خلال الشهور القليلة الماضية انتشرت على الإنترنت أخبار كثيرة مرعبة عن كوكب يدعى “نيبيرو” يقترب من الأرض وسوف يصطدم بها قريبا، مما يعني نهاية الحياة على سطحها تماما، فهل يمكن أن يكون ذلك حقيقيا؟
في الواقع، تلك الأخبار ليست جديدة، بل تتكرر كل عام في كانون الأول، وكانت في أوجها عام 2012، حيث فسر البعض مجموعة من نصوص حضارة المايا القديمة بأنها تشير إلى نهاية العالم في هذا العام بسبب اقتراب أحد الكواكب من الأرض، وهو ما سيتسبب في براكين وزلازل وأعاصير شديدة تنهي حياة البشر.
أحد مؤسسي تلك الفكرة يدعى زكريا سيتيشن، وهو كاتب أميركي من أصول روسية كان يرى أن الكائنات الفضائية هي من وضعت البشر على سطح الأرض، وقال: إن كوكبا يقترب من الأرض وقد يصطدم بها قريبا.
وفي الواقع، فإن كل تلك الأخبار المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن خرافات لا يوجد دليل واحد على صحتها.
وبحسب وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، فإن هناك عدة أسباب واضحة تجعلنا متأكدين تماما من ذلك.
وعلى سبيل المثال، إن اقتراب كوكب آخر من الأرض يعني أنه سيكون واضحا في السماء لفترة طويلة من الزمن، عدة شهور إلى سنوات، حيث من المفترض أن يتمكن أي شخص يمتلك تلسكوبا من ملاحظة تلك الظاهرة الغريبة بمجرد وصول الكوكب إلى مدار كوكب زحل مثلا.
وذلك يعني أنه كان من المفترض أن يرى في تلسكوبات هواة الفلك في العالم أجمع وليس الوكالات الفضائية فقط، فأي شخص يمتلك تلسكوبا متوسطا يمكنه ببساطة أن يلاحظ وجوده، وهناك عشرات الآلاف من هواة الفلك الذين يمتلكون تلسكوبات حول العالم كله، ومنهم كاتب هذا التقرير.
ومن جهة أخرى، فإن مرور كوكب كبير نسبيا بين الكواكب الأخرى كان سيؤثر بوضوح شديد في مداراتها، بحيث كان من الممكن للفلكيين وبعض هواة الفلك ملاحظة ذلك من مسافات بعيدة جدا، وبالتالي فإن “نيبيرو” ليس حتى ضمن الكواكب الثمانية للمجموعة الشمسية.
كما أن تلك الادعاءات بأن “نيبيرو” يتخذ مدارا حول الشمس مرة كل 3600 سنة لا يمكن أن تكون صحيحة، حيث إن وجود كوكب يخترق مدارات الكواكب الأخرى بهذا الشكل كان سيدفع المنظومة الكوكبية حول الشمس للانهيار منذ مليارات السنين، وبالتالي فإن هذا الكوكب غير موجود من الأساس.
ويحاول البعض أن يربط بين أسطورة “نيبيرو” وما نعرفه الآن باسم “الكوكب 9″، لكن الأخير هو جسم افتراضي يتوقع بعض العلماء وجوده في الإطار الخارجي للمجموعة الشمسية بسبب بعض الشذوذ في مدارات الأجرام ما بعد النبتونية.
لكن بفرض وجود “الكوكب 9” فإنه حينما يكون قريبا من الشمس يصبح على مسافة منها تساوي حوالي 4-5 مرات المسافة بين الشمس وكوكب نبتون نفسه، مما يعني أنه أبعد ما يكون عن الأرض ولا يمكن أن يتدخل في مدارات الكواكب.
وفي أوقات الهلع المجتمعي كتلك التي نعيش فيها الآن بسبب كورونا المستجد تنتشر الخرافات بين الناس بشكل كثيف، لأن الخوف يسمح لعقولنا بتقبل الأفكار قبل معالجتها بأي طريقة منطقية أو عقلانية، والترويج لتلك الأخبار الكاذبة من دون التأكد منها يرفع درجة الرعب لدى الناس ولا أحد في حاجة لذلك الآن، يكفيهم ما هم فيه.