هاشتاغ – إيفين دوبا
مع ارتفاع عدد المصابين بالكوليرا في سوريا باتت تتزايد وتيرة المخاوف، لا سيما بعد انتشار أنباء حول سقاية مشاريع الخضروات بمياه الصرف الصحي، في ظل حملات حكومية لإتلاف بعض المحاصيل.
ويقول مزارعون إن الحكومة كانت تعلم باضطرارهم للجوء إلى سقي محاصيلهم من مياه الصرف الصحي منذ أعوام، لكنها اليوم قررت معاقبتهم ومحاسبتهم بشكل مفاجئ.
ومني مزارعون بخسائر فادحة نتيجة إتلاف محاصيلهم، في حين اضطر آخرون لخفض أسعار منتجاتهم في الأسواق المحلية بهدف التخلص منها، وسط ارتفاع المخاوف من توقف عمليات التصدير.
في المقابل يفيد تقاطع شهادات أن بعض المزارعين يستمرون في سقاية المحاصيل من مياه الصرف الصحي تحت عيون السلطات.
يقول أحمد. غ وهو اسم مستعار لمزارع من دوما بريف دمشق،لـ”هاشتاغ”، إنّ معظم المحاصيل الزراعية في مناطق الغوطة الشرقية والغربية تسقى بمياه الصرف الصحي.
ويعيد المزارع السبب إلى غياب الخدمات والبنى التحتية للحياة أو العمل فيها رغم السماح بعودة الأهالي إلى تلك المناطق.
ويلجأ المزارعون إلى مياه الصرف بسبب انقطاع المياه النظيفة ما يضطرهم المزارعين إلى السقاية من الصرف الصحي “بموافقة غير رسمية من بلديات تلك المناطق وتحت أعينها”.
أيهم مزارع آخر يروي لـ”هاشتاغ” أنّ غالبية المزارعين أنهوا قطاف ثلثين من منتجات الموسم الصيفي وأصبحت في الأسواق.
ويضيف بتهكم: “صحوة وزارة الزراعة متأخرة وليست كافية والناس استهلكت كل أنواع المزروعات الصيفية بطعم الصرف الصحي”.
ويقول: ” شحّ الأمطار وتراجع منسوب المياه، دفع بعض المزارعين للسقاية بمياه ملوثة، بل ثمّة تسابق على شراء مياه الصرف الصحي من البلديات”.
السوق المحلية والتصدير
ويتوقع خبراء اقتصاد أنّ انتشار الكوليرا سيؤثر على المزارعين السوريين ويزيد خسائرهم، بعد تراجع الاستهلاك المحلي.
عضو لجنة تجار ومصدري الخضراوات والفواكه بدمشق أسامة قزيز أكد لـ”هاشتاغ” أنّ الطلب المحلي على الخضراوات الورقية انخفض بنسبة تقارب ثلاثين في المئة.
ويقول: “تجار المفرق يشترون الخضراوات الورقية حالياً بكميات قليلة ونسبة كبيرة منهم لم يعودوا يشترون أبداً. خاصةً أنّ نسبة كبيرة من المواطنين لا يشترونها خوفاً من إصابتهم بالكوليرا”.
وأشار قزيز إلى أن أصحاب المطاعم أعادوا الكميات الموجودة لديهم من الخضراوات الورقية إلى تجار سوق الهال، بعد صدور تعميم من وزارة الصحة منعت بموجبه تقديم كافة أنواع الخضار الورقية ضمن وجباتها.
في حين لم يتأثّر تصدير الخضراوات الورقية بالتعميم لعدم منع تصديرها حسب قوله حتى الآن.
وأوضح “قزيز” أن الكميات التي تصدر إلى الخارج تعد قليلة جداً وتذهب إلى دول الخليج، ويشكل الملفوف والجزر النسبة الأكبر منها.
في غضون ذلك سارعت السلطات الأردنية لإدارة الحدود، إلى إصدار تعليمات بعدم إدخال المواد الغذائية غير المعلبة القادمة من سوريا.
وقال مستشار رئيس الوزراء الأردني لشؤون الأوبئة، عادل البلبيسي إن القرار يأتي في إطار جهود منع دخول الكوليرا للمملكة بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية.
وتوقّع عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه محمد العقاد في تصريحه لـ”هاشتاغ” أن يؤدي القرار الأردني إلى تخفيض نسب التصدير إلى دول الخليج لأنّ الأردن أرض عبور للمنتجات التصديرية السورية ولا تستورد منها إلّا القليل مثل “الثوم والطماطم”.
