الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخباربيان المكتب الإعلامي للقيادة المركزية لحزب البعث… آنَ لأبي حنيفة أن يمدّ...

بيان المكتب الإعلامي للقيادة المركزية لحزب البعث… آنَ لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه

هاشتاغ-رأي-أيمن أحمد علوش

قرأت البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي للقيادة المركزيّة لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يردّ فيه على ما يجري تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي عن عمليات مراجعة وتدقيق في أملاك الحزب واستثماراته خلال فترة عمل القيادة المركزيّة السابقة، و تمنّيتُ لو أنّ المكتب الإعلامي لم يردّ، فصمته كان بالتأكيد أبلغ من هكذا ردّ.

وضع ردّ المكتب الإعلامي الحزب في مرمى النيران، اذ اعتبر ما نشرته مواقع التواصل الاجتماعي هو بهدف “النيل من سمعة الحزب والتطاول على مكانته ودوره المشرف في مختلف جوانب الحياة السورية”، فتناول مواضيع تخص فساد أشخاص لا يعني أبداً المؤسّسة التي آمنّا بها ونعلّق عيها آمالنا.

والبيان الذي أقرّ بقيام قيادة الحزب بهذه الإجراءات اعتبر أنّ ذلك “متعارف عليه دورياً فيما يخص سجلات الحزب وصرفياته المالية السنوية”، بل أنّه سحبه على “كافّة المؤسسات الحزبية والإدارية والاقتصادية والإعلامية، في سورية وغيرها من بلدان العالم”.

فهل أراد البيان أن يعتذر عن الاجراءات التي اتخذتها القيادة المركزيّة الحاليّة ويبرئ المتهمين ويلقي باللوم على من تناقل الخبر بغبطة وتداوله بدافع تعزيز الأمل بالعمل والإصلاح ومحاسبة كلّ من أساء من خلال موقعه للحزب وللمواطن السوريّ.

يطمئننا البيان بأنّ البعث “كمؤسسة عريضة وواسعة ومتجذرة في الحياة المجتمعية لن يكون بمنأى عن الأخطاء والتجاوزات الفردية،

ولكنه، مثل كلّ المؤسسات الوطنية أيضاً، ينطوي على سجل حافل بالإيجابيات والإنجازات المشرفة” ولكنّه يعود إلى إلقاء اللوم على من يسمّيهم بـ “بعض المشبوهين بالتشويش على تاريخه المضيء في خدمة شعبنا ووطننا وحزبنا”.

إنّها بالتأكيد ليست “تدابير روتينية معتادة” والاتهام بأنّ البعض يريد “تحويلها إلى فرصة رخيصة للنيل من سمعة الحزب والتطاول على مكانته ودوره المشرف في مختلف جوانب الحياة السورية” هو إخراج للموضوع عن مضمونه، فالمشكلة الحقيقيّة هي فيما إذا كان فعلاً هناك فساد واستغلال للمنصب أم لا، وأعتقد أن مصارحة الجهاز الحزبي بحجم الفساد ومحاسبة الفاسدين أو تبرأة المتهمين هو أهم انجاز يمكن أن يقدّمه الحزب على صعيده التنظيمي، وهو سيكون أيضاً ردّاً مفحماً على من أراد استغلال الخبر للإساءة للحزب.

يبحث الناس عن بصيص أمل، وهناك شبه إجماع أن الفساد هو أحد أهم العوائق في ترتيب البيت الداخلي وتحسين الظروف الحياتيّة للمواطن، ومن الطبيعي أن يتم تداول خبر يخص الفساد في القيادة المركزيّة باهتمام كبير نظراً لدورها في الترشيحات والتعيينات على مستوى القطر، وأعتقد أنه من غير المنصف اعتبار ذلك “استغلالاً دنيئاً يخفي وراءه نوايا غير نقية ومشكوك فيها”.

نعم، فطالما كانت محاربة الفساد مطلباً أساسيّاً من مطالب الرفاق في الجهاز الحزبي، فهم يعتبرون البعث أميناً على تطلعاتهم وأمانيهم، وهذا يقتضي أن لا تكون الجهات المشرفة على التحقيق من إرث من يطولهم الاتهام أو ممّن انتفعوا منه لكي لا تأتي نتائجه على قياسات ومصالح شخصيّة.

ما يحصل هو بالتأكيد ليس “ضجة مفتعلة” ولا “نية مسبقة للشخصنة”، وليست بهدف “التشفّي والنيل من الأشخاص” أو “الإساءة المقصودة لمؤسسة الحزب ككل” إنّها صرخة أمل وتجديد للثقة بأن اللجنة المركزيّة الحاليّة تقوم بدورها في تشخيص أمراض المرحلة الماضيّة ومحاسبة فاسديها بما يعزز ثقة البعثيين بحزبهم ويعزز من قدرتهم على أن يكونوا موجودين بشكل أقوى في نقاشاتهم وحواراتهم، وأعتقد أنّ مسؤوليّة البعثي الفاسد يجب أن تكون مضاعفة، فهي مسؤوليّة إداريّة ومسؤولية حزبيّة، وعقوبة الحزبي الفاسد يجب أن تكون مضاعفة.

ليس من السهل محاسبة فاسد، لأنّك قد تواجه مشكلة أنّ بعض من سيتولّون هذه المهمّة هم من صنع فساده، فهو بالتأكيد كان يتحسّب لهذا اليوم جيداً فبنى حوله جداراً مانعاً سواءً بالإفساد أو بالإقصاء.

أيمن أحمد علوش

* دكتوراه في السياسة الدوليّة
دبلوماسي سوري سابق

مقالات ذات صلة