يمكن أن تؤدي الكوارث الطبيعية، من الأعاصير والزلازل إلى حرائق الغابات والفيضانات إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وغالباً ما تترك المجتمعات في حالة خراب.
وبالرغم من عدم قدرتنا على السيطرة عليها أو التنبؤ بها بشكل كامل، إلا أنه يمكننا استخدام قوة التكنولوجيا والابتكار للتخفيف من تأثير هذه الكوارث.
وهنا يبرز الذكاء الاصطناعي بقدراته الرائعة، كأداة فعالة في الوقاية من الكوارث، والإنذار المبكر، وجهود الاستجابة.
وبفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، وتحليل الأنماط، والتنبؤ في الوقت الحقيقي، يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في نهجنا في الوقاية من الكوارث.
أنظمة الإنذار المبكر
أحد أهم جوانب الوقاية من الكوارث هو توفير الإنذارات المبكرة للفئات السكانية الضعيفة.
ويمكن للأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي معالجة البيانات من مصادر مختلفة.
بما في ذلك أجهزة استشعار الطقس والأقمار الصناعية ووسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن العلامات المبكرة للكوارث الوشيكة.
وعلى سبيل المثال في حالة الأعاصير، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الغلاف الجوي للتنبؤ بمسارها وشدتها بدقة.
التنبؤ بالنشاط الزلزالي
يمكن الآن فهم الزلازل والتنبؤ بها بشكل أفضل عبر استخدام الذكاء الاصطناعي.
ويمكن لنماذج التعلم الآلي تحليل البيانات الزلزالية التاريخية، ومراقبة الحركات الأرضية، واكتشاف التغيرات الطفيفة في قشرة الأرض لتوقع الأحداث الزلزالية.
وفي حين أنه ليس باستطاعتنا منع الزلازل، إلا أن الكشف المبكر يمكن أن يمنح الناس ثواني أو حتى دقائق ثمينة للاحتماء وتقليل الخسائر.
الوقاية من حرائق الغابات
تزايدت وتيرة حرائق الغابات وشدتها في السنوات الأخيرة بسبب تغير المناخ. ويمكن للأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن تلعب دوراً حيوياً في منع هذه الكوارث.
وعلى سبيل المثال تقوم الطائرات بدون طيار المجهزة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي بمراقبة الغابات
بحثاً عن علامات تشير إلى مصادر اشتعال محتملة، مثل ضربات البرق أو نيران المخيمات.
كذلك يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تحليل الظروف الجوية بهدف التنبؤ بانتشار الحرائق، ما يمكن رجال الإطفاء من وضع إستراتيجيات لجهودهم بشكل أكثر فعالية.
التنبؤ بالفيضانات وإدارتها
الفيضانات هي كارثة متكررة تؤثر على مناطق عديدة في جميع أنحاء العالم. ويمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي معالجة البيانات من خلال أجهزة قياس هطول الأمطار
ومستويات الأنهار وأجهزة استشعار رطوبة التربة، للتنبؤ بموعد ومكان حدوث الفيضانات.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تصميم بنية تحتية وتخطيط حضري أفضل للحد من مخاطر الفيضانات والأضرار.
كشف الانهيارات الأرضية
غالباً ما يتبع الانهيارات الأرضية هطول الأمطار الغزيرة أو الزلازل، الأمر الذي هدد المجتمعات الواقعة في المناطق الجبلية بشكل خطير.
ويمكن للتحليل الجغرافي القائم على الذكاء الاصطناعي اكتشاف المناطق المعرضة للانهيارات الأرضية وإصدار إنذارات مبكرة.
وتعتمد هذه الأنظمة على البيانات الواردة من الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار الأرضية وأحداث الانهيارات التاريخية لتحديد المواقع المعرضة للخطر.
التخفيف من آثار تغير المناخ
رغم أن الذكاء الاصطناعي ليس وسيلة وقائية مباشرة، إلا أنه يمكن أن يساعد في مكافحة السبب الجذري للعديد من الكوارث الطبيعية الناتجة عن تغير المناخ.
ويمكن لخوارزميات التعلم الآلي تحليل البيانات المناخية وتطوير استراتيجيات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
كما باستطاعته تحسين استخدام الطاقة، وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة، ودعم ممارسات الاستخدام المستدام للأراضي.
تنسيق الاستجابة للكوارث
يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تنسيق جهود الاستجابة للكوارث. ويمكن لروبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين
والأنظمة الآلية تبسيط الاتصال بين المستجيبين للطوارئ والوكالات الحكومية والسكان المتضررين.
كذلك يسمح تحليل البيانات في الوقت الفعلي للذكاء الاصطناعي بتقييم نطاق الكارثة وتخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة.
التحديات
في حين أن للذكاء الاصطناعي القدرة على تحسين استعدادنا واستجابتنا للكوارث الطبيعية بشكل كبير.
إلا أنه يطرح أيضاً العديد من القضايا المعقدة التي تحتاج إلى اهتمام دقيق.
ومن بين هذه القضايا خصوصية البيانات وأمنها، لأن الذكاء الاصطناعي يجمع البيانات من مصادر مختلفة.
بما في ذلك الأجهزة الشخصية وأجهزة الاستشعار، ما يثير مخاوف بشأن خصوصية البيانات وأمنها.
لذلك عند جمع البيانات من الأفراد، من الضروري التأكد من حماية خصوصيتهم عبر تصميم نماذج ذكاء اصطناعي معدة لإخفاء هوية البيانات لمنع تحديد هوية الأفراد.
وفي سياق متصل، يشكل الاعتماد المتزايد على البيانات للتنبؤ بالكوارث قلقاً بالغاً، لأن هناك خطراً متزايداً من الهجمات السيبرانية.
وقد يؤدي الهجوم على هذه الأنظمة إلى تحذيرات كاذبة أو معلومات خاطئة أخرى قد تكون كارثية.