صحوة بعد السقاية
ويزيد سقاية الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي من احتمال وجود فيروس الكوليرا ضمن المنتجات الزراعية، خاصة الورقيات مثل (البقدونس، الخس، السبانخ، ملفوف وحتى الجزر والبطاطا).
وتتحدث مصادر طبية عن أن “سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي أو بمياه ملوثة له تأثيرات صحية سلبية على صحة السكان”.
وتتغذى تلك المزروعات على البكتيريا والطفيليات وتسبب أمراضاً وسرطانات وأوبئة ومنها الكوليرا التي عادت اليوم للظهور من جديد.
وتؤكد المصادر أن “مكافحة الكوليرا تحتاج إلى القضاء على ظاهرة السقاية تلك وتعقيم مستمر لمياه الشرب الرئيسية، وليس فقط حراثة المزروعات وتركها في التربة”.
وتقول مصادر طبية إنه كان الأجدر بالسلطات السورية التوجه إلى معالجة مشكلات الصرف الصحي وأقنيته التي يسقي منها المزارع بدلاً من حراثة التربة واقتلاع المزورعات.
ويقول مدير زراعة ريف دمشق عرفان زيادة إنه تم اتخاذ “إجراءات صارمة وتوعوية لمنع سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي في المحافظة”.
ولفت المسؤول السوري إلى أن المديرية تقوم باقتلاع كافة المزروعات التي يثبت ريها بهذه المياه وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين.
وأشار إلى أن المساحة الإجمالية المفلوحة منذ بداية العام بلغت حوالي 800 دونم وتم تنظيم 100ضبط بحق المخالفين.
وشمل الإتلاف الزراعات المضبوطة من الخضار الصيفية مناطق مختلفة في كل من قطنا ودوما وحران العواميد والغوطة والكسوة وداريا ودمشق والقطيفة والنبك والتل.
ونوّه “زيادة” إلى ضرورة إيجاد حلول سريعة لإبعاد مياه الصرف الصحي عن مجاري الأنهار والينابيع حتى لا تكون بمتناول المزراعين، وكذلك إنشاء محطات معالجة مكانية للمياه الآمنة كحلّ إسعافي مثل محطة الزبداني ودير عطية وغيرها.
تحذيرات
والجمعة الفائت حذّرت منظمة الصحة العالمية من خطورة الوضع الصحي في سوريا بعد تفشي الكوليرا في عشر محافظات سورية، وانتشارها في جميع أنحاء البلاد.
وقال رئيس فريق مكافحة الكوليرا في المنظمة، فيليب باربوزا: “الوضع في المحافظات المتضررة يتطور بوتيرة مقلقة، وينتشر إلى مناطق أخرى جديدة”.
وأوضح باربوزا، أنّ متوسط معدل الوفيات في العالم حتى الآن في العام الحالي، ارتفع إلى ثلاثة أضعاف تقريباً، مقارنةً بالمتوسط في خمس سنوات.
وبلغ ثلاثة في المئة بإفريقيا. بينما بلغ معدل الوفيات الحالي في سوريا تسعة في المئة بحسب تقرير للمنظمة الدولية للصليب الأحمر يوم الخميس الماضي.
وتقول وزارة الصحة السورية، إن السبب الأول للوفيات يعود إلى التأخر في طلب المشورة الطبية المبكرة ولا سيما الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
ودعت السكان لإتباع خطوات حماية منها “غسل الفواكه والخضار بشكل جيد، وعدم شرب أو تناول أي شيء مجهول المصدر أو يشكّ بسلامته”.
ووصلت أعداد الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض الكوليرا في سوريا، حتى الخميس الفائت 29 من أيلول/ سبتمبر، إلى 51 حالة وفاة.
وأحصى برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة في أحدث إحصائياته الخميس الماضي، ازدياد حالات الإصابة بالكوليرا في شمال غربي سوريا، إلى 160 إصابة، دون أن تسجل أي حالة وفاة في المنطقة بسبب الكوليرا.
بينما سجلت في ريف محافظة الحسكة في منطقتي تل أبيض ورأس العين 69 إصابة بالمرض، دون تسجيل أي حالات وفاة.
وفي شمال شرقي سوريا، وصلت أعداد الإصابات بالكوليرا إلى 5672 إصابة، توفي منهم 18 شخصاً منذ بدء التفشي في المنطقة.