الخميس, نوفمبر 7, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمراللا قرار" وصناعة "الفوضى"

اللا قرار” وصناعة “الفوضى”

رأي – أيهم أسد

تعتبر عملية صنع القرار أكثر العمليات العلمية والمنطقية والتشاركية والتي يتم إنجازها عبر مراحل متعددة متتابعة ومتماسكة، وتعتمد تلك العملية على مزيج مركب من عمق التحليل العلمي للمعلومات المتاحة حول المشكلة، وتراكم الخبرات المعرفية حول ظروف المشكلة، ومدى التطور المؤسساتي للجهة صانعة القرار.

والمعروف أن نهاية كل عملية صنع قرار هي مرحلة “اتخاذ القرار” مضافاً إليها مرحلة تتبع أثر ذلك  وإعادة تقييم نتائجه والاستفادة منها.

فصنع القرار، من ناحية أولى، يمكن أن يكون عملية منظمة لمواجهة مشكلات طارئة يمكن بواسطتها اتخاذ قرار بخصوص تلك المشكلات، إما من أجل حلها بشكل نهائي، أو من أجل التخفيف من حدة نتائجها أياً كانت تلك النتائج اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية.

لكن بشكل أكثر عمقاً، فإن صنع القرار ليس عملية ظرفية وليدة الحاجة الراهنة بقدر ما هو مسار تنبؤي ممنهج يتوقع حدوث مشكلات طارئة، ويضع سيناريوهات لمواجهتها، ولديه احتمالات حلول واسعة لها، وخاصة إذا كانت تلك المشكلات تتسم بخاصيتين أساسيتين هما:

خاصية التاريخية: أي أن المشكلة مزمنة ولم يتم حلها عبر الزمن، وتراكمت ووصلت إلى مرحلة حرجة لا بد من حلها لأنه لا يمكن الإبقاء عليها كما هي أكثر من هذا الحد الحرج.

خاصية التكرار: أي أن المشكلة تتكرر بشكل دوري سنوي أو كل عدة سنوات لأسباب مختلفة، لكنها تتكرر في النهاية دون أن يتم اتخاذ قرار ووضع حل لمنع حدوث تكرارها.

وبالتالي لا بد للمؤسسات صانعة القرار في حال كان لديها معرفة بطبيعة مشكلاتها أو تتوقع حدوث مشكلات في نطاق عملها أن يكون لديها منهجية متكاملة لصنع القرار لا أن تقف حائرةً ومتعثرةً أمام أي مشكلة تواجهها وعليها اتخاذ قرار بشأنها، علماً أن “عدم اتخاذ قرار” هو قرار بحد ذاته.

والآن، ماذا لو أسقطنا هذه الأفكار على بعض مشكلات الاقتصاد السوري التاريخية والتي تحتاج إلى قرار ومنها:
مشكلة الدعم الاجتماعي وإعادة توزيعه بين المواطنين، مشكلة إصلاح القطاع العام الاقتصادي وكيف يمكن ذلك، مشكلة التهرب الضريبي وكيفية تحصيل حق المواطن والدولة، مشكلة الفساد وكيفية وضع حد لنتائجه التدميرية على الاقتصاد والمجتمع،
مشكلة الشفافية وفجوة الثقة الكبيرة بين المواطن وحكومته،مشكلات إعادة إعمار ما دمرته الحرب..

أليس عدم حل تلك المشكلات وغيرها الكثير من المشكلات المتراكمة يشير إلى وجود أزمة حقيقية في عملية صنع القرار؟
أليس ما يحدث هو أشبه بحالة صناعة “اللا قرار”؟ أو حالة تعطيل اتخاذ القرار؟
ألا تعني حالة “اللا قرار” في أبسط صورها مجرد صناعة “الفوضى؟!

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة