي محدود مقابل إصرار أمريكي على إحالة ملفها إلى الأمم المتحدة لتطبيق القرار 2245، وعلى الرغم من تبدل الظروف الخاصة بالقرار بعد رحيل سلطة البعث، لكن واشنطن ترى فيه المساحة التي يمكن فيها إيجاد تنوع سياسي في سوريا.

عمليا التصريحات الأمريكية كلها تجاه السلطة السورية الجديدة كانت حذرة، وهذا الأمر ليس موقفا سياسيا عابرا؛ بل ينقل اتجاه الدولة العميقة التي تملك تجربة طويلة مع الحكم في أفغانستان، ابتداء من رعايتها قيادات الفصائل التي حاربت السوفييت ووصولا إلى غزو أفغانستان بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، وإذا كان نموذج طالبان محصورا في جغرافيا خاصة فإن الوضع في سوريا مختلف نوعيا، وأي قرار أمريكي يأخذ بعين الاعتبار عاملين:

صراع المحاور على النفوذ في سوريا ابتداء من تركيا ومرورا بـ”إسرائيل” وانتهاء بالخليج العربي، وإذا كانت التوجهات الأولى للسلطة السورية الجديدة ذهبت باتجاه أنقرة بوصفها حليفا قديما، فإنها اليوم نقدم حالة أكثر اضطرابا؛ إذ إنها تنفتح على دول الخليج بينما تتجه لإتاحة وجود عسكري تركي في البادية السورية.

لا تحاول واشنطن ترك التوازن في سوريا لتجاذب النفوذ الإقليمي، فهناك تحركات “إسرائيلية، يصعب فصلها عن الرؤية الأمريكية، تحاول عرقلة أي نموذج جديد لتحالفات سوريا – تركيا، وفي المقابل فإن احتمال انفجار الوضع في سوريا سيفتح احتمالات كثيرة يصعب ضبطها خصوصا أن منظومة الشرق الأوسط انهارت كليا مع انحسار الدور الإيراني وانتهاء “محور المقاومة”.

العامل الثاني هو هشاشة الوضع السوري، فإذا كانت واشنطن قد تحركت لترتيب علاقة بين دمشق وقسد فإن هذا الأمر لا يعني سوى تبريد الأجواء لمنع مزيد من الاشتباكات، ولكسر حدة الارتباط بين أنقرة ودمشق.

المسألة الكردية هي عامل رئيس في تحجيم الدور التركي، وتقليل من جموح بعض الأطراف السورية تجاه تركيا، فالسلطة السياسية السورية الجديدة لم تبلور بعد توجهاتها الإقليمية، وهي لا تزال أسير صراع الأجنحة داخلها، وهذا الأمر يجعل توازنها مع الواقع الإقليمي صعب ومقلق بنظر الولايات المتحدة التي تبحث اليوم عن تقليص الصراع المحيط بـ”إسرائيل”.

 القرار الأمريكي إن صحت التقارير سيُعقِّد الوضع السوري، وسيجعل من الصعب استخدام الهامش السياسي العريض الذي يميز المراحل الانتقالية، وهذا يجعل الطريق نحو القرار 2245 أكثر سهولة، ولكن الوصول إلى توازن سوري داخلي لتنفيذ هذا الأمر ما زال صعبا.

مقالات ذات صلة