هاشتاغ – إيفين دوبا
كانت مناطق شمال وشرقي سوريا من أول الأماكن التي ظهر فيها الكوليرا، بحسب تصریح منسق الأمم المتحدة المقیم ومنسق الشؤون الإنسانیة في سوریا عمران رضا، في 12 أيلول/ سبتمبر الماضي.
وقبل يومين حذّرت منظمة الصحة العالمية، من مغبة انتشار الكوليرا في سوريا، بالقول إن “خطر انتشار الكوليرا إلى محافظات أخرى مرتفع للغاية” كما نقلت وكالة فرانس برس.
وبدأ المرض في الانتشار بشكل أسرع في مناطق شمال شرقي سوريا. وارتفع منسوب القلق بعد تسجيل وزارة الصحة السورية 145 إصابة مثبتة بالكوليرا في دير الزور و63 في الحسكة و 29 في الرقة (شمال شرق). مع تصدّر حلب (شمال) لأعداد الإصابات الرسمية مع 519 حالة.
وتوفّي 43 شخصاً على الأقل، وفق آخر حصيلة رسمية. في وقت حذّرت منظمة أطباء بلا حدود العالمية من انتشار الكوليرا بين الفئات الأكثر ضعفاً ما يعرضهم لخطر جسيم، وذلك بعد وصول عدد حالات الإصابة المثبتة لأكثر من 13 ألف حالة في سوريا.
وركّز تقرير المنظمة الجمعة الماضي، على الوضع في شمال شرقي سوريا.
وقالت الأمم المتحدة هذا الشهر إنه يعتقد أن تفشي المرض مرتبط بري المحاصيل باستخدام مياه ملوثة وشرب مياه غير آمنة من نهر الفرات الذي يشطر سوريا من الشمال إلى الشرق.
وأفادت وزارة الصحة السورية، أمس السبت، بأنّ العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة بلغ 825 إصابة موزعة على 11 محافظة من إجمالي 14 في البلاد.
وسجّلت الوزارة 43 حالة وفاة، 36منها في حلب، و4 في الحسكة 4واثنين في دير الزور، وواحدة بدمشق.
وافدون ومُخالطة
وقال مدير صحة دير الزور الدكتور جمال الشعيبي إنّ أغلب الحالات المسجّلة في المحافظة كانت من مناطق خارج سيطرة الدولة السورية.
ولفت في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” إلى أنّ ما يُسجل في دير الزور من إصابات بالكوليرا إما هي قادمة من تلك المناطق أو مُخالطة لها. مؤكداً تخصيص مركز صحي لاستقبال الحالات المُصابة أو المُشتبهة بها، ورفده بالكوادر الصحيّة اللازمة.
وبحسب أحدث الإحصائيات الصادرة عن برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة في سوريا، في 13 من تشرين الأول/ أكتوبر، ارتفعت أعداد الإصابات بالكوليرا في مناطق شمال شرقي سوريا إلى 12068 إصابة، توفي منهم 24 شخص منذ بدء انتشار المرض هناك.
بينما وصلت أعداد الإصابات في ريف محافظة الحسكة، بمنطقتي تل أبيض ورأس العين، إلى 253 إصابة، وحالتي وفاة نتيجة الإصابة بالمرض.
كما وصلت أعداد الإصابات في شمال غربي سوريا إلى 1193 إصابة، وحالة وفاة واحدة.
أما في المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” فلا تضع الهيئة الصحية التابعة لها أرقاماً واضحة عن أعداد المصابين في مناطقها.
مياه غير موثوقة
وفي وقت سابق، أشارت وزارة الصحة السورية إلى أنه في معظم الحالات المكتشفة بالكوليرا والتي أدت إلى وفاة بعض المرضى أتت نتيجة أنه تقدموا إلى المؤسسات الطبية بعد فوات الأوان أو أنهم يعانون من أمراض مزمنة.
في حين بدأت منظمة أطباء بلا حدود بتقييم الوضع في الحسكة، بسبب أن ” المياه التي تأتي من الآبار بواسطة شاحنات يمكن أن تنقل عن غير قصد مياه ملوثة”.
واحتلت تركيا والفصائل المسلحة السورية الموالية لها، محطة علوك 6 كم شرق مدينة رأس العين، في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2019، مع تحكمها من الوارد المائي من المحطة التي تعد المصدر المائي الوحيد لإرواء نحو مليون مدني في الحسكة وريفها.
ومنذ ذلك الوقت، قطعت تركيا المياه لأكثر من 30 مرة عن الحسكة وريفها.
وسبق أن حذرت السلطات الصحية والرسمية والمنظمات الدولية العاملة في المحافظة، من خطورة انقطاع المياه على حياة السكان، ودور ذلك في ارتفاع احتمالية انتشار أوبئة وأمراض، نتيجة اضطرار السكان الاعتماد على مصادر مائية غير آمنة.
وقال مدير الصحة في الحسكة الدكتور عيسى خلف قال إنّ المديرية تعمل على رصد أي حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا مع تسجيل 63 إصابة رسمية في المحافظة.
وأكد في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” استقبال حالات مشتبهة عبر المراكز الصحية المنتشرة في عموم أرجاء المحافظة أو فرق الرصد والمسح الطبي في الأرياف.
عزل جغرافي
وقال مدير صحة الرقة الدكتور غياث الحمود في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” إنّ عدم وجود حركة مرور في المحافظة كان سبباً في الحد من انتشار الكوليرا.
ويتابع الحمود:” بسبب طبيعة المحافظة الجغرافية، وقلة الحركة، تمت السيطرة تم ضبط البؤر مباشرةً بما يشبه العزل الجغرافي”.
ويعيش 125 ألف نسمة بالريف الشرقي المحرر في المحافظة، لكن مع ندرة الوقود وغياب وسائل النقل العامة غاب الاختلاط بين أبناء المحافظة الواحدة وما حولها.
وأكد مدير صحة الرقة أن “انتشار الكوليرا في المحافظة في خواتيمها، مع مراجعة حوالي 20 حالة إصابة بإسهال غير نوعي يومياً للمراكز الصحية”.
وتعرف الكوليرا بأنها مرض بكتيري، وعادة ما تنتشر عن طريق الماء الملّوث، ويتسبب للمصابين بإسهال حاد وجفاف شديد، وإذا لم يتم علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال فترة قصيرة.
وتظهر الكوليرا عادة في مناطق سكنية تعاني شحاً في مياه الشرب أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي. وغالباً ما يكون سببها تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ويؤدي إلى الإصابة بإسهال وتقيؤ.
وتشهد سوريا أزمة مياه حادة وموجة جفاف، على وقع تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
وقبل أحدث تفش للكوليرا، تسببت أزمة المياه في زيادة أمراض مثل الإسهال وسوء التغذية والأمراض الجلدية في المنطقة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وبحسب تقرير لليونيسف يعتمد نحو نصف السكان على مصادر بديلة غالباً ما تكون غير آمنة لتلبية أو استكمال احتياجاتهم من المياه، بينما لا تتم معالجة 70 في المئة على الأقل من مياه الصرف الصحي